المشاركة الانتخابية لذوي الإعاقة مزيدٌ من الفوضى والمزاعم

الرابط المختصر

 

القسم الأول من عنوان هذه السطور هي حقٌ كفله الدستور لكل أردنيٍ وأردنية بيد أن هذا الحق ما يزال بعيداً عن استطاعة ذوي الإعاقة لأسبابٍ شتى منها يتعلق بغياب القناعة بجدوى المشاركة شأنهم في ذلك شأن سواهم من المواطنين، ومنها ما يتعلق بغياب الترتيبات التيسيرية والتسهيلات البيئية اللازمة التي نصت عليها المواثيق والقوانين محلياً ودولياً والتي صادق عليها الأردن. 

بعيداً عن البيئة التشريعية الخاصة بمشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة واقتراباً من البيئة التنفيذية فقد لوحظ وعلى الرغم من الحرص المستمر والإمكانيات المسخرة للهيئة المستقلة للأرتقاء بنزاهة وشفافية العملية الانتخابية وهو ما لا يمكن إنكاره، إلا أنه وفي الشق المتعلق بمشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة لا نلحظ الحد الأدنى من ذات الحرص في كفالة وصول وسرية الاقتراع لهذه الفئة، فنجد ووفقاً لتقارير صحفية رؤساء لجان ينزلون من الطوابق العلوية ومعهم أوراق الاقتراع لعدم تمكن ذوي الإعاقة من الصعود للإدلاء بأصواتهم، وهنا يُثار السؤال أين ضمانة سرية عملية الاقتراع التي تجهد الهيئة لتحقيقها ، ألا تشكل مثل هذه الممارسات مأخذاً على جهد الهيئة وكفاءة إدارتها للعملية الانتخابية!؟، علماً بأن الحال هو بتوفير غرف اقتراع بالطوابق الأرضية ليتسنى لذوي الإعاقة وكبار السن الإدلاء بأصواتهم دون أن يضطر أحدهم لأن يُحمل للطابق العلوي لُيدلي بصوته.

من ناحيةٍ أخرى فمن الواضح أن هناك سوء فهمٍ في تحديد أي المراكز مُهيئٌ وأيها غير مهيء فإحدى الجهات الرقابية التي تعد مرجعية محلية في الرقابة على الانتخابات أشارت بأن أكثر من 80% من مراكز الاقتراع مهيئةُ لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة وهذه نسبة أكبر من تلك التي تحدثت عنها الجهات الرسمية، وهذا يؤشر على غياب الوعي بأهمية مشاركة ذوي الإعاقة وضعف الرغبة بالمعرفة بكل بهذا الملف. 

إضافة إلى ما سبق وبالرغم من الكم الهائل من المعطيات الرقمية التي تحرص وتستطيع الهيئة المستقلة استخراجه إلا أن نسبة مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة بالأستحقاق الدستوري بقيت لغزاً لم يتم الاقتراب منه حتى اللحظة. 

إن العودة للوراء وتحديداً للانتخابات النيابية واستمرار تكرار الملاحظات ذاتها في انتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية، بالرغم من المواقف والملاحظات المتكررة التي أبداها المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن ذلك يشي بغياب ذوي الإعاقة عن الأولويات وعدم اعتبار مشاركتهم الحرة والسرية أحد معايير نجاح العملية الانتخابية، فبالرغم من التقدم المُحرز في إدارة الانتخابات إلا أن هناك ما يوازيه من التراجع في إدارة ملف مشاركة ذوي الإعاقة في انتخاباتٍ هي أكثر أهمية بالنسبة لهم فهي انتخاباتٌ للمجالس التي ستتناول الجانب الخدمي والبنية التحتية وتوفير الممرات والطرق الآمنة وغيرها من التسهيلات البيئية الصديقة لذوي الإعاقة. 

في نهاية المطاف فإن أزمة مشاركة وضمان مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الانتخابات هي أزمة مركبة ولا يمكن فصلها عن أزمة المشاركة السياسية والانتخابية بعموميتها ولكن أكثر ما يؤشر على خطورتها هي أزدواجية التعاطي معها وعدم اتخاذ ما يلزم لتحفيزها انسجاماً مع التشريعات الدولية والمحلية الناظمة للعملية السياسية برمتها ولعل أول الأسباب في هذه الأزمة هو ضعف الرأي العام لهذه الفئة وغياب البيئة الحاضنة القادرة على صناعة حالة وطنية تدفع بأولويات ذوي الإعاقة على أجندة صانع القرار وهذا الضعف يشمل كافة الملفات المرتبطة بذوي الإعاقة والتي تبدأ من المشاركة السياسية ولا تنتهي.