المفاعل النووي الأردني.. تساؤلات يقابلها إصرار حكومي على المشروع

 المفاعل النووي الأردني.. تساؤلات يقابلها إصرار حكومي على المشروع
الرابط المختصر

أعادت أسئلة النائب وصفي الرواشدة التي وجهها لرئيس الوزراء معروف البخيت، أول من أمس الأربعاء حول كلفة إنشاء المفاعل النووي المنوي إنشاؤه في الأردن، ملف المشروع الذي أثار جدلا واسعا من حيث إنشاء المفاعل ومن ثم نقل المشروع من الموقع الذي كان من المقرر أن يكون في العقبة إلى منطقة المجدل في المفرق.

النائب الرواشدة، أوضح في حديث لعمان نت الأسباب التي دفعته إلى تقديم الأسئلة التي تضمنت التساءل عن كلفة إدامة المفاعل السنوية، وكلفة نقل وتخزين وتأمين مخلفات المفاعل، وأين يتم تخزين هذه المخلفات النووية، وإن كان هنالك إجراءات خاصة لنقلها وتخزينها، وإن كان يحتاج إلى حماية عسكرية خاصة وهل يحتاج الى حماية جوية، وغيرها من الأسئلة المتعلقة بالمفاعل.

وأكد الرواشدة أن التخوفات من وراء هذه الأسئلة تتمثل بالكلفة العالية لإنشاء المفاعل، التي أشار إلى أنها تبلغ 4.5 مليار دولار، إضافة إلى التخوف الذي أثاره نقل موقع المفاعل من العقبة إلى المفرق، وهو موقع يتوسط منطقة تشهد أعلى كثافة سكانية في الأردن، مشيرا إلى الضرر الكبير الذي سيشمل مختلف محافظات ومدن الوسط والشمال، في حال حدوث أي تسرب إشعاعي أو غيره من المخاطر التي شهدنا أمثالها مؤخرا إثر الزلزال الذي ضرب اليابان الأسبوع الماضي، خاصة أن منطقتنا ليست بعيده عن الحدود الزلزالية.

أما رئيس الهيئة الملكية لحماية البيئة البحرية المهندس فادي الشرايحة، فأوضح في حديث لعمان نت، أن القضية أعمق من موضوع الزلازل على أهميته، فالحديث عن الطاقة النووية كمصدر رخيص ليس واقعيا، فحديث الحكومة فهو عن إنشاء المفاعل دون الأخذ بالحسبان عملية الصيانة والإدامة أو الإزالة.

كما أن الموضوع الأكثر عمقا، بحسب الشرايحة، يتمثل بحاجة المفاعل للمياه، حيث يحتاج كل مفاعل إلى 100 مليون متر مكعب من المياه لتبريد المفاعل، وهو أمر لا يستطيع الأردن بموارده المائية تأمينه في ظل شح المياه الذي يعاني منه المواطن الأردني، مما ينتج آثارا سلبية على قطاع الزراعة الذي ستنخفض حصته المائية، وإلى زيادة أسعار المنتجات الزراعية تبعا لذلك.

ويزيد من كلفة المفاعل النووي، بحسب النائب الرواشدة، ما يحتاجه المفاعل من حماية عسكرية عالية، إضافة إلى الكادر الفني والمدرب وذي الخبرة العالية لتشغيل المفاعل، كما تشكل النفايات النووية مزيدا من الكلفة من حيث التخزين داخل البلاد أو النقل إلى الخارج، مما يأخذ منحى سياسيا برهن الإرادة الوطنية السياسية.

ويشير النائب الرواشدة إلى أن لدينا عدة بدائل عن المفاعل النووي، موضحا أن لدينا عروضا لتوليد الطاقة من خلال محطات شمسية لتوليد 150 ميغاواط يوميا، وبكلفة لا تتجاوز 300 مليون دولار، الأمر الذي ينسجم مع طبيعة المنطقة ذات النسبة العالية من السطوع الشمسي السنوي، إضافة لوجود الإمكانيات لاستغلال المصادر البديلة الأخرى كالرياح بإنتاج الطاقة.

وإلى جانب هذه المخاوف، طالبت هيئة تنسيق العمل البيئي هيئة الطاقة الذرية بتزويدها بالدراسات والتقارير المتعلقة بدراسة تقييم الآثار البيئية، وتقييم المخاطر البيئية التي تم إنجازها لأي من المراحل المختلفة للبرنامج النووي الأردني، إضافة إلى الاتفاقيات والتقارير المتعلقة بالتعدين التي تبرز الجوانب ذات العلاقة بالحفاظ على البيئة.

