امتيازات...وتأشيرات حج... للنواب بغطاء حكومي
في كل سنة، ومع قرب موسم الحج يغص مكتب وزير الأوقاف والمقدسات الإسلامية-مهما كان من يحتله-
بالنواب المطالبين بتوفير أكبر قدر من تأشيرات حج خاصة خصصت لهم بنظام كوتا دون غيرهم من المواطنين الذين يدفعون بدل هذه التأشيرات من أموالهم الخاصة.
إضافة إلى التأشيرات هناك امتيازات كثيرة يحصل النواب عليها فأعضاء المجلس يتمتعون بالإعفاء الجمركي على سياراتهم، وبرواتب عالية تصل إلى 2000 دينار فاكثر، فضلا عن رحلات السفر والمؤتمرات قد لا تتعدى أهمية المشاركة في بعضها سوى إثبات التواجد المحلي فيها، على حد تعبير بعض النواب.
فقد تسربت أنباء من مكتب وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية حول تقليص عدد تأشيرات الحج الممنوحة للنواب هذا العام إلى اثنتين(للنائب من المسلمين وزوجته فقط)، دون منح أي تأشيرات للأقارب وأصدقائهم كما جرت العادة مسبقاً، الأمر الذي أثار حفيظة النواب بل أن بعضهم وجه انتقادات إلى وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في إحدى جلسات المجلس الأسبوع الماضي.
وزير الأوقاف عبد الفتاح صلاح، نفى وجود هجوم عليه من قبل النواب، مؤكدا أن تأشيرات الحج تعطى لمن انطبقت عليهم الشروط التي حددتها الوزارة للحصول على التأشيرة، وهم مواليد 1943.
لكن مصادر نيابية مطلعة أكدت حصول النواب على (كوتا للحج) بواقع خمس تأشيرات لكل نائب، وكشفت انه يتعين على النائب تقديم أسماء خمسة أشخاص لوزارة الشؤون البرلمانية التي سترفعها بدورها لوزارة الأوقاف لجهة تامين رعايتهم ووضعهم تحت إشرافها خلال موسم الحج المقبل.
المصادر نفسها، أكدت أن الاتفاق نص على تحمل الشخص الوارد ضمن الأسماء الخمسة دفع تكاليف الحج وفق الأسعار الدارجة.
وزير الأوقاف بدوره رفض الرد على ما كشفته هذه المصادر، واستغربً من عدم ذكر الاسم الصريح لهذه المصادر، وتساءل "لماذا الخوف من إعلان الاسم إذا كانت المعلومات صحيحة؟".
الكاتب سميح المعايطة، وفي مقالته التي عنونها بـ(منح وامتيازات للنواب) اعتبر أن "في كل موسم حج هنالك مواطنون لا تشملهم الأسس، لديهم ظروف صحية او اجتماعية يفترض أن يتم البحث في طلباتهم عبر لجان محايدة تدرس وتقيم ظروفهم الصحية والإنسانية والاجتماعية، لكن منح النائب حق ترشيح خمسة أشخاص فيه ظلم لآخرين ليسوا من أنصار نائب أو أقاربه. ولهذا فعلى الحكومة أن تبادر إلى إلغاء هذه الحصص وإعادتها لتوزيعها على مستحقيها من الأردنيين لأن مثل هذه القرارات تصب في خدمة الواسطة والمحسوبية وإعطاء الحق لغير أهله. فالنواب ليسوا مخولين بالإشراف على الحج، بل واجبهم الدستوري مساعدة المواطن على الحصول على حقه وليس أخذ حق مواطن ومنحه لآخر".
ومن الامتيازات التي تضاف إلى ميزان امتيازاتهم وبمباركة حكومية، هو مباشرة النواب بتقديم معاملات للحصول على إعفاء جمركي على سيارات تصل سعتها إلى 3750 سي سي، وفقا لما أوردته أحدى المواقع الالكترونية، حيث سيحصل النواب على إعفاء جمركي كامل بنسبة 100% للنواب الجدد فيما سيحصل النواب القدامى على إعفاء جمركي تصل نسبته إلى 50% لكونهم حصلوا على إعفاءات جمركية سابقة على سياراتهم.
