المستهلك الأردني عنيد

الرابط المختصر

يقول قادم من أتلانتا في الولايات المتحدة، أن المدينة الأميركية لم تعد تشهد الازدحامات المرورية التي كان منظرها مألوفاً في السابق. والسبب أن المواطن الأميركي قلل استعمال سيارته، واقتصر على الضرورة فقط، تجاوباً منه مع ارتفاع أسعار البنزين الذي وصل إلى أربعة دولارات للجالون (55ر4 لتر).

إذا لم تكن هذه الملاحظة تنطبق على جميع المدن الأميركية، فقد جاءت الأرقام لتعزز مصداقيتها، فقد نشرت مجلة بزنس ويك أن مبيعات البنزين في أميركا انخفضت بشكل ملموس، وأن أسعار السيارات الكبيرة العالية الاستهلاك للمحروقات قد انخفضت بنسبة 22% لانخفاض الطلب عليها.
المواطن الأميركي يتمتع بدخل عال (15 ضعف دخل المواطن الأردني) ومع ذلك قرر أن يتكيف مع الأسعار الجديدة، سواء في اختيار السيارة الأصغر والأقل استهلاكاً للوقود، أو تقليل استعمالات السيارة بحيث يستهلك كمية أقل من الوقود.
المواطن الأردني أولى من نظيره الأميركي في سرعة التكيف مع الأسعار الجديدة، ولكنه عملياً يسير بالاتجاه المعاكس، فقد انتشر عندنا استعمال السيارات الكبيرة والثقيلة، وزاد الخروج بالسيارة للتنزه، كما يدل الازدحام حول دوار عبدون، الذي من يشاهده يتمنى لو أن الحكومة ترفع أسعار البنزين المخصص لاستعمال السيارات الخاصة إلى الضعف، وتستعمل الفائض لدعم الأصناف الشعبية كالكاز والغاز، أو لتمويل صندوق المعونة الوطنية، أو دفع تبرعات المدارس الحكومية، أو حتى لتخفيض العجز في موازنتها.
في أميركا يكلف لتر البنزين ما يعادل 625 فلساً، مما أدى إلى تكيف المواطن الأميركي وتعديل سلوكه وترشيد استهلاكه، وفي الأردن يكلف لتر البنزين 800 فلس (بعد التخفيض الأخير) ومع ذلك فإن المواطن الأردني الذي يتذمر من ارتفاع السعر يرفض أن يعدل سلوكه ويواصل الاستهلاك بنفس الوتيرة.
المفروض أن عوامل السوق تفعل فعلها وتغير سلوك الناس بما يتلاءم مع المعطيات المتغيرة، ولأمر ما فإن المواطن الأردني يفضل أن يسحب على ادخاراته السابقة أو يقترض أو يبيع بعض موجوداته لكي يحافظ على أسلوب حياته بدون تغيير أو تعديل ولكن إلى متى؟.
*فهد الفانك