الهجرة غير الشرعية: هل هي السبيل الوحيد أمام الشباب لتحقيق طموحاتهم ؟

الرابط المختصر

على الرغم من المخاطر الكبيرة والمبالغ المالية الباهظة المرتبطة بالهجرة غير الشرعية، يلجأ العديد من الشباب الأردني إلى هذه الطريقة سعيا لتحقيق طموحاتهم والوصول إلى أهدافهم على أمل تأمين حياة ومستقبل أفضل لهم ولأسرهم، نظرا للفرص المغرية المتاحة خارج حدود بلدهم على حد تعبيرهم.

فتردي الأوضاع الاقتصادية، وعدم توفر فرص عمل تتوائم مع التخصصات الأكاديمية واحتياجات سوق العمل تدفعهم وفقا لخبراء اقتصاديين واجتماعيين إلى اللجوء إلى هذا النوع من الهجرة، لتحسين ظروفهم المعيشية.

أرقام وزارة الخارجية تشير الى أن عدد الأردنيين المسجلين رسميا على أنهم مغتربون في الولايات المتحدة تبلغ 100 ألف في العام 2015، فيما وصل عدد الأردنيين المغتربين في أمريكا والدول الأجنبية الأخرى 140 ألفا في العام 2021. 

نشاط العديد من المهربين في مختلف الدول عبر شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة الفيسبوك يساهم  في تسهيل هجرة الشباب مقابل مبالغ مالية.

من بين السماسرة، يكشف المصري إبراهيم سامي لـ "عمان نت" عن طرق وأسباب هجرة أردنيين وعرب الى الولايات المتحدة الأمريكية موضحا  أن الظروف الاقتصادية الصعبة والإجراءات القانونية المعقدة والبطيئة التي تستغرق سنوات لتحقيق الهجرة الرسمية، تدفع العديد من الأشخاص إلى البحث عن طرق أسرع للسفر، حيث يرون في الهجرة غير الشرعية خيارا أسهل لتحقيق حياة أفضل.

ويشير سامي إلى أن تكلفة الرحلة تتراوح بين 9 إلى 12 ألف دينار، وتشمل جميع تكاليف الهجرة من طيران وإقامة في بلدان معينة حتى الوصول إلى أمريكا اللاتينية أو الجنوبية. 

ورغم التحديات والمخاطر المحتملة، يؤكد سامي أن هذه المخاطر أقل بكثير مقارنة بالهجرة عبر البحر بواسطة القوارب، حيث يواجه المهاجرون مخاطر أكبر دون توجيه مرشد لهم، مضيفا إلى  أن السلطات في البلدان التي يمرون بها تسهل عملية الهجرة بشكل يومي مقابل مبالغ مالية، مما يقلل من التحديات الأمنية أثناء الرحلة.

بحسب مصادر رسمية حكومية، نشرتها بعض المواقع الإخبارية فإن الأردن بأجهزته كافة يتواصل باستمرار لمواجهة الهجرة غير الشرعية، وقد أعادت السلطات المختصة أكثر من 100 شخص من المطار وبدأت بمراقبة المكاتب والأشخاص المتورطين بالهجرة غير الشّرعية واستغلال الناس والاحتيال عليهم وتعريضهم للخطر، والإضرار بالعلاقات الأردنية مع الدول التي تقدم تسهيلات كبيرة في مجال السفر للأردنيين بالمجالات كافة من دراسة وعمل وعلاج وسياحة.

 

هجرة شباب بدون أوراق مقلقة

تقرير الهجرة الصادر عن الباروميتر العربي في دورته الثامنة، يظهر أن 42% من الأردنيين يرغبون في الهجرة،  مما يجعل الاردن في المرتبة الثانية عربيا بعد تونس، بنسبة 46% من المواطنين فيها إنهم يفكرون في الهجرة، مشيرا التقرير الى أن الشباب هم الأكثر تعبيرا عن الرغبة في الهجرة، مقارنة بالأكبر سنا بنسبة 54%.

يعتبر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الدكتور موسى الشتيوي، أن الهجرة ظاهرة طبيعية تحدث في جميع المجتمعات، إذ يبلغ عدد المهاجرين سنويا على مستوى العالم نحو 290 مليون فرد. 

ويرى الشتيوي أن الهجرة تتأثر بعوامل جذب البلد المستهدف والفرص المتاحة فيه، بالإضافة إلى العوامل الطاردة في البلد الذي يعيش فيه المهاجرون، كما تساهم العولمة والانفتاح والتغيرات الاقتصادية في دفع العديد إلى البحث عن نمط حياة أفضل في دول أخرى.

