انتحار بائع البسطة ..صراع مع لقمة العيش



لم يكن يعلم أنس جمرة أن الضغوطات التي تعرض لها خلال عمله كبائع متجول في شوارع محافظة اربد، ستدفعه إلى إنهاء حياته بنفسه، بعد مصادرة كوادر البلدية لبسطته التي كان يعتبرها مصدرا لعيشه، ومن يعيلهم من عائلته.

فبعد فقدانه الأمل وعجز الحكومة عن تأمين حقه بالعمل، أقدم جمرة على الانتحار في منزله شنقا، لينهي معه رحلة المعاناة، وصراعه في توفير لقمة العيش لأبنائه.

ويرجع أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، التفكير الانتحاري الى تردي الاوضاع الاقتصادية من فقر وبطالة قد تصل بالإنسان إلى هذا التفكير باعتبارها أسباب قاهرة.

ويشير الخزاعي إلى أن عدم القدرة على توفير ابسط مستلزمات الحياة وفقدان البعض لمهنتهم، قد يصبحوا اشخاصا مضطربين نفسيا، ويعزلون أنفسهم عن المجتمع، ومن ثم يقبلون على الانتحار.

وصلت حالات الانتحار التام الى 142 حالة خلال عام 2018، وبنسبة ارتفاع بلغت 9.2% مقارنة مع عام 2017، بحسب تقرير لدائرة الاحصاءات العامة الذي يظهر أن حالات الانتحار بزيادة مستمرة.

فيما تشير دراسة أعدها باحثون سويسريون ان البطالة تتسبب في نحو 45 ألف حالة انتحار سنويا في 63 بلدا حول العالم.

ويوضح ذات التقرير أن الأسباب الاقتصادية كانت سببا في تفجر ثورات الربيع العربي، بعد أن أحرق التونسي محمد البوعزيزي نفسه في سيدي بوزيد، وتبعه عدد من الشباب في عدد من البلدان العربية، بسبب البطالة والأحوال المعيشية السيئة، بينهم شاب في قطاع غزة، في عام 2012.

 

مكافحة البسطات وإزالتها ليس أمرا جديدا، فعلى مدار السنوات الماضية وأمانة عمان والبلديات تقوم بمكافحتها باعتبارها قطاع غير مرخص، وتؤثر سلبا على أصحاب المحلات التجارية التي تقوم بدفع الإيجارات ورسوم جمركية لبضائعها، بالاضافة الى انها ظاهرة غير حضارية تسبب إعاقة للمارة.

ومع ذلك فهناك العديد من العاطلين عن العمل يجدون هذه المهنة مصدرا لرزقهم، إلا أنهم يواجهون العديد من التحديات جراء مكافحة هذه المهنة من قبل الحكومة.

وبعد وفاة جمرة وجه رئيس الوزراء عمر الرزاز جميع البلديات، الى استحداث أسواق مجانية بأسعار رمزية لأصحاب البسطات تمكن البائعين من العمل دون اغلاق الشوارع وممرات المشاة من الخزينة، في حال لم تتوفر أراض تابعة للبلدية. 

وأعرب رئيس بلدية إربد الكبرى المهندس حسين بني هاني عن شكره لتوجيه رئيس الوزراء عمر الرزاز بالمساهمة بتخصيص أماكن لإنشاء أسواق للباعة المتجولين والبسطات، مشيرا إلى عدم قدرة البلدية لاستئجار مثل هذه الأماكن خاصة في الوسط التجاري.

الا ان الخزاعي يعتبر ان هذا الاجراء يعد متأخرا، مشددا على ضرورة معالجة ملف البطالة والفقر بحيث يكون ضمن أولويات الحكومة، محذرا من تكرار هذه الحوادث.

ويظهر استطلاع للرأي أعده مركز الدراسات في الجامعة الأردنية مؤخرا أن أبرز المشكلات التي تواجه الأردن وهي مشكلة البطالة بنسبة 36%، يليها الفقر 15%، ومن ثم الوضع الاقتصادي السيء بصفة عامة 14%، وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة 13%.

وبحسب تقديرات دائرة الإحصاءات العامة تجاوزت نسبة البطالة الى مستويات غير مسبوقة حيث بلغت 19.2% خلال الربع الثاني من العام الماضي.

 

 

 

أضف تعليقك