اليوم العالمي لحرية الصحافة ... مقيد رهن السلطة والتشريع

الرابط المختصر

 

بسقف حريةٍ لا يتجاوز أمنيا المواطن العربي في بلاده، يظهر تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" تراجع الأردن مرتبة واحدة بحسب مؤشر حرية الصحافة في الثالث من آيار لعام 2021 والذي يصادف اليوم العالمي لحرية الصحافة تحت شعار "الصحافة باعتبارها منفعة عامة"، وعلى المستوى العربي حاز الأردن على المرتبة 7 بعد تونس، جزر القمر، موريتانيا، الكويت، لبنان، وقطر.

صحفيون قيد الرقابة 

يقول الصحفي في جريدة الدستور حازم صياحين أن مصطلح الصحافة الحرة لا يطلق على الصحافة الأردنية، بسبب التقييد الكبير لعمل الصحفيين بشكل عام وهذا التضييق من أكثر من جانب، فهناك تقييد من إطار تشريعي وقانوني، إذ أن القوانين والتشريعات التي تنظم المهنة فيها تقييد كبير للمتابعات وحق الحصول على المعلومة. 

ويؤكد على أن كل القوانين والتشريعات سواء قانون المطبوعات والنشر أو قانون الجرائم الإلكترونية ومحكمة أمن الدولة أصبحت رقيب مباشر على الصحفي، إذ أن الصحفي أصبح يخاف من أن يتابع أي قضية، "صاروا الصحفيين يعيشوا بين المحاكم".

ويعتبر الصياحين أننا نعيش اليوم مفهوم الصحافة السوداء، فالقوانين رجعية وبدائية والصحفي غير قادر على ممارسة العمل الصحفي بحرية، وكل عمل يتبعه تحقيق وتحويل محاكم فهذا جزء من الخلل الحاصل اليوم، واصفاً واقع الإعلام الأردني اليوم بأنه يتجه نحو الهاوية فهناك تراجع في العمل والحريات وكثير من التدخلات للأجهزة الرسمية والأمنية وتضييق كبير عليها.

ويرى مستشار هيئة التحرير لموقع الوقائع الإخبارية نادر خطاطبة أن واقع الحريات الإعلامية اليوم يتراجع بطريقة لم يشهدها العالم من قبل، معزياً ذلك إلى المناخ العام الذي فرض جواً إعلامياً قاتماً، لذا ما بات ينشر هو ثرثرة " لا تسمن ولا تغني"، وينوه أن مفهوم الصحافة الحرة يجب أن لا يطلق على الصحافة الأردنية مطلقاً، وإن أطلق فهو قليل جدا.ً

ويشير مدير مكتب صحيفة الرأي في اربد محمد قديسات أن تراجع الحريات الصحفية في الأردن بمقدار درجة هو نتيجة الظروف الداخلية والخارجية المحيطة بالمنطقة والتي فرضت يعض القيود على الإعلام من أجل المصلحة الوطنية العليا، وعن الحرية الإعلامية في الأردن يقول أنها مقبولة نسبياً لكنها غير كافية، وأن الحرية النظرية في القوانين والتشريعات موجودة لكن التطبيق الفعلي معدوم.

ويلفت إلى أن السلطات ذاتها أصبحت "مرعوبة" من بث القرارالشفاف لذا هذا أنتج خوف ورهبة و تكميم واضح لأفواه الصحفيين، وأن جزء كبير من حد الحريات المفروضة يقع على الإعلامي ذو الرقابة الذاتية السلبية، مؤكداً إلى أن الأوضاع الإقتصادية إعلامياً أجبرت الصحفي أن يتمسك بموقعه على حساب حرية القلم والملصحة العامة بقوله "البحث عن رغيف الخبز لا يستقيم مع فضاء الحريات الإعلامية".

حرية الصحافة ...حقل قيد الدراسات 

وعن تراجع الأردن مرتبة واحدة في معيار منظمة مراسلون بلا حدود يقول مراسل المنظمة في الأردن محمد شماع، أن الانتهاكات التي حصلت بحق الصحفيين في مطلع عام 2020 كانت منذرة بنتائج تقرير اليوم، لأن العام الماضي شهد حجب معلومات للكثير من القضايا وتوغّل حقيقي ينتهك حقوق الصحفيين ويتعدى عليهم.

