المشاركون بمؤتمر "وسطية ابن تيمية" يدينون أحداث الزرقاء

المشاركون بمؤتمر "وسطية ابن تيمية" يدينون أحداث الزرقاء
الرابط المختصر

أدان المشاركون في أعمال المؤتمر الدولي حول وسطية ابن تيمية  جميع  مظاهر العنف والتخريب التي جرت في مدينة الزرقاء، على أيدي من وصفوهم بـ"المنتسبين للسلفية وهي منهم براء".

وشدد  المشاركون في المؤتمر الذي ا ختمت أعماله اليوم الاثنين  على  فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية  لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون مستنداً لتكفير المسلمين، والخروج على حكامهم واستباحة الدماء والأموال، وترويع الآمنين والغدر بمن يعيشون مع المسلمين، أو يعيش معهم المسلمون بموجب علاقة مواطنة وأمان، وهو في كل ذلك موافق ومتبع لعلماء المسلمين في فتاويهم في هذا الشأن ولم يخرج عنهم.

وأكد المؤتمر إنَّ تصنيف الديار في الفقه الإسلامي تصنيف اجتهادي أملته ظروف الأمة الإسلامية وطبيعة العلاقات الدولية القائمة حينئذ. إلا أن تغير الأوضاع الآن في ضوء المعاهدات الدولية المعترف بها ولأن الشريعة قد حددت أن الجهاد لا يكون إلا لرد العدوان أو مقاومة الاحتلال، ومع ظهور دولة المواطنة التي تضمن حقوق الإنسان والأوطان، مما استلزم جعل العالم كله فضاء للتسامح والتعايش السلمي بين جميع الأديان والطوائف، وفي إطار تحقيق المصالح المشتركة والعدالة بين الناس والكرامة الإنسانية.

ودعا المشاركون في أعمال المؤتمر الذي استمر يومين إلى ضرورة المشاركة السياسية في المجتمعات المعاصرة، على أن تكون  منضبطة بضوابط الشريعة باعتبارها واجباً في الجملة على كل واحد بحسبه، وفقًا لقواعد المصالح جمعاً وتكثيراً، والمفاسد درءاً وتقليلاً، وممارسة المسلمين لحقوقهم السياسية المكفولة شرعاً ودستوراً بما يسهم في بناء المجتمع على أسس صحيحة، ويقيم بنيان الدولة بطريقة مستقيمة.

وطالبوا باستحداث أقسام دراسية في الجامعات والمعاهد الإسلامية العليا تعنى بالبحوث والتدريب والتأهيل في مجال الإفتاء في القضايا العامة للأمة، وتشجيع الدراسات العلمية النظرية والتطبيقية في مجال تنقيح المناط ودراسة علاقة الزمان والمكان والأشخاص والأحوال  والعوائد والنيات والمقاصد بتغير الفتوى، وبخاصة في فكر ابن تيمية.

وأكد المؤتمرون على مبدأ التعايش السلمي، واحترام الآخر، والتسامح الديني، والتعددية الفكرية التي من خلالها يبرز الوجه الحضاري للإسلام.وبذل مزيد من الجهد في دراسة تراث شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-، مراجعةً وتحقيقاً، وكذلك تراث العلماء الكبار أمثاله باعتبار أثرهم في الأمة وما يرجى من فهم تراثهم فهماً سليماً من ترشيد وتوجيه للعامة والخاصة.

وأوصوا بضرورة مواجهة عوامل الخلاف والفرقة التي انتشرت في جسد الأمة، التي تجمعها عقيدة واحدة وقرآن واحد، وسنة نبوية واحدة، ودعوة الخيرين من أبنائها إلى التآلف والوحدة . لأنَّ الأمة التي تمزق أفكار أبنائها المبادئ المتعددة يسهل اختراقها وتمزيقها.

وطالبوا بالعمل على تضمين المناهج المدرسية والجامعية وسطية شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في فتاويه واجتهاداته وأفكاره لتعريف الأجيال من أبناء الأمة الوسطية فكرة ودقة ومنهج.

كما دعوا جميع الجماعات التي تعلن انتماءها لفكر الإمام ابن تيمية وتتبنى التكفير والقتل والعنف أن تتقي الله في الإسلام والمسلمين، وأن تخضع أفكارها للمراجعة والتجديد، وأن لا تتذرع بالاستناد لفكر الشيخ ومواقفه في تبرير ممارساتها التي تسيء للدين وتضر بمصالح المسلمين .

وطالبوا الشباب المسلم إلى التمسك بوسطية الإسلام واعتداله وتسامحه مع الآخر، والحذر من مفارقة جماعة المسلمين، وأخذ الدين عن علمائه المتخصصين الثقات والمعروفين بوسطيتهم، ونبذ التفسيرات الخاطئة لقضايا التكفير والجهاد والولاء والبراء وغيرها من التأويلات التي لا تنسجم مع مقاصد الإسلام الحنيف.

كما حثّوا الأسرة المسلمة على القيام بدورها في تربية الأبناء على ثقافة الحوار وقبول الآخر، وتوجيه الأبناء للتحلي بالأخلاق الإسلامية، والحرص على تقديم نماذج القدوة الحسنة داعين دعوة المؤسسات الإعلامية والتربوية والدينية لتفعيل رسالتها السامية في إعداد الأئمة لإحياء رسالة المسجد على الوجه المطلوب وتفعيل دوره بتبصير المجتمع بأضرار الغلو والتطرف ومخاطر الإرهاب، وتعزيز الوسطية وتصحيح المفاهيم الخاطئة عند الشباب حول وسطية الإمام ابن تيمية. وتبصيرهم بالانحرافات الفكرية وما يترتب عليها من مخاطر وأضرار.

