الوطني لحقوق الإنسان:موقفنا ثابت من قانون جرائم أنظمة المعلومات

الوطني لحقوق الإنسان:موقفنا ثابت من قانون جرائم أنظمة المعلومات
الرابط المختصر

رفع المركز الوطني لحقوق الإنسان صباح الأربعاء إلى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رده على المذكرة الإيضاحية التي كان قد تسلمها حول القانون المؤقت لجرائم أنظمة المعلومات في الاجتماع الذي عقد يوم الخميس الماضي، بين رئيس مجلس الأمناء ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال وقد احتوى رد المركز الوطني على العديد من الملاحظات من أبرزها :

1. لقد جاء في المذكرة بان القانون قد راعى عدم تجريم كل ما يتعلق بحرية التعبير عن الرأي ما لم تكن تلك الأفعال مجرمة ابتداء بموجب التشريعات النافذة وتم ارتكابها من خلال أو باستخدام وسائل الكترونية، ويتعلق هذا التوضيح بنص المادة الثامنة من القانون التي جرمت أفعال الذم والقدح والتحقير من خلال إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلومات، وبالدراسة المتأنية لهذا النص يتبين أن هذا النص يعتبر من قبل التزيد غير المقبول في قواعد الصياغة التشريعية حيث أن قانون العقوبات قد جرم جميع هذه الأفعال بموجب المواد (188- 190 من القانون) وبعقوبات أشد من العقوبات الواردة في قانون جرائم أنظمة المعلومات، ويؤكد هذه القراءة ما جاء بنص المادة (16) من القانون التي بينت انه يراعى عند تطبيق أحكام هذا القانون عدم الإخلال بأي عقوبة اشد ورد النص عليها في أي قانون أخر، مما قد يفسر بان هذا النص جاء بهدف الحد من حرية الرأي والتعبير التي قد يمارسها الأفراد من خلال الشبكة المعلوماتية، إضافة إلى أن القانون جرم فعل التحقير بصورة مخالفة لما ورد النص عليه في قانون العقوبات الذي اشترط أن يوجه التحقير إلى المعتدى عليه وجها لوجه، الأمر الذي لا يمكن تحققه باستخدام شبكة المعلوماتية.

2. كما ان المذكرة الإيضاحية قد بينت أن القانون اشترط أن يكون الفعل مقصوداً لتجريمه حيث أن اغلب نصوص القانون التي بينت الجرائم تضمنت هذا الشرط، وبالرغم من هذه السياسة التشريعية قد يشار إليها بوصفها ايجابية في هذا القانون، إلا أن هذا الأمر يعتبر مبدأ مستقراً وثابتاً في كافة القوانين الجزائية، فلا مسؤولية جزائية دون القصد الجنائي، كما أن المذكرة الإيضاحية ولدى محاولتها بيان مفهوم القصد الجنائي ذكرت عنصر العلم وأغفلت عنصر الإرادة، بالرغم من أن عنصر الإرادة هو جوهر القصد الجنائي؛ بمعنى انه يزيد من حيث الأهمية على عنصر العلم إذ أن العلم ليس متطلباً بذاته ولكن باعتباره مرحلة في تكوين الإرادة وشرطاً أساسيا لتصورها. فالقصد الجنائي علم بعناصر الجريمة وإرادة متجهة إلى تحقيق هذه العناصر آو إلى قبولها.

3. جاءت المادة (11) من القانون لتعاقب على الترويج لأفكار الجماعات الإرهابية وهذا نص فضفاض يتنافى مع أصول فن الصياغة التشريعية وجاءت المذكرة الإيضاحية لتعيد قراءة النص مع قانون منع الإرهاب والمواد ذات العلاقة من قانون العقوبات مما يوحي بعدم الحاجة إلى وجود نص هذه المادة في هذا القانون، وكان يجدر بواضعي المذكرة الإيضاحية توضيح مفهوم الترويج للأفكار بشكل دقيق بحيث يستبعد انه قصد من هذا النص وضع قيود على حرية الرأي والتعبير واستبعاد شبهة إساءة استخدام هذا النص مستقبلاً لتكميم الأفواه. علماً بان عدداً من الدول التي أصدرت قوانين لمكافحة الإرهاب قد رفضت هذا النص.

4. لقد جاء نص المادة (13) من القانون مخالفاً لقواعد الصياغة التشريعية حيث أن هذا القانون قانون خاص والأصل أن تصاغ أحكامه بشكل دقيق وان لا يحيل إلى القواعد القانونية الواردة في القوانين العامة، إضافة إلى انه يحيل إلى قوانين( إذا ما استثنينا قانون الاتصالات) لا تتضمن أحكاما تتعلق بالمسائل الإجرائية الخاصة بجرائم أنظمة المعلومات. كما أن أحكام الفقرة (أ) من هذه المادة قد غلبت متطلبات الأمن على ضمانات الحرية الشخصية عندما منحت أفراد الضابطة العدلية صلاحية الدخول إلى أي مكان وتفتيش الأجهزة والأدوات والبرامج والنظم لمجرد اشتباه أفراد الضابطة العدلية بان هذه الأجهزة تستخدم لارتكاب جرائم أنظمة المعلومات(ومن المعلوم انه بالإضافة إلى المدعي العام وقاضي الصلح في الأماكن التي لا يوجد فيها مدعي عام، فان القانون أجاز للحكام الإداريين وضباط وأفراد الشرطة والموظفين المكلفين بالتحري والمباحث الجنائية بالدخول إلى أي مكان وتفتيش الأجهزة الموجودة فيه، الأمر الذي يمنح صلاحيات واسعة لجهات غير قضائية قد يساء استخدامها وتشكل اعتداء على حقوق وحريات الأفراد، ويؤكد على حق السلطات غير القضائية بالدخول إلى هذه الأماكن كما جاء في عجز الفقرة أ من المادة 13 التي نصت على "وفي جميع الأحوال على الموظف الذي قام بالتفتيش أن ينظم محضرا بذلك ويقدمه إلى المدعي العام المختص).

وبدراسة المذكرة الإيضاحية يتبين أنها لم تتعرض لبيان أحكام الفقرة (أ) من المادة (13) بالرغم من أنها أخطر مادة في القانون وتتضمن مساسا واضحاً بالحرية الشخصية للأفراد والأماكن الخاصة التي يعملون فيها، واكتفت بالشرح أحكام الضبط والمصادرة التي هي أقل خطورة من دخول الأماكن وتفتيشها.

كما أن واضعي المذكرة الإيضاحية ارتكبوا خطأ مادياً عندما ذكروا أن موظفي الضابطة العدلية يطبقوا أحكام قانون أصول المحاكمات المدنية مع أن المقصود قانون أصول المحاكمات الجزائية.

و يؤكد المركز الوطني لحقوق الإنسان على موقفة المبدئي والثابت بضرورة تعديل القانون المؤقت لجرائم أنظمة المعلومات بما ينسجم مع روح الدستور والمواثيق و العهود الدولية التي صادق عليها الأردن، الامر الذي كان قد اكد عليه المركز الوطني في كتابه الموجه الى دولة رئيس الوزراء بتاريخ 16/8/2010 أي بعد الاجتماع الذي عقد في مقر المركز بحضور كل من وزير الدولة لشؤون الاتصال والاعلام ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات .

أضف تعليقك