ويؤكد شماع أن نقصان درجة واحدة على مؤشر الحريات الصحفية في الأردن لا يعبرتماماً عن الوضع القائم، بل أن الواقع أسوء بكثير مما نتخيل، وأن هذا المؤشر يتبع عدد الاعتقالات التي تمت ممارستها على الصحفيين و عدد المؤسسات الإعلامية التي تم إغلاقها.

وحول الأسباب الرئيسية وراء الحد من حرية الصحافيين في الأردن، ينوه شماع إلى أن الرقابة الذاتية الصارمة عند الصحفيين أنفسهم ضيّقت المساحة في الحصول على المعلومة، وأيضاً فرض القيود على القرارات الحرة للعاملين في وسائل الإعلام، ووضع عقاب محتمل على كل من يقوم بمعارضة الخط العام للدولة.

ويلفت عميد كلية الإعلام في جامعة الزرقاء أمجد الصفوري أن جائحة كورونا وقانون الطوارئ كان لها الأثر الأكبر في تراجع إتاحة العلومات للصحفيين، وأن القوانين والتشريعات توضع لتنظيم العمل الإعلامي والإتصالي.

ومن جانبه يرى أن الصحفي ملام في عدم الاطلاع على التشريعات والقوانين الناظمة للعمل الإعلامي، لأن المعرفة في القوانين تجنب الصحفي الوقوع فيها.

اليوم العالمي لحرية الصحافة 

ويقول عضومجلس ادارة مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور إن اليوم العالمي لحرية الصحافة هو يوم لتذكير الحكومة والمجتمع بالتضحيات التي قدمها الصحفيون والصحفيات على مر العقود الماضية فهي ليست مناسبة للإحتفال وإنما مناسبة للعمل الجاد لتطوير مساحات حرية الإعلام. 

ويعتبر أنه لا يوجد لدينا في الأردن صحافة حرة وإنما صحفيون وصحفيات قلة أحرار يحاولون العمل في ظروف صعبة لتوسيع هامش الحريات في البلاد ولكن أغلب المؤسسات الإعلامية ليست مستقلة وتخضع لتدخلات بأشكال مختلفة من السلطة التنفيذية.

ويشير منصور أن الأسباب وراء انخفاض سقف الحريات متعددة أولها عدم وجود بيئة تشريعية تساعد على ضمان حقوق الصحفيين بل يوجد بيئة تشريعية مقيدة، ولا توجد سياسات واستراتيجات وضعتها الحكومات المتعاقبة لدعم حرية الإعلام، وآخر استراتيجية وضعت في ٢٠١١ وانتهت في عام ٢٠١٥ دون أن تسهم في تقدم مؤشر الحريات الصحفية، ويتابع يوجد لدينا انتهاكات تقع كل يوم دون آليات للرقابة والمساءلة بمعنى حين يمنع صحفي من التغطية لا نرى أجهزة إنفاذ القانون تتحرك لمساءلتهم عن هذا الانتهاك ويتكرر ذلك بشكل متعدد الأوجه.

ويواصل منصور حديثه عن عدم إستقرار حقيقي في البيئة التشريعية للقوانين الإعلامية بالإضافة إلى أن الحكومة تتوجه لوضع القيود، فعندما وجدت أن الصحافة الإلكترونية قد توسعت وضعت قانون معدل لعام ٢٠١٢ يشترط ترخيص المواقع، ومع توجه الناس لمواقع التواصل وجدت قانون معدل للجرائم الإلكترونية ليسمح ويجيز التوقيف والحبس لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والإعلاميين والإعلاميات.

ويشدد منصور على أن الجهل بالقانون لا يحمي الصحفيين ولابد من إشاعة ثقافة قانونية بين الإعلاميين وأن الجميع مقصر في هذا الجانب، فمركز حماية وحرية الصحفيين بذل جهودا منذ عام ١٩٩٨ بالتوعية القانونية وكان رائدا في هذا المجال ولكن لا يكفي ما فعله، فيجب أن يخضع كل صحفي للتدريب قبل الممارسة، ولا تتوفر الموارد المالية الكافية لهذا التدريب.

