المرصد العمّالي: تراجع فرص العمل بالأردن خلال الـ 6 سنوات الأخيرة
أكد المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أن سوق العمل في الأردن لا يزال يعاني ذات التحديات التي يواجهها منذ سنوات، والمتمثلة في ضعف فرص التشغيل واستمرار ارتفاع معدلات البطالة وضعف معدلات الأجور، إضافة إلى تقييد حرية العمل النقابي والمفاوضة الجماعية، وضعف الحماية الاجتماعية للعاملين، واستمرار التجاوزات والانتهاكات على الحقوق العمالية الأساسية.
وأوضح المرصد العمالي في تقرير صادر عنه بمناسبة عيد العمال العالمي، أن السنوات الست الماضية شهدت تراجعا ملموسا في عدد فرص العمل المستحدثة في الاقتصاد الأردني،إذ بلغ عدد فرص العمل المستحدثة عام 2007 نحو 70 ألف فرصة، لتنخفض في عام 2008 إلى 69 ألف فرصة عمل، وهو يشكل عدد الوظائف ذاتها التي وفرّها الاقتصاد الأردنيّ في العام 2009، ويواصل الانخفاض في العام 2011 إلى 55 ألف فرصة عمل، وفي عامين 2012 و2013 بلغ 50 ألف فرصة عمل لكل منها، فيما لم يتجاوز عدد الوظائف التي أنتجها الاقتصاد في النصف الأول من عام 2014 الـ23 ألف وظيفة.
وأرجع تقرير المرصد هذا التراجع في عدد فرص العمل المستحدثة إلى أسباب عدة أبرزها: ضعف قدرات الاقتصاد الأردني الذي أدى الى تراجع عدد وحجم المشاريع الصناعية التي تعد مشغلا أساسيا للعمالة، وفاقمها في السنوات الأخيرة، ارتفاع وتيرة التوترات والاضطرابات السياسيّة والأمنيّة في العديد من دول المنطقة، وكثافة اللجوء السوري، ودخول عشرات آلاف العمالة السورية إلى سوق العمل، هذا إضافة إلى وجود اختلالات هيكلية في سوق العمل، سببها عدم وجود علاقة قوية بين معدلات النمو الاقتصادي وبين تشغيل الأردنيين، ووجود فجوة واسعة بين حاجات سوق العمل ومخرجات النظام التعليمي بمختلف فروعه الجامعي والفني والمهني. فحاجات سوق العمل لا تتواءم مع المعارف والمهارات التي يحملها الداخلون الجدد إليه.
وذكر التقرير أن جزءا كبيرا من فرص العمل المستحدثة يشغلها عمالة وافدة؛ ولذلك استمرت معدلات البطالة خلال السنوات العشر الماضية عند مستويات مرتفعة وتراوحت ما بين (11.0-14.0%)، ولدى الإناث ضعفها عند الذكور، وعند الشباب ما بين سن (16-24) من غير الجالسين على مقاعد الدراسة ما بين (30.0-36.0%) وهذه أرقام مفزعة، وتعد من المستويات العالية جدا مقارنة مع مختلف دول العالم.
كما أكد أن من التحديات الهامة التي تواجه عمال الأردن، الانخفاض الملموس والكبير في معدلات الأجور للغالبية الساحقة من العاملين بأجر، إذا أخذ بعين الاعتبار مستويات الأسعار لمختلف السلع والخدمات. الأمر الذي أدى الى اتساع رقعة العمالة الفقيرة.
وأشار إلى أرقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي تشير إلى أن (62%) من العاملين في الأردن ومشتركين في مؤسسة الضمان الاجتماعي يحصلون على أجور شهرية تبلغ (400) دينارا شهريا فأقل.
وعدَّ التقرير هذا المستوى للأجور منخفض جدا، إذا ما قورن بمستويات خط الفقر المطبق في الأردن، فالأرقام الرسمية التي تتناول مستويات الفقر في الأردن، وتشير إلى أن حد الفقر للفرد سنوياً يبلغ 440 دينارا.
واعتبر التقرير أن من أهم التحديات التي يواجهها عمّال الأردن، القيود غير المبررة على حرية التنظيم النقابي، معتبرا إياه السبب الأساسي في اتساع رقعة الانتهاكات التي تتعرض لها قطاعات واسعة من العاملين في الأردن.
وفيما يتعلق بالحماية الاجتماعية أشار التقرير إنه وبالرغم من التعديلات المتلاحقة على نصوص قانون الضمان الاجتماعي والتي كانت بمجملها تعديلات ذات صبغة إصلاحية، بحيث تشمل جميع القوى العاملة في الأردن قانونياً، ولا تفرق بين العمالة الوطنية والعمالة الوافدة (المهاجرة)، فإن نسبة المشمولين في الضمان الاجتماعي مازالت قليلة، فهم يشكلون في أحسن الأحوال ثلثي القوى العاملة، إذ يبلغ عدد المؤمن عليهم الفعالين (على رأس عملهم) ما يقارب (1.05) مليون عامل.
كما أن هناك قطاعات واسعة من العاملين في مؤسسات مشمولة في قانون الضمان الاجتماعي إلا أن مؤسساتهم لا تشركهم في مظلّة الضمان، وهناك مؤسسات تشرك جزء من العاملين، والعديد من المؤسسات تشرك العاملين لديها أو جزء منهم برواتب تقل عن رواتبهم الحقيقية وذلك بهدف تخفيف الاقتطاع المترتب عليها، بحسب التقرير.
وتحدّث التقرير عن اتساع رقعة الانتهاكات التي يتعرض لها قطاعات واسعة من العاملين بأجر في الأردن أبرزها أن غالبية العاملين يحصلون على أجور شهرية تقل عن الحد الأدنى للأجور البالغ (190) ديناراً، كما أن هنالك قطاعات واسعة من العاملين لا يحصلون على حقوقهم في الإجازات السنوية والمرضية والرسمية أو حتى الإجازات الطارئة.
وأضاف أن هناك انتهاكات كبيرة تتعلق بساعات العمل، إذ أن هناك العديد من القطاعات العمالية يعمل فيها العاملون ساعات تتجاوز الساعات الثماني التي حددها قانون العمل الأردني من دون الحصول على بدل عمل إضافي. إلى جانب تغيب شروط السلامة والصحة المهنية عن قطاعات واسعