النيابة العامة..محاولات للخروج من كنف السلطة التنفيذية
اعتبر حقوقيون أن مشروع قانون إدارة قضايا الدولة الماثل أمام اللجنة القانونية في مجلس النواب خطوة إيجابية سيتبعها عدد من الخطوات المثيلة لتعزيز استقلالية القضاء الأردني.
إذ أن مشروع القانون يعمل على الغاء جهاز المحامي العام المدني وفصل مهمة تولي قضايا الدولة عن السلطة القضائية خاصة وان عمل المحامي العام المدني كوكيل للحكومة هي مهمة اقرب ما تكون الى اعمال المحاماة "ولا تعتبر بأي شكل عملا قضائيا ومن هنا جاء وجوب خروجها عن نطاق المجلس القضائي"، بحسب وزير العدل أيمن عودة .
يتولى المحامي العام المدني العام ومساعدوه، وهم قضاة نظاميون يعيّنون أو ينتدبون من قبل المجلس القضائي، تمثيل الحكومة في الدعاوى الحقوقية المتعلقة بالخزينة، سواء أقامتها الحكومة أو أقيمت عليها.
ويرتبط المحامي العام المدني ومساعدوه بوزير العدل، ويتعيّن عليه تقديم تقرير شهري إلى وزيري العدل والمالية عن سير القضايا التي يمثل الحكومة فيها، والأحكام التي يتولى تنفيذها. و للمحامي العام المدني إذا اقتضت الضرورة، وبموافقة وزير العدل، انتداب أي من المدعين العامين أو مساعدي النيابة العامة للقيام بوظائف المحامي العام المدني في المحاكم، وهو الإجراء المتبع حاليا في القضايا المنظورة خارج محكمة بداية عمان.
رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب النائب مبارك أبو يامين لم يخالف رؤية المختصين في عملية تطوير الجهاز القضائي، إذ أكد على ارتباط تحديث القضاء بالتخصص الذي من شأنه تحديد العلاقة بين الجهاز القضائي والنيابة العامة والمحامي العام المدني.
النيابة العامة هي شعبة من شعب القضاء، وهي النائبة عن المجتمع والممثلة له وتتولي تمثيل المصالح العامة، وتسعى في تحقيق موجبات القانون. تختص النيابة العامة أساساً ودون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية، وذلك بإجراء التحقيق بنفسها أو بمن تندبه لذلك من مأموري الضبط القضائي أو بطلب ندب قاض للتحقيق أو بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة الجنائية المختصة لمحاكمته.وتباشر النيابة العامة الدعوى الجنائية بمتابعة سيرها أمام المحاكم حتى يصدر فيها حكم بات. وفضلاً عما سلف، تنهض النيابة العامة بكافة الاختصاصات الأخرى التي تنص عليها القوانين أو تقتضيها وظيفتها الإدارية
كما أن أعضاء النيابة العامة هم قضاة يتبعون المجلس القضائي مباشرة، ولكن النيابة العامة تخضع مالياً وإدارياً لوزارة العدل.
ولا يعتبر المستشار القانوني حمزة العواملة أن الارتباط العضوي بين النيابة العامة والسلطة القضائية له تأثيره على استقلالية الأول، بل إن أعضاء النيابة مستقلون تماماً رغم وجودهم داخل الجسم القضائي "والهدف من التبعية الإدارية هو تأمين أكبر قدر ممكن من المساعدة لعمل أعضاء النيابة العامة لغاية تسهيل العمل وحسن الأداء".
ويضيف العواملة بأن هذا استقلال النيابة العامة هو إحدى الخصائص المميزة لنظام النيابة العامة في الوقت الحاضر، ويرجع ذلك الى ما تقتضيه العدالة الجنائية من فصل قاطع بين وظائف الاتهام والتحقيق والحكم "وجعل كل وظيفة من هذه الوظائف مستقلة عن الأخرى، وذلك حفاظاً على الموضوعية والحيدة التي يخشي اهدارها إذا ما اجتمعت الوظائف في يد واحدة".
وهذا يتفق مع ما قاله رئيس النيابة العامة السابق يوسف الحمود بأن استقلال النيابة لا يحتاج الى فصلها عن الجسم القضائي، "وما يحقق الاستقلالية هو قانون خاص بها، ما يعزز دورها في حماية المواطن من التعسف، معتبرا جمع الاتهام والتحقيق بيد جهة واحدة لا تتمتع بحصانة القضاة واستقلالهم يؤدي الى التغول".
ويعود رئيس قانونية النواب مبارك أبو يامين ليؤكد أنه لا بد من إعلان الثورة البيضاء في عملية الإصلاح إلا بما يتعلق بمرفق القضاء، "لأن مرفق القضاء في كل أصقاع الدنيا محافظ لذا لا بد أن يكون الإصلاح فيه بطيئاً".
كما أنه لا يجوز إجراء مراجعة للتشريعات المتعلقة بالقضاء بمعزل عن الإصلاحات الشاملة؛ برأي أبو يامين الذي تابع: "وهنا يبدو الخلاف واضحاً ما بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية؛ إذ أن السلطة التنفيذية تحاول التغول على الجهاز القضائي ونزع الصلاحيات منه".
السبيل الوحيد لاستقلال القضاء هو بمنح رئيس المجلس القضائي كافة الصلاحيات الإدارية بدلاً من وزارة العدل؛ أي التعيين والرواتب والتقاعد وغيرها"، يرى المحامي إبراهيم أبو رحمة.
فصل النيابة العامة يحقق مطالب الأجندة الوطنية وتوصيات مؤتمر هافانا التي التزم بها الأردن والذي عقد بتاريخ السابع من أيلول/سبتمبر 1990، وكذلك توصيات التقرير الوطني حول تطوير النيابات العامة، على ما يقوله القاضي الحمود، "عدم استقلالية النيابة أدى أيضا إلى عدم وضوح أو غياب المرجعية القانونية والواقعية ما انعكس سلبا على عمل النيابة وعلى القرارات التي يمكن اتخاذها لتحسينها وتطويرها".
*لتصلك أخبارنا مجانا على الموبايل دون أي تكلفة مالية أرسل كلمة: عمان نت إلى الرقم 97999 لمشتركين زين فقط











