وطالب المؤتمرين كل من يحمل فكر السلفية منهجاً وطريقاً أن يقفوا موقفاً مبدئياً وحازماً تجاه من يدَّعي الانتساب إلى هذا الفكر، فكفّروا الناس وأضلوهم واستباحوا دماء المسلمين، ونشروا الرعب والترهيب والخراب في المجتمعات الإسلامية،

وكانت أعمال المؤتمر قد تواصلت اليوم بعقد  جلسة  بعنوان " وسطية الإمام ابن تيمية" ترأسها  وكيل وزارة الأوقاف الكويتية  عادل فلاح حيث قال  أن الوسطية من المعاني التي حققها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حياته وجسدها هو وأصحابه في الواقع كما جسدتها الحضارة الإسلامية والتاريخ الإسلامي العربي.

وأضاف أننا في دولة الكويت نضع أيدينا بأيدي المنتدى العالمي للوسطية وأيدي كل المؤسسات التي رفعت شعار الوسطية في كل من العراق وقطر والبحرين وأذربيجان وغيرها من الدول ليعم في النهاية صوت الوسطية وتعود الأمة لنهضتها.

واستعرض  الدكتور عز الديب بن زغيبة من الجزائر في ورقته" أفكار وفتاوى ابن تيمية وتطبيقاتها على الواقع المعاصر"  العصر الذي كان يعيش فيه الشيخ ابن تيمية لافتا بانه  كان عصرا مثقلا بالمشاكل والجراح ، وفيه تدهور لنظام الدولة الأمر الذي انعكس تماما على حسن إدارة الحكام والسلاطين لدولهم، كما أن التراجع المخيف للمؤسسات العلمية إلى جانب النزاعات الموجودة أدى إلى تمزق الدولة الإسلامية وتفتتها لعدة دويلات.

وتحدث    الدكتور رائد السمهوري من السعودية في بداية مناقشته لورقته" نقد الفكر التكفيري على ضوء منهج ابن تيمية" عن الكافر بالنسبة لإبن تيمية وكيفية التعامل معه، حيث قسمه لأقسام وهي المكذب بالرسالة والمتردد فيها سواء أكان تردداً عن بحث عن الحقيقة أو تردداً عن هوى و الغافل عن الرسالة سواء بلغته الرسالة أم لم تبلغه.

في حين بدأ الأستاذ سمير مراد في ورقته" أضواء على فتاوى ابن تيمية" بانتقاد من يأخذ فتاوى ابن تيمية كدليل على أفعالهم المتطرفة خاصة وأنهم جاهلون بتلك الفتاوى، أو لا علم لهم بمقاصدها مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة مراعاة مصالح الناس والواقع الذي يعيشونه عند الحديث بقضايا المسلمين.موضحا  موقف ابن تيمية من الجهاد و أن الهدف منه أن تكون كلمة الله هي العليا، ذاكرا مراتب الجهاد التي وضعها كالجهاد بالدعاء والجهاد بالسيف والجهاد بالتدبير وغيرها.

وفي الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور عبد الله كنعان  قال الدكتور محمد صالح الدحيم من السعودية  في ورقته" مكانة النص في الاستدلال عند ابن تيمية" أن ابن تيمية يعتبر من أكثر الشخصيات تأثيرا في التاريخ الإسلامي وإثارة للجدل ، فهو فقيه ومتكلم ومصلح.

وأضاف أن  هناك علاقة وثيقة بين الشيخ ابن تيمية والنص ، فقد كان يستخدم في النص لغة القرآن الكريم وألفاظه حيث هي أساس الديمومة،مؤكدا في الوقت ذاته على أن ابن تيمية كان يطلق مصطلح  النص على القرآن الكريم والسنة النبوية. 

و استعرض الدكتور محمد المطني من العراق  في ورقته" دور ابن تيمية في الحفاظ على وحدة الأمة" الكثير من المحاور منها الوسطية في منهج ابن تيمية وأخلاق وسماحته، وموقفه من مخالفيه وموقفه من التكفير مركزا على محور هام هو أساس ورقته ألا وهو دوره في الدعوة للوحدة بين المسلمين ونبذ الفرقة ومحاولته للإصلاح بين المذاهب المتناحرة ، كما تطرق للحديث عن أثر الخلافات العقدية على وحدة الأمة.  

 أما الدكتور محمد الحاج من الأردن في ورقته" الواقعية والتجديد في فكر ابن تيمية" فقد تناول الحديث عن مفهوم الواقعية عند ابن تيمية وهو ما راعاه ابن تيمية في فتاويه وأبحاثه ليتناسب مع حياة الناس فالواقع أمر متغير من وجهة نظره.

  وأضاف أن حصول ابن تيمية على لقب " شيخ الإسلام" لم يأت من فراغ بل كان نتاج علمه وثروته المعرفية وكتبه التي تملأ المكتبات الإسلامية، ناهيك عن تطرقه للحديث عن الفكر التجريدي لدى ابن تيمية والتي تظهر بوضوح في كتاباته.

وكان المؤتمر قد بدأ أعماله الأحد في المركز الثقافي بعمان بمشاركة  نخبة من العلماء والمفكرين وقيادات العمل الإسلامي، ورجالات الفكر وأساتذة الجامعات العربية والإسلامية والعالمية، من الأردن وسوريا ومصر والسعودية والجزائر والكويت وقطر والعراق واليمن وتاترستان والبحرين  والشيشان.

أضف تعليقك