انتخابات 2020... ما هو المميز؟

أكاد أجزم بأن انتخابات مجلس النواب التاسع عشر، والمزمع اجراؤها – حسب التصريح الملكي – صيف هذا العام، ستكون الثانية في الاهمية في التاريخ السياسي الاردني كله، بعد انتخابات العام 1956 والتي نتج عنها الحكومة البرلمانية الوحيدة في التاريخ الاردني، ولكن بشرطين اثنين في غاية الاهمية. أولهما: ضمانة سياسية كبرى، تنهي مرة واحدة والى الابد التدخلات غير المبررة من قبل بعض مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الاجهزة الامنية المختلفة، كون جميع المرشحين هم مواطنون اردنيون يمارسون حقهم الدستوري في الترشح، وتحت مظلة واشتراطات قانون الانتخاب. وثانيهما: أن تمارس الهيئة المستقلة للانتخاب سلطتها كاملة، وان لا تتوانى ولا تتردد بتطبيق صلاحياتها بتحويل أية مخالفة انتخابية للقضاء، مهما كان "وزن" المرشح المخالف.

هذان الشرطان، سيساهمان في حال تطبيقهما برفع منسوب الثقة المتدني بالعملية الانتخابية وبمخرجاتها، وبالتالي سيرفع من نسب المشاركة في الاقتراع، مما سيؤثر تلقائيا بنوعية مخرجات الصناديق.

أما لماذا ستكون انتخابات 2020 فريدة من نوعها؟ فإن المتتبع للنشاط الانتخابي سيلاحظ مؤشرات فرادة وتميز هذه الدورة الانتخابية من مؤشرات عديدة، أهمها على الاطلاق محاولات العديد من رموز السلطة والنيابة تشكيل تحالفات عابرة للدوائر والمحافظات والجغرافيا الاردنية، في محاولات جادة وشبه جادة لتشكيل تحالفات ما بعد النتائج مبكرا جدا.

هذا النشاط غير المسبوق بدأ مبكرا جدا وبشكل استثنائي، سبق انعقاد الدورة البرلمانية العادية الاخيرة، منذ نهايات العام المنصرم، مما قد يؤشر الى التقاطة – ربما – لتوجه ملكي بأن تكون الحكومة الاولى في عهد المجلس القادم هي الخطوة الاولى – بشكل او بآخر – نحو ترسيخ مبدأ "الحكومات البرلمانية" المنتظر..!!.

كتل انتخابية تتشكل في الدوائرالانتخابية ال 23، وربما تكون تحت نفس الاسم والشعارات الانتخابية والشكل و "اللوغو"، ستخوض غمار الانتخابات تحت لواء مشروع يقوده رئيس مجلس النواب الحالي، الذي كما هو مرجح لن يترشح شخصيا، ربما لقيادة أو لعب دور مهم وبارز في حكومة المجلس التاسع عشر، بعد أن حسم جلالة الملك عدم الجمع بين النيابة والوزارة.. وربما نشهد انضواء شخصيات وطنية ونيابية بشكل "صادم" تحت لواء هذا المشروع!!.

تيار الميثاق الوطني – وإن خفت نشاطه بشكل مفاجىء – أتوقع له العودة القوية في محاولته تشكيل كتله أينما تيسر في الدوائر الانتخابية وتحت قيادة خماسية تؤشر بشكل او بآخر الى "مرجعيته" تتمثل في (معالي نايف القاضي، النائب المخضرم أحمد الصفدي، العين صخر دودين، ناديا عبد الرؤوف الروابدة، معالي خولة العرموطي).

التيار المدني الديمقراطي أيضا، وبعد التعطل او "التعطيل" في مشروع حزبه "حزب التحالف المدني"، يحاول أيضا، وبمسارات مختلفة توحيد جهوده في محاولة لتشكيل وخلق كتل انتخابية أينما أمكن له ذلك، على أمل ان لا تصطدم مساراته المختلفة في نفس الدوائر الانتخابية!!

بقي أن نشير الى ان "التحالف الوطني للاصلاح" بقيادة حزب جبهة العمل الاسلامي، سيعمل على توسعة نطاق تحالفه أفقيا وعاموديا، على أمل ان يزيد حصته من "الكعكة النيابية"، وعلى مبدأ "المشاركة وليس المغالبة".

الملفت للانتباه، بأن الاحزاب والقوى الايديولوجية التاريخية، تكاد تختفي – حتى الان – عن كل هذا المشهد الانتخابي الساخن، وكأن الامر لا يعنيها!! علما بأنني أكاد أجزم، بأن من لم يكن منضويا تحت تيار عريض، لن يكون له أي تأثير في المشهد السياسي العام، ما بعد إعلان نتائج انتخابات 2020.

كل المؤشرات تقول بأن المشهد السياسي الوطني، وبأن الادوات السياسية، سيصيبها تغيير كبير – ربما – في خريف 2020، وبأننا سنبدأ بذكر هذا العام على أنه بداية لمرحلة جديدة، ولكن وطبعا بالعودة الى الشرطين المذكورين في بداية هذا المقال.

 

أضف تعليقك