نقابة الصحفيين ترد 

ويقول عضو مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين خالد القضاة أنه وللأسف هناك الكثير من الدول تعمل لرفع مؤشر الحريات وقد كانت بعيدة عن هذا المؤشر وأصبحت قريبة من تخطيه بعد تقدمها السريع ونحن مازال تراجعنا يستمر لأسباب مرتبة، من ضمنها منظومة التشريعات وكل ما تحويه من تكميم للأفواه، وكان آخرها القانون المعدل لهيئة مكافحة الفساد.

ويذكر عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لأن تكون المؤسسات الإعلامية مؤسسات مليئة بالوعي وتقوم بدورها بعيداً عن قضايا الربح والخسارة، بالإضافة إلى أن القيادات التي تتحكم بدور الإعلام وموقفه غير مؤهلة وقد تأتي بالواسطة وهي قيادات تؤثر مباشرة على المنتج الإعلامي فهناك تدخل واضح منها سواء في المحتوى الورقي أو الإلكتروني، أو بتعيين قيادات تتبع لها بحيث تدور في فلكها.

ويوضح القضاه أن قضايا حظر النشر لها دور كبير فهي تمس المؤسسات الأردنية ودورها، وتمس حقوق الأردنيين، ولا يوجد إيمان حقيقي بالدولة الأردنية فهي للأسف تصنف ضمن أسوأ عشر دول في تدفق المعلومات، رغم مئويتها لا تملك حتى الآن إيمان بحرية المجتمع بالوصول للمعلومات التي هي تنظم حياته، لذلك فهناك حالة من التغول على الحريات في الأردن.

ويعتبر كل القوانين والأعراف التي كانت تنظم العمل الصحفي الأردني رغم أنها كانت تقع تحت مسمى الأحكام العرفية أفضل من مما هي عليه في هذه الأيام، وحتى الأحكام العرفية تم تمريرها بشكل دستوري وأصبحت قوانين دائمة.

ويلفت القضاه إلى أنه لا يتم النظر إلى عمل الصحفيين على أساس إبداعي وإنما على أنه فرصة عمل حقيقية، وهذا خلل حقيقي نذهب باتجاهه، لأن الصحفيين يجب ألا يعاملوا على أساس قوانين العمل المحددة.

ويلفت القضاه إلا أننا نحتاج إلى منظومة إعلامية تنظم علاقة الصحفيين في أرباب العمل، منها نقابة صحفيين تحت حقوق المؤسسات، وإتحاد الناشرين، إتحاد المؤسسات، بحيث تجتمع كل هذه المنظمات في سبيل نهوض المهنة وليس ظلم طرف على حساب طرف آخر.

ويؤكد على أن آخر الإحصائيات قد نقلت الدولة الأردنية من مؤشرات الحرية النسبية إلى دولة مقيدة الحرية وهذا له تأثير على مكانة الأردن العالمية، معتبراً أن قلة الوعي لدى المؤسسات جعلت المواطن الأردني يفقد الثقة بالمؤسسات وإعلام الدولة وإعلام القطاع الخاص، وأصبح المواطن يتابع أخبار الأردن من وسائل إعلام أجنبية بالإضافة إلى حالة الهوس لدى المسؤولين للتصريح لوسائل الإعلام الأجنبية على وسائل الإعلام المحلية مما أفرغ هذه المؤسسات من مكانتها لأن تكون مصدر للأخبار سواء للمواطنين المحليين أو العالم.

ويؤكد على وجود خلل لدى المؤسسات الإعلامية فهناك عدد منها لكنه لا ينتج محتوى إعلامي جديد لا زال المحتوى لدينا يصدر باللغة العربية، يتم نسخه من مصادر أخرى دون إنتاج شخصي أو فردي أصيل لك كصحفي ومؤسسة إعلامية.

ويرى القضاه أن الإعلام سيتراجع أكثر مادام هنالك قرارات حظر نشر، وعدم وجود استقرار تشريعي ووجود قيادات مرعوبة، وحجب للمعلومات وعدم وجود إرادة سياسية، فكل هذه الضبابية ستؤدي بالضرورة إلى تراجع مكانة الصحفي وتراجع مكانة الأردن على مؤشرات الحريات.

ويضيف أننا نعي تماما أن مجلس النواب ليس شريك حقيقي للوصول لحرية الصحافة وإنما على العكس تماما فهو يشكل بيئة معادية للحريات الإعلامية الأردنية، وإنما أخطر مما يكون فهناك دفع باتجاه تكميم الأفواه.