انتقادات لاذعة للدبلوماسية الأردنية في متابعة سجنائها في الخارج

انتقادات لاذعة للدبلوماسية الأردنية في متابعة سجنائها في الخارج
الرابط المختصر

لا تجتمع السيدة ماجدة البيطار ووالدة هاني ووفاء عبيدات المعتقلين في سورية، في تفاصيل حياتهما الشخصية، لكنهما ، تجتمعان في فقدان أولادهن في منافي الاعتقالات. الأولى ذهب أبنها أمجد للدراسة في العراق ولم يعد، والثانية ذهب ابناها إلى سورية ولم يعودا أبداً.

لكن ماجدة تستبشر خيرا بقرب الإفراج عنه، وتقول "وأخيرا وبعد سنوات قد يفرج عنه"، تدرك بنفس الوقت أن الإفراج عنه جاء نتيجة إصابته بالتهاب الكبد الوبائي، الأمر الذي يجعلها تحزن لاستقباله في المستشفى في القريب العاجل بدلا من بيته."تعبت أقدامي من كثرت زياراتي لجميع الجهات لأجد خيطا أمسكه يوصلني لأمجد"، تقول ماجدة.

8 سنوات كانت كافية لانتظار أم أمجد ابنها، وقد وجهت رسائل مفتوحة للمنظمات والهيئات والجمعيات المعنية في الوطن العربي والعالم للعمل على فك أسر المواطنين الأردنيين ليعودوا إلى أسرهم، والدعوات متتالية لتشكيل لجنة وطنية لدراسة أوضاع المعتقلين الأردنيين في الخارج، للتأكد من تقديمهم لمحاكمة عاد.

"لم يعد في مخزوننا صبر" تقول والدة وفاء وهاني، تلك السيدة الستينية المكلومة على 25 عاما من غياب قسري لأولادها الذين ذهبا للدراسة في جامعة دمشق، ولم يعدا أبدا.

منذ العام 1986 ووالدة وفاء وهاني، استثمرت كل ما يمكن استثماره، حتى أن عائلتها مكونة من أربعة أبناء آخرين، صرفوا كل ما يملكونه على محامين وأناس تصلهم بأبنائهم. منذ تاريخ السابع عشر من تشرين أول العام 1986 ولغاية اللحظة ووالدة وفاء وهاني لا تستطيع احتساب تلك السنوات "سنين مضت، وأنا أشعر أنها بالأمس اختفت وفاء وقبلها هاني".

حاليا، ناهز هاني ووفاء الأربعين من السنوات، هما بعيدان عن العالم، يقبعان بين الجدران، تتمنى والدتهما أن يعودا لها، وترفض فكرة أن يكونا قد توفيا وتتجاوز مطالبات الناس بإصدار شهادات وفاة.

الحكاية لا تختصر على تلك السيدتين، فأجواء الحزن طغت على مظاهر أي فرح لدى عائلة المعتقلة في السجون الإسرائيلية أحلام التميمي. "ما معنى فراق بين شقيقين منذ 8 سنوات"، تقول شقيقتها فتحية.

إبراهيم المحارمة، ومن سجنه في السعودية تحدث لنا عبر موبايل يتنقل بين السجناء، طالب الحكومة الأردنية بإخراجه من السجن، وهو الذي حوكم على قضية الاشتباه بتجارة المخدرات معتبرا أنه بريء منها، وكذلك تحدث لنا محمد الصيدلاني وقال أن السلطات في السعودية اعتبروا أن صرفه لحبوب مهدئة اتجارا بالمخدرات. معتبرين أن سجنهم منذ 5 سنوات في السجون لا يجد ما يبرره سوى إهمال حكومتهم بملفهم.

 النائب السابق لطفي الديرباني، ورئيس لجنة أهالي المعتقلين الأردنيين في العراق، يعتبر أن الخارجية الأردنية فشلت في متابعة قضية أبنائها في سجون الدول المختلفة، وقال: "آخر اجتماع جرى مع مسؤولين عراقيين قبل فترة وجيزة خلت أجندة الاجتماع من قضية المعتقلين".

حاولنا مرارا التواصل مع الخارجية الأردنية إلا أنهم أكدوا ومن خلال موظفين أنهم غير معنيين بالتصريح أو حتى بالتلميح فيما يتعلق بمتابعتهم لملف المعتقلين الأردنيين في الخارج معتبرين أن الحديث عنها إعلاميا له أضرار على القضية والمفاوضات.

 المنظمة العربية لحقوق الإنسان ترسل ما معدله 90 مذكرة إلى الخارجية الأردنية لأجل متابعة معتقلين أو ترسل تساؤلات، غير أنها وعلى كثرتها، لا تؤثر لدى المعنيين في الخارجية، على ما يقوله رئيس المنظمة هاني الدحلة، وأضاف ساخرا "لو جمعنا 90 مذكرة على مدى 20 عاما من عملنا في الأردن لوصلت إلى ما ينوف الألفي مذكرة لم يجب عليها أبدا".

تعددت السجون والهوية واحدة “أردني”، معتقلون يقبعون في سجون السعودية وسورية والعراق وإسرائيل، أعدادهم بالمئات ومرشحة بالازدياد على ما يتوقعه ناشطون يدينون الصمت الرسمي، ويطالبون الدبلوماسية الأردنية بحراك يوازي اهتمام دول بمعتقليها.

المعتقلون الأردنيون في السجون العراقية، يتجاوزون العدد 46 معتقلا، أما السعودية فعددهم يراوح 250 معتقلا، وفي سورية كذلك 250 معتقلا، أما في إسرائيل فيزيدون عن الـ35 معتقلا، وفي سجون الولايات المتحدة الأمريكية 8 معتقلين، وإيران 5 معتقلين.

المنظمة العربية وفي آخر تقرير لها، وثقت شهادات عن معتقلين سابقين وعن طريق نشطاء في دول مختلفة بأن المعتقلين الأردنيين في العراق "يتعرضون للضرب والتعذيب الممنهج".

لطفي الديرباني، هاجم الخارجية الأردنية واعتبرها "مقصرة جدا" في متابعة ملف الأردنيين المعتقلين في الخارج، طالبا منهم إلى أخذ إيران أنموذجا في تعاطيها مع معتقليها في العراق حيث ترسل أسبوعيا فرقا للكشف عن سجنائها وتتطلع على أوضاعهم وتتابعها باستمرار.

"الحكومة هي المسؤولة وتتقاضى الضرائب وتجبي الرسوم وتستقبل المعونات، فلا يجوز هذا الإهمال"، يقول الدحلة.

بحسب المنظمة العربية، فقد أبلغهم السفير العراقي في الأردن بأن السفارة العراقية خاطبت ولأكثر من مرة وزارة الخارجية، من أجل تنفيذ اتفاقية الرياض ولكن لم تتلق السفارة أي رد من قبل الحكومة أو الخارجية، مبديا السفير استعداد بلاده لتنظيم زيارة لذوي المعتقلين في السجون العراقية، لكن تتعذر الزيارة لعدم توفر الحماية اللازمة.