المسيحيون منا ولنا

الرابط المختصر

حمادة فراعنة

لأنهم منا، ونحن منهم، لأنهم لنا ونحن لهم، امتداد لبعضنا البعض، ندين لمرجعية واحدة، باجتهادات مختلفة، لهذا يستقبل رأس الدولة جلالة الملك قادة الطوائف المسيحية، بما يليق بهم وبما يليق لأنفسنا، فالمسيحية ولدت هنا في بلادنا فلسطين والأردن وتراثها وقيمها ودلالاتها ومعالمها شواهد على أرض الواقع، مسكونة في ضمائر وقناعات وثقافة وإيمان شعبنا، تعايشنا معاً، شراكتنا في الحياة ومسامات الناس أقوى من كل النفاق والمجاملات والتباين أو الاجتهاد.

هذه أرض الديانات السماوية على التوالي من قيم التوحيد الإبراهيمية، إلى اليهودية والمسيحية والإسلام، امتداد واحد لإرساء قيم التوحيد والتكامل والشراكة،  على أرض واحدة، ووطن للجميع، نعمل له ونحافظ عليه، للأقصى كما للقيامة، للمغطس والكنائس كما هي مساجد أبو عبيدة وشرحبيل ومعاذ بن جبل وجعفر الطيار وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة، وكافة تراث الصحابة ومقاماتهم على أرضنا.

كنت شاهدا على واقعة ذكر فيها احد زملائي الكتاب أمام الراحل  الحسين عن الأقلية والأقليات فصحح الراحل  كلام  زميلي ورد عليه «نحن شركاء» تأكيدا على عدم قبوله لتوصيف الأقلية والأكثرية،  وكان الرئيس الراحل ابوعمار يذكر المقدسات المسيحية قبل الاسلامية ويعطيها الأولية لتوصيل رسالة للغرب، اننا معا وسويا في وطن واحد.

تعلمنا قيم التعددية والندية، نحترم مسيحيته حتى يحترم اسلامنا، نحترم قوميته حتى يحترم قوميتنا، نحترم الكرد والأمازيغ والافارقة حتى يحترموا عروبتنا، نحترم شيعيته حتى يحترم سنتنا، هكذا هي معادلة الحياة تقوم على التعددية، لسنا بديلاً عن الآخر، لأنه ليس بديلاً عنا، لسنا نقيضاً للآخر، لأنه ليس نقيضاً لنا، تلك القيم التي أرساها تراث الإنسان لدى البشرية، وسجلتها قرارات الأمم المتحدة وقيم مؤسساتها، تقوم على هذه الحصيلة من النتائج بعيداً عن موازين القوى وهيمنة القوي على حساب الضعيف.

وإضافة لهذه القيم والتراث نعيش كأردنيين حالة من التحدي والتصادم ، تفرض علينا أن نتسلح بتوجهين وخيارين:
أولهما: أمن الأردن واستقراره وتقدمه وديمقراطيته وتعدديته.
وثانيهما: دعم صمود الشعب الفلسطيني وإسناده لاستعادة كامل حقوقه وممتلكاته على أرض وطنه الذي لا وطن للفلسطينيين غيره.

يستقبل رأس الدولة جلالة الملك قادة المسيحية ويحتفي بهم، ويعقدون اجتماعاتهم ولقاءاتهم وطقوسهم على أرضنا بالترحاب والتقدير، وبما يليق بمكانتهم عندنا ولدى شعبنا، لأننا معاً في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وفي مواجهة سياساته وإجراءاته ضد الفلسطينيين ووطنهم، وتزوير معالمه، والتطاول على مقدساتهم، فالمس بالمسجد الأقصى كمسجد للمسلمين هو مس بقدسية كنائس المهد والقيامة والبشارة ككنائس للمسيحيين، وللمسيحيين فقط، كما هو الكنيس لليهود، ولليهود فقط، والخلوة للدروز الموحدين ولهم فقط.

معركتنا واحدة ولهذا نحتاج لأن نبقى معاً في مواجهة عدو احتلالي استعماري توسعي أجنبي يتطاول على حقوق شعبنا ومقدساته الإسلامية والمسيحية، وعلينا أن نحميها معاً، تلك هي الرسالة، ذلك هو الواجب.