ويرجع وجود نسبة كبيرة من الراغبين في الهجرة من الشباب، نظرا لقلة التزاماتهم الاجتماعية، وكونهم غالبا غير متزوجين، وحاصلين على شهادات أكاديمية، حيث يسعون لتحسين أوضاعهم الاقتصادية من خلال الحصول على وظائف،  لكنه عبر عن قلقه إزاء نسبة الشباب المستعدين للهجرة بطرق غير شرعية وبدون وثائق رسمية، مشيرا إلى أهمية دراسة هذا الأمر.

مرور الشباب في ظروف اقتصادية صعبة، بفعل التداعيات الإقليمية وعدم الاستقرار في المنطقة، مما يضعف النمو الاقتصادي ويحد من توفير فرص العمل، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى التعليم مقابل ضعف الاقتصاد وعدم قدرته على استيعاب أعداد كبيرة من الخريجين يدفع الشباب نحو الهجرة، بحسب الشتيوي.

 

 تراجع حذر 

على الرغم من ارتفاع نسبة الراغبين  بالهجرة في الأردن إلا أنها شهدت تراجعا بواقع 6 نقاط مئوية بعد أن كانت 48 % في 2022 إلى 42 بالمئة في 2024، ويعود  هذا التراجع إلى معدلات ما قبل جائحة كورونا، وإن كانت النسبة لا تزال أعلى من أية نسبة سجلت قبل عام 2018، بحسب التقرير الصادر عن الباروميتر. 

يرجع الشتيوي هذا الانخفاض إلى التحديات التي طرأت على الدول التي يستهدفها الشباب للهجرة، مثل الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، مضيفا إلى أن الصورة الوردية التي كان يتخيلها الشباب عن هذه الدول تلاشت إلى حد كبير، مما قلل من رغبتهم في الهجرة.

وبوضح شتيوي أن الهجرات يمكن أن تؤثر على الاقتصاد المحلي، لكن التأثير الأكبر يكمن في هجرة الكفاءات وحملة الشهادات والخبرات الواسعة، الذين يهاجرون بحثا عن تحسين أوضاعهم الاقتصادية، في حين كان بإمكانهم المساهمة في بناء مجتمعهم المحلي.

"ملف الهجرة ليس بيد الحكومة بالكامل، إذ يعد قرار الهجرة خيارا شخصيا، ومع ذلك، يمكن للحكومة أن تلعب دورا مهما في الحد من هذه الظاهرة من خلال ربط التعليم بالاقتصاد، حيث توجد فجوة كبيرة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، تحسين هذا الوضع قد يحد من تفكير الشباب في الهجرة ويمكن أن يسهم في تحقيق نمو اقتصادي ملحوظ، بحسب الشتيوي.

 

البطالة سبب للهجرة

استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية كشف مؤخرا عن أن دخل 62% من الأردنيين لا يكفي لتلبية احتياجاتهم، في حين يستطيع 5% فقط من المواطنين التوفير من دخلهم الشخصي بعد توفير الاحتياجات الأساسية.

ويشير الخبير الاقتصادي الدكتور  قاسم الحموري إلى أن الحد الأدنى للأجور، الذي يبلغ 260 دينارا، لا يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية لمن يريد تأسيس أسرة، مما يتطلب إعادة النظر في معدلات الأجور والبحث عن استثمارات جديدة لتوليد فرص عمل، وإعادة النظر في ضريبة الدخل المرتفعة لتشجيع الإنتاج المحلي وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين لتحريك عجلة الاقتصاد.

ويؤكد أن الوعود الحكومية بتوليد فرص عمل للشباب لم تترجم على أرض الواقع وهذا ما زاد من أعداد نسب البطالة في المجتمع إلى أعداد خيالية، حيث تتحدث الحكومة الآن عن عدم مواءمة الخريجين مع سوق العمل، وهذا غير مقبول، فالشباب الأردني مستعدا للعمل في أي مجال إذا كان الدخل مناسبا.

ويرى أن توليد فرص عمل من قبل الحكومة مجرد أمنيات نظرا لحاجة هذه الخطة إلى مليارات الدنانير وهو ما لا يتوفر بسبب عجز ميزانية الدولة، فلم نر مشاريع كبيرة منذ ما يقارب 15 عاما.

وفي ظل وجود 450 ألف عاطل عن العمل، أقرت الحكومة الأردنية خطة لتحديث الاقتصاد وتوفير مليون فرصة عمل خلال عشر سنوات بمعدل 100 ألف وظيفة سنويا، بهدف تحسين مستوى حياة المواطنين كما يقول القائمون عليها.