المقاطعة.. سلاح غائب عن العرب

الرابط المختصر

صحيح ان المظاهرات والاحتجاجات التي عمت معظم عواصم ومدن العالم ضد العدوان الصهيوني على غزة

هي تعبيرات حضارية لتوضيح موقف الشارع جراء ما يحدث في ظل اخفاق الانظمة العربية السياسية بالضغط على آلة حرب العدو وحلفائه, لكن هناك اسلحة بيد العرب اكثر فاعلية من اسلحة الدمار الشامل الاسرائيلية التي يقتلون بها الاطفال والنساء.

المقاطعة.. وهنا اقصد المقاطعة ليست فقط للعدو الصهيوني انما لكل من يتحالف معه ويدعم عدوانه سواء كان دعما ماديا ام معنويا, وفي التاريخ لنا دروس وعبر من المقاطعة التي احدثتها الدول العربية مع المنتجات الاسرائيلية قبل فترة ما عرف بالتسويات السلمية "الزائفة", الا انه ومع دخول الدول العربية في منظمة التجارة العالمية فانه لم يعد بامكان تلك الدول ان تواصل مقاطعتها بعد الانضمام لان شروط عضوية منظمة التجارة العالمية تتعارض مع مفهوم المقاطعة, وبالتالي تقع مسؤولية اعادة الاعتبار لسلاح المقاطعة اليوم على مؤسسات المجتمع المدني وفعاليات القطاع الخاص.

لم يعد بالامكان لجوء الانظمة العربية لتحريك الشارع ضد اسرائيل وحلفائها, لذلك من واجب قيادات الاحزاب والنقابات والبرلمانيين والتجار ان ارادوا نتائج مثمرة لاحتجاجاتهم ضد حرب الابادة على غزة ان يتفاعلوا فيما بينهم ويعززوا مفهوم المقاطعة لأشكال التبادل التجاري والاستثماري كافة مع العدو الصهيوني, ومقاطعة كذلك الفعاليات الاقتصادية التي تتعامل مع العدو سواء في الداخل او في الخارج ناهيك عن الدول التي تدعم العدوان, فهي الاخرى يجب ان تصيبها تداعيات المقاطعة.

البعض يعتقد ان المقاطعة سلاح اعلامي لا اكثر وان ارقام التبادل التجاري مع العدو النازي تكاد تكون معدومة, والحقيقة ان حجم المبادلات التجارية بين بعض الفعاليات مع الاسرائيليين فاق كل التوقعات ووصل الى اكثر من 60 مليون دينار العام الماضي ناهيك عن عشرات الملايين التي تتم بوساطة المناطق الصناعية المؤهلة وتبادل البعثات والخبرات وغيرها من وسائل التعامل مع اسرائيل التي نمت في السنوات القليلة الماضية والتي اليوم نحن بامس الحاجة الى اعادة تقييمها بما يخدم مصالحنا الوطنية والقومية.

وفي النهاية ما سيضر الاقتصاد الوطني لو تفعلت عملية المقاطعة له, في الحقيقة ان جميع اشكال التعاون الاقتصادي والتجاري مع اسرائيل والتي هي وليدة اتفاقية وادي عربة لم تحقق اية قيمة مضافة للاقتصاد الاردني ولم يتم جلب التقنية العلمية للمملكة كما كان يروج البعض, وكل ما في الامر ان جعلوا الاردن سوقا لبضائعهم ومنفذا للاسواق الاخرى الامر الذي تسبب في كثير من الاحيان بموقف محرج للاردنيين مع اشقاء عرب لا يرغبون ابدا في التعامل مع العدو الصهيوني باي شكل من الاشكال.