الموقف الرسمي الأردني تجاه أحداث فلسطين..هل نملك أدوات أكثر فاعلية؟
تزامنًا مع الأحداث الجارية في فلسطين، حيث العدوان الإسرائيلي المتفاقم وانتفاضة الشارع الفلسطيني في القدس والضفة وغزة والداخل المحتل، بعد عودة قضية حي الشيخ جراح إلى الواجهة وما يتعرض له أهالي الحي من محاولة تهجير وقمع، بعد قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية منع الفلسطينيين التجمع في بوابة دمشق بعد صلوات التراويح خلال شهر رمضان، كما يفعلون عادة. بالإضافة لاستمرار خطط إخلاء وتهجير مئات الفلسطينيين من بيوتهم التي عاشوا فيها لعقود بحي الشيخ جراح في القدس الشرقية ومنحها للمستوطنين.
مما أدى إلى انتفاضة الشارع الفلسطيني لوقف هذه الانتهاكات في المسجد الأقصى والقدس الشرقية، وأعقب ذلك تضامن الفلسطينيين في باقي فلسطين، وكذلك المقاومة المسلحة في غزة للرد على هذه الانتهاكات والعدوان الاسرائيلي، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 200 شهيد من بينهم حوالي 60 طفل 35 سيدة واصابة أكثر من 1300 آخرين والعدد بزيادة نتيجة استمرار العدوان والقمع الاسرائيلي في قطاع غزة وباقي المدن الفلسطينية .
الموقف الأردني
تبنى الأردن موقفه الاعتيادي من الوقوف بجانب الأشقاء الفلسطينيين لما يتعرضوا له من انتهاك وعدوان وتهجير وقمع، حيث يتمتع الأردن الرسمي بالوصاية على المقدسات الإسلامية اضافة إلى العلاقة الوطيدة التي تربط بين البلدين والشعبين، ويبذل الأردن الرسمي في هذه الأثناء جهودا حثيثة لوقف العدوان الاسرائيلي في فلسطين وخصوصا ما يتعلق بالاعتداءات على المقدسات الإسلامية ومحاولة تهجير الأهالي في حي الشيخ جراح وهذا ما أكده الملك في تصريحاته السابقة والدورية، مؤكدا أن "ترك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون حل شامل وعادل ينهي الاحتلال ويلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
مؤكدا في تصريحات صحفية أن "ما ينتج عن الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل ضد المسجد الأقصى المبارك والمقدسيين من عنف، يهدد الاستقرار والأمن، ويغذي التطرف ويعزز خطاب الكراهية". وعلى مستوى الخارجية الأردنية فقد أكد وزير الخارجية في اجتماع وزراء الخارجية العرب إن "الأردن سيتخذ، كما فعل دوما، كل الخطوات اللازمة لإسناد الأشقاء، وحماية المقدسات وحماية حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وحق المنطقة في السلام العادل والشامل، ولن تحقق عدوانية إسرائيل وخرقها للقانون الدولي إلا تأجيج الصراع وتوسعته، ودفعه نحو الانفجار، ولن تنعم إسرائيل بالأمن إن لم ينعم الفلسطينيون به".
ويرى استاذ العلوم السياسية في جامعة مؤتة الدكتور رضوان المجالي أن الأردن من أكثر الدول العربية اهتمام بالقضية الفلسطينية لأبعاد مختلفة تاريخية ودينية وسياسية ودينية، ولو تتبعنا الموقف الرسمي والشعبي من القضية الفلسطينية لوجدنا هناك توافق بينهما، وهذا التوافق ليس فقط بما يتعلق بالأحداث الأخيرة، مضيفً أن الخطاب الرسمي الأردني ممثلا بجلالة الملك بأكثر من مناسبة فقد كانت القضية الفلسطينية حاضرة، وبالنسبة للموقف الشعبي الأردني فهناك تعاطف كبير بما يتعلق بالمقدسات الإسلامية والمسيحية والقدس والعدوان على غزة.
ويتفق مع المجالي عميد معهد بيت الحكمة للعلوم السياسة في جامعة آل البيت الدكتور هاني أخو رشيدة، معلّقا على ذلك بقوله " إن الموقف الشعبي الذي يشهده الشارع الأردني ليس غريب فعلاقتنا بالشعب الفلسطيني علاقة قوية، وأن فلسطين هي بوصلة الشعب الأردني الحقيقية، وبالنسبة للموقف الرسمي الأردني فإنه لم يتغير منذ حل الدولتين والدبلوماسية الأردنية لم تهدأ منذ قرار الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ويعتبران الموقف الرسمي موقف وازن يأخذ بعين الاعتبار التعاطف الدولي.
فيما يرى الناشط السياسي رامي العدوان أن الموقف الرسمي هو أقل من المقبول، حيث ان الدبلوماسية تمتلك أدوات أكبر وأبعد من ما يعرفه المواطن العادي، ويجب استخدامها في مثل هذه الظروف، وهذا ينطبق على الدول العربية الأخرى، ويؤكد أن التعاطف الشعبي وما يشهده الشارع الأردني يشكل رافعة معنوية للشعب الفلسطيني وهذا ما لمسناه من خلال تواصلنا مع الأشقاء هناك.
ومنذ اندلاع الأحداث والاعتداءات الإسرائيلية كانت ردة الشارع الأردني واضحة بدون تنظيم وقيادة لأي جهة كانت، وكان صوت ورأي الشباب حاضرا في تنظيم الوقفات الاحتجاجية في العاصمة وكافة محافظات المملكة معبرين عن رأي الشارع الأردني، اضافة إلى الدعم الكبير والمستمر على وسائل التواصل الاجتماعي في دعم صمود الأشقاء ورصد الانتهاكات والاعتداءات، وتباينت آراء شباب المحافظات حول الموقف الرسمي.
يقول عبدالله الخوالدة من محافظة جرش إن الموقف الشعبي موقف قوي ومشرف ويمثل كافة الأردنيين إلا أن الموقف الرسمي لا يوازي الشعبي، ويجب أن يكون هناك خطوات فعلية على أرض الواقع وهي بيد الأردن الرسمي لتشكل ورقة ضغط على الاحتلال الاسرائيلي.
براءة عليمات من المفرق ترى أن الموقف الأردني الرسمي والشعبي محل فخر للأردنيين بأن القضية الفلسطينية من أولوياتنا وأن الأردن لا يتنصل من واجباته ودوره تجاه القضية الفلسطينية والأشقاء الفلسطينيين، ويعلق رزق صعلوك من محافظة الزرقاء أن الموقف الرسمي لم يكن بمستوى الحدث ولا بمستوى غضبة الشارع الأردني والموقف الشعبي ليس بغريب فهذا حاله دائما تجاه القضية الفلسطينية، وتتابع عروب المصري من عمان أن الموقف الرسمي يحاول أن يوافق الموقف الشعبي الذي يؤكد أن قضية فلسطين هي قضيته تماما كما الفلسطينيين، ولكن بدون خطوات فعلية على أرض الواقع.
فيما وقع مجلس النواب كاملا 130 نائب على مذكرة تطالب الحكومة بطرد السفير الإسرائيلي من عمان وسحب السفير الأردني من تل أبيب، وبحسب النائب يسار الخصاونة فإن المذكرة تم تسليمها لرئيس مجلس النواب وإيصالها إلى رئاسة مجلس الوزراء، ويعتقد الخصاونة أنها قيد التنفيذ وهذا يجب أن يكون.