حصول النواب على امتيازات بإشكالها المتعددة هو تجاوز على القانون، بحسب ما يرى الكاتب والمحلل السياسي، فهد الخيطان الذي اعتبر أن " ما يجري في المجالس النيابية يتم بغطاء حكومي والطرفان متورطان في مخالفة " شنيعة" للقانون والدستور فالأردنيين أمام القانون سواسية فلماذا يحصل النائب على تأشيرة حج وفي المقابل لا يحصل عليها أي مواطن عادي، فلا يوجد أي نص دستوري يسمح للحكومة ولأي مجلس بان يحصل على هذه الامتيازات".
الخيطان استذكر قيام حكومة سابقة بتقديم رشوات مالية لأعضاء مجلس نيابي على شكل شيكات بآلاف الدنانير لتوزيعها على قواعدهم الانتخابية.
تعكس أراء المعايطة والخيطان غضب المزاج الشعبي العام، وتنقل رأي الشارع إلى الإعلام، إذ ينظر الشارع الأردني إلى تصرفات النواب باستياء شديد وفق الخيطان، الذي يشير إلى أن هذا الاستياء تترجمه باستمرار استطلاعات الرأي العام التي تكشف تدني شعبية النواب وتراجع ثقة أدائهم،" المواطن أصبح يثق بالحكومة أكثر من ممثليهم في المجلس، فنحن أمام أزمة ثقة شديدة وعميقة بين النواب وممثليهم بسبب حرص النواب على تغليب مصالحهم الشخصية على مصالحة العامة".
النائب بسام حدادين، اكد أن هناك عدد من النواب طالبوا بالحصول على تأشيرة الحج، بوصف ذلك عرفا نيابيا سابقا،" ليست هذه المرة الأولى التي يحصل فيها النواب على تأشيرة حج ولكنني لا اعتبر ذلك حقا لهم فهو مجرد محاباة للنواب لا أكثر".
حدادين في الوقت الذي رفض فيه فكرة منح تأشيرات حج للنواب، أكد أهمية " توفير حياة كريمة للنائب كي يكون لديه قدرة على القيام بدوره التشريعي بدون اي ضعف"، واشترط ان "تتوافر للنائب استقلالية مالية بعيدا عن السلطة التنفيذية".
حدادين دعا، إلى إعادة النظر في هذه الامتيازات،" لست مع الامتيازات ولكنني مع الحقوق الموضوعية أي أن يحصل النواب على حقوقهم لتساعدهم على اداء عملهم".
النائب احمد البشابشة، رفض رفضا قاطعا منح أي تأشيرة للنواب لأداء فريضة الحج، وزاد متسائلاً" إذا أراد النائب الحج لما لا يحج على حسابه الخاص". إلا أنه أيد بشده حصول النواب على امتيازات مثلهم كمثل أي موظف في الدولة، وتساءل :"ما هو الغلط في حصول النائب على امتيازات كما هو معمول به في عديد من الدول؟!".
وأضاف البشابشة،" مثلا، من حق النواب السفر للاطلاع على تجارب الغير ونقل الخبرات، فسفر النائب يعتبر مكسباً للأردن لأننا نحصل على مساعدات من الدول الغنية خلال سفرنا، وأما بالنسبة لرواتبنا، فراتب أي مدير عام يفوق راتب النائب على مرتين، والراتب الذي نحصل عليه لا يكفي لبنزين سيارة ولا تكاليف معيشة الأسرة المتوسطة، لماذا فقط ينظر إلى النواب ماذا يحصلون ولا ينظر إلى الوزراء والمدراء العاملين في القطاع العام".
النواب الإسلاميين في مجلس النواب اعتادوا الذهاب إلى الحج في غالبية الأعوام، مستفيدين من التأشيرات التي تقدمها وزارة الأوقاف.
في اجتماع حضره المراقب العام للجماعة همام سعيد، الثلاثاء الفائت، اتخذ المجلس التنفيذي لشورى جماعة الإخوان المسلمين، قرارا يقضي بضرورة رفض نواب الجبهة للإعفاءات الجمركية الممنوحة من الحكومة على سيارات أعضاء البرلمان.
في الوقت، الذي يرى فيه نواب في هذه الامتيازات حقا لهم، يرى العديد من المراقبون والمواطنون غير ذلك، فهذه الامتيازات "قد تستخدم وسيلة للمحاباة أو الضغط على المجلس من جانب الحكومة".
إستمع الآن











































