"النقل العام" أزمة متعددة الأطراف بدون حلول جذرية
أربعة وعشرون وزيرا تعاقبوا على حقيبة وزارة النقل العام، منذ استلام الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية في السابع من شباط لعام 1999م، وبالرغم من التوجيهات الملكية والخطط الاستراتيجية لدى الوزارة والجهات المعنية بالنقل لتطوير قطاع النقل العام، إلا أن القطاع لا زال يعاني من سوء ورداءة الخدمة فيه، بتعدد أطراف أزمة القطاع من جهات تنفيذية ورقابية ومشغلين وعاملين فيه.
وتتعدد الجهات المعنية بتنظيم أمور النقل بحسب المساحة الجغرافية التي تغطيها وسائل النقل العام، فهيئة النقل البري مسؤولة عن وسائل النقل العام بين العاصمة عمان والمحافظات الأخرى اضافة إلى بعض الخطوط التي تربط المناطق المجاورة للعاصمة بمحافظات أخرى، بينما تقع مسؤولية النقل ووسائله العامة داخل العاصمة تحت مسؤولية أمانة عمان الكبرى منذ عام 2007م، وفي العقبة جنوبا فإن إدارة النقل و وسائلة تقع تحت مسؤولية سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة. فيما يذكر التقرير الربعي الأول لمؤشرات أداء نقل القطاع العام في الأردن 2021م فقد بلع عدد أسطول النقل العام 32 ألف و925واسطة نقل وعدد سيارات التكسي الأصفر 5386.
وبحسب خبراء في مجال النقل يعاني قطاع النقل العام في الأردن من العديد من المشاكل والتحديات تتمثل بضعف الدعم الحكومي لقطاع النقل وضعف البنية التحتية للنقل من طرق داخلية وخارجية بمواصفات تراعي السلامة العامة وغياب وجود ثقافة عامة لاستخدام وسائل النقل العام سواء على مستوى السائقين والمشغلين أو حتى على مستوى المستخدمين.
يقول الخبير في مجال النقل حازم زريقات إن النقل العام في الأردن لا يمكن الاعتماد عليه كبديل للمركبة الخاصة لافتقاره للموثوقية ولا يعتمد عليه كوسيلة نقل موجودة بمكان وزمان محددين لعدم وجود جدول مواعيد ثابتة، وبعض وسائل النقل العام تفتقر للراحة ووسائل الأمان، متابعا أن السبب الرئيسي وراء كل هذا هو منظورنا ومنظور الحكومة لقطاع النقل على أن قطاع تجاري.
ويساهم الوضع القائم في قطاع النقل العام في زيادة نسب البطالة في صفوف الشباب، والمرأة خصوصا، ويُشار إلى أن نسبة البطالة بحسب دائرة الاحصاءات العامة بلغت خلال الربع الأول من عام 2021 (25.0%) بارتفاع مقداره 5.7 نقطة مئوية عن الربع الأول من عام 2020.وقد بلغ معدل البطالة للذكور خلال الربع الأول من عام 2021 (24.2%) مقابل (28.5%) للإناث،
وأكّد مختصون أن النقل العام يعتبر تحديا حقيقيا أمام تمكين المرأة في مختلف المجالات
ومن أبرز أسباب عزوف المرأة عن المشاركة في العملية الاقتصادية مشكلة النقل العام ووصولها إلى أماكن عملها أو الفرص التي تتاح للعمل بها، فبحسب دراسة أجرتها مؤسسة "صداقة" وبالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت أن 47 %من المستطلعات أنهن رفضن فرص عمل بسبب الحالة الراهنة لخدمات النقل العام.
وتعلق عضو فريق مؤسسة صداقة بقولها إن تردّي قطاع النقل العام يكون أصعب للمرأة وذلك بالنسبة لوضعها الاجتماعي وبالتالي يؤثر على وضعها السياسي والاقتصادي بشكل كبير، حيث يرتبط النقل العام ارتباطا مباشرا بمشاركة المرأة اقتصاديا ويعد من أهم ثلاثة معيقات هيكلية لدخول النساء سوق العمل.
بدورها أطلقت وزارة النقل، بالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي في الأردن ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة، ومؤسسة صداقة، وبدعم الصندوق الائتماني الأوروبي (مدد)، الإطار الوطني للنقل العام من منظور النوع الاجتماعي لإدماج سياسات النوع الاجتماعي في سياسات النقل العام.
