المسرح السياسي الساخر:تنفيس يدل على وجود أزمة

المسرح السياسي الساخر:تنفيس يدل على وجود أزمة
الرابط المختصر

تعرض خلال شهر رمضان مسرحية "تسء"، والتي قدمت تقييما لأداء الحكومة في قالب كوميدي ووصفت حال الشعب الاردني الحالي بأنه 'فاقع من الضرائب والشوب، وهي من تأليف نبيل صوالحة بمشاركة محمد صبيح، وفقا لاستعراض قامت به صحيفة القدس العربي اللندنية للعرض المسرحي.

وقد دعت المسرحية الجمهور الأردني للضحك مرارا وتكرار، اومن المشاهد التي تضمنتها المسرحية وتفاعل معها الجمهور الاردني مشهد أدى نبيل صوالحة فيه دور رئيس الوزراء الحالي سمير الرفاعي، حيث يعقد اجتماعا طارئا مع عدد من الوزراء وينتقد المشهد أداء وزارات مختلفة وتأثير ذلك على مختلف الأوضاع وتحديدا الاقتصادي.

وسلطت 'تسء' الضوء على عدد من قضايا الفساد المنتشرة إضافة الى العجز الاقتصادي الذي أصبح 'عجزين' فضلا عن تطرقها لموضوع الانتخابات النيابية وانتقادها للشكل الذي يطرح فيه المرشحون انفسهم وخطاباتهم وعدم قدرتهم على إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها المواطن الاردني .. كما تطرقت المسرحية لقانون المستأجرين الجديد وعدم قدرتهم على دفع الايجار بعد تغيير قانون المالكين والمستأجرين.

كما تناولت المسرحية قضايا عديدة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والصحي إلى جانب الإعلامي منتقدة أيضا أداء التلفزيون الأردني، وفي مشهد آخر وجهت المسرحية انتقادا للمذيعات "الدلوعات" اللواتي يصلن إلى مناصبهن بغير وجه عدل وعلى حساب أخريات كفوءات.

موضوع آخر تناولته المسرحية هو ظاهرة العنف المنتشرة مؤخرا وأحالت ذلك إلى كيفية تربية الأولاد منذ الصغر على استخدام "القوة" في حل الخلافات سواء العائلية منها أو غير العائلية.

وقد شارك في المسرحية وفي أكثر من دور في المشاهد، الفنانون لارا صوالحة ورهف صوالحة وفارس حدادين ونزير خوالدة بكل براعة واتقان.

وفي سياق المسرح السياسي الساخر، تساءل الكاتب "بسام بدارين" في مقال بالقدس العربي أيضا عن سبب غياب هذا المسرح من الأردن خلال الأعوام الستة الماضية، ولماذا عاد بقوة خلال الأسابيع القليلة الماضية؟

ورأى في تحليله لهذه الظاهرة أن "التقدير على الأرجح أن هذه العودة القوية للكوميديا السياسية التي تحاول استغلال اللحظة الراهنة مرتبطة بتوجيه حكومي لوزارة الثقافة له علاقة بصعوبات المرحلة الاقتصادية وباهتمام السلطات بأن تسمح للجمهور بالتنفيس".

ويضيف "المصلحة هنا تتقاطع بوضوح في العاصمة عمان.. ممثلون كوميديون معروفون بلسانهم اللاذع وقدراتهم على التقليد يتلمسون طريق القسوة في فرض قرارات الحكومة الاقتصادية والتشريعية فيستغلون الفرصة ويرفعون على خشبة المسرح سقف الأداء والنكتة والتعليق، فيما تستفيد الفنادق والمطاعم التي تستضيف هؤلاء خلال شهر رمضان المبارك".

ونقل بدارين عن "أحد الوراء"، على حد قوله، "أن الحكومة الحالية تشجع بطريقة ذكية المسرح السياسي فهو يساعد في امتصاص الاحتقان، وبنفس الوقت يظهر الوجه اللطيف الناعم في الحكومة فهي ودودة، تتقبل النقد، لا تعترض على المسرح السياسي".

وحتى يضمن رئيس الوزراء سمير الرفاعي، بحسب بدارين، استثمارا جيدا للمسرح السياسي قام قبل عشرة أيام بدعوة جميع أفراد الطاقم الوزاري لحضور عرض النجمة أمل الدباس.

لاحقا، ومن باب التنويع، اختار وزير المالية محمد أبو حمور دعوة نخبة من ضيوفه الإعلاميين ضمن برنامج رسمي دولي على إفطار بصحبة المسرحية التي يقدمها الفنان صوالحة، حيث يمكن للمشاهد أن يبتسم ويضحك ويرصد لقطات فيها من النقد الساخر ما لا ترصده الذاكرة المحلية، خصوصا من الإعلام الذي وصفه رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة بأنه مرعوب.

ويخلص بدارين إلى نتيجة "يوافق عليه السياسي المخضرم الدكتور ممدوح العبادي وهي أن الكوميديا السياسية تنتعش في أزمات الضيق، فما يبدو في عمان هذه الأيام ان الحكومة داعم خلفي لمحاولات المسرح السياسي ورفع سقف التمثيل وان هذا النمط من التعبير ينتعش بقوة"، معتبرا ذلك دليلا ملموسا على صعوبة المرحلة اقتصاديا وتوقعات بصعوبتها سياسيا فالمكان الوحيد الذي يمكن أن يقال إن سقف التعبير ارتفع فيه هو خشبات المسرح الكوميدي الساخر الذي يتجاهل تلفزيون الحكومة وجوده عمليا.

أضف تعليقك