وبحسب "العمل البيئي"، التي تضم 16 جمعية بيئية محلية، فإنها طلبت من "الطاقة الذرية" الاطلاع على نتائج تركيز اليورانيوم في العينات التي تم تحليلها والمساحات التي تمثلها كل عينة، والمواصفات الفنية للمفاعل البحثي الذي تم اعتماده وإنشاؤه ونوع الوقود المستخدم، وكيفية توفير الوقود ومدى ضمان الحصول عليه مستقبلاً، ومراجعة موضوع القانون المؤقت لاتفاقية التعدين بين الهيئة وشركة "أريفا" الفرنسية المطروحة على مجلس النواب كقانون مؤقت، موضحة "إنها لم تتلق إجابات واضحة على هذه التساؤلات المشروعة".

ودعت إلى مراجعة مشروع المفاعل النووي الأردني في ضوء الكارثة، التي حلت بالمفاعلات النووية في اليابان إثر الزلزال العنيف، الذي بات يشكل تحدياً أمام دولة متقدمة كاليابان في التعامل مع آثار هذه الكارثة على الحياة والبيئة.

ومقابل هذه التخوفات تبدو الحكومة ماضية في المشروع النووي، حيث توقع وزير الطاقة والثروة المعدنية المهندس خالد طوقان في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي أن يتم مطلع الصيف المقبل اختيار مشغل وشريك استراتيجي لمشروع المحطة النووية الأردنية المرتقبة بحدود عام 2020 .أما عن تكلفة المفاعل البحثي فأوضح طوقان في تصريحات سابقة أنها تبلغ نحو 130 مليون دينار غير أن الجانب الكوري قدم قرضا ميسرا لبناء المفاعل بقيمة 70 مليون دينار على مدى 30 عاما ونسبة فائدة مخفضة تبلغ نحو 0.2% وفترة سماح تصل لغاية 10 سنوات.

 

فيما تبلغ تكلفة توليد 2200 ميجاواط من الكهرباء نستورد 5 مليون طن من النفط تكلف 20% من الناتج القومي الإجمالي، في حين أن محطتين نوويتين تحتاج إلى 300 طن من الكعكة الصفراء تكفي لتوليد 2200 ميجاواط من الكهرباء مما سيوفر على المملكة كلفة استيراد الطاقة، بحسب الوزير طوقان.

نقل المفاعل من العقبة إلى المفرق:

أثار قرار نقل موقع المفاعل النووي الأردني من العقبة على شاطئ البحر الأحمر بجنوب المملكة، إلى منطقة المجدل في المفرق نهاية العام الماضي، تساؤلات خبراء ومراقبين عن الدوافع الحقيقية لهذا القرار المفاجئ وعن صلاحية الموقع الجديد.

ففيما كانت وسائل إعلام إسرائيلية قد ذكرت قبل أشهر أن تل أبيب طلبت من الأردن نقل موقع المفاعل النووي إلى منطقة جبلية حتى لا يتسبب في كارثة بيئية كبرى إذا ما تعرضت المنطقة لزلزال، خاصة أن الموقع قريب من الصدع الزلزالي الأفريقي الآسيوي، إضافة إلى ما كشفته وثيقة نشرها موقع ويكيليكس قبل أيام صادرة عن السفارة الأميركية في تل أبيب جاء فيها أن رئيس لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية شاؤول غوريف تحدث عن تعاون مع الأردن بشأن مفاعله النووي، وقالت الوثيقة إن غوريف أبلغ مسؤولين أميركيين أن إسرائيل "قررت ألا تعارض إنشاء المفاعل".

وبحسب الوثيقة فإن غوريف كشف عن تشكيل ثلاث لجان ضمت خبراء أردنيين وإسرائيليين بحثتقضايا السلامة، والمسوحات الجيولوجية، وقضايا المياه. وأشارت إلى أن أول هذه الاجتماعات عقد في عمان في يونيو/ حزيران 2009.

إلا أن رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية في حينه "أواخر العام الماضي" خالد طوقان أكد أن الدراسات اختارت منطقة المجدل في المفرق لإقامة محطة نووية لتميزها بعناصر لم تتوفر بغيرها

وأرجع طوقان سبب قرار نقل الموقع المقترح لإنشاء المحطة النووية بعيدا عن العقبة إلى أن الموقع السابق على مقربة من منطقة حدودية، كما أن إنشاء المحطة في تلك المنطقة يتطلب إجراءات إضافية للسلامة نظرا لقربه من منطقة الصدع الزلزالي ما سيزيد الكلفة بنحو 15 %.

وأشار طوقان إلى أنه ستتم الاستفادة من مياه محطة خربة السمرا في الموقع الجديد لغايات التبريد ما يقلل من حجم الكلفة نظرا لقرب المحطة من الموقع المقترح الجديد، كما أن الموقع الجديد أقل حاجة للمياه نظرا لبرودة المنطقة.

أضف تعليقك