ويهدف الإطار إلى إزالة العوائق أمام المرأة لاستخدام المواصلات العامة وتعزيز وجودها في العمل في هذا القطاع وتحسين الخدمة ورفع مشاركتها الاقتصادية التي ام تتعدى حاجز الـ 14%
وبحسب استطلاع رأي أجراه راديو البلد مع عدد من المواطنين من مختلف محافظات المملكة فإن طلاب الجامعات والموظفين الموظفين أكثر الفئات المتضررة من التحديات التي تواجه النقل العام ووسائله خصوصا الطلبة والموظفين الذين ينتقلون بشكل يومي أو أسبوعي بين المحافظات للذهاب من محافظات الجنوب والشمال والعكس.
يقول أيمن الغنيمين موظف، من محافظة معان أننا في محافظات الأطراف نواجه مشكلة عدم توفر وسائل النقل العام في بعض المناطق والأوقات، وفي عمان نواجه مشكلة أخلاقية مع بعض المشغلين من أصحاب باصات وسائقين، وعدم وجود رقابة من الجهات المعنية عى سلوكهم.
فيما يرى بهاء الشباطات، طالب جامعي من محافظة الطفيلة أن النقل الخارجي بين المحافظات سيء جدا ويستغرق وقت طويل بالتحميل والانطلاق أو المغادرة.
وتعاني سارة من عمان، موظفة في القطاع الخاص من نظافة بعض وسائل النقل العام وعدم الالتزام بالاشتراطات الصحية داخلها، وعدم وجود أوقات محددة للانطلاق والمغادرة.
أحمد العموش من ذوي الإعاقة الحركية من محافظة المفرق يؤكد عدم مناسبة وسائل النقل العام للأشخاص ذوي الإعاقة وتعتبر تحديا لتنقلهم خصوصا الأشخاص الذين يستخدمون المقاعد المتحركة.
وبحسب استراتيجية النقل الوطنية طويلة المدى المرحلة الثانية (الخطة التنفيذية) 2018-2020 فقد توزعت أهدافها على أربعة محاور هي أولا تطوير منظومة النقل وبلغت نسبة إنجاز البرامج ضمن هذا الهف 30% وثانيا وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث بلغت نسبة الانجاز فيه 100% من خلال 3 مشاريع بين القطاعين، وثالثا تسهيل منظومة النقل والتجارة بنسبة انجاز 100% شملت 27 اتفاقية ومذكرة تفاهم في الأعوام 2018-2020 وتمثل الهدف الرابع من الاستراتيجية ب المساهمة في تخفيف الآثار البيئية السلبية بنسبة انجاز بلغت 90%وأخير هدف رفع الأداء المؤسسي حيث تم تدريب 283 موظف في الأعوام 2018-2020، بنسبة رضا لدى الموظفين وصلت 80%.
فيما حذر ممثلون لقطاعات النقل العام من واقع الحال الذي وصل إليه القطاع والخسائر التي تكبدها القطاع، خصوصا منذ بداية جائحة كورونا التي عمقت جراح المشغلين فيه، والتي لا يمكن حصرها حاليا كون الجائحة مستمرة، ودعوا مع جهات حقوقية إلى ضرورة دعم القطاع والعاملين فيه، حيث دعا رئيس النقابة العامة لأصحاب الباصات الاردنية المهندس عبدالرزاق الخشمان إلى ضرورة دعم القطاع قبل الوصول لمراحل التعثر والإفلاس للشركات في القطاع،
.
وقد الحكومة صنَّفت منشآت وسائط النقل العام واحدةً من بين القطاعات الأكثر تضررًا نتيجة جائحة فيروس كورونا، ما دفع الكثير من العاملين في هذا القطاع باتجاه التدهور الاقتصاديّ والخسائر
ويذكر أن الحكومة توجهت لقطاع النقل والعاملين فيه والمشغلين بجملة من القرارات التي تساهم في التخفيف من خسائرهم نتيجة الإجراءات والقرارات المتخذة من الحكومة لمواجهة كورونا وكان آخرها إعفاء شركات النّقل العام من رسوم التراخيص وبدلات استثمار والغرامات الناتجة عن عدم تجديد التراخيص المستحقّة عليها عن فترات الإغلاق بسبب جائحة فيروس كورونا لعام 2021.وقرارات سابقة تضمنت ضم العاملين في قطاع النقل في برنامج مخصص لمظلة الضمان الاجتماعي، وبالنسبة للمشغلين "المالكين" لوسائط النقل وشركاتهم فقد قامت الحكومة ب تسهيل برنامج القروض للشركات الكبيرة وبرنامج الشركات المتوسطة والصغيرة من خلال البنك المركزي استفاد منها حوالي 65 شركة عاملة في مختلف قطاعات النقل بمجموع قروض بلغ حوالي 30 مليون دينار، خففت بشكل كبير مما ترتب على هذه الشركات. اضافة إلى عدة اجراءات أخرى اتخذتها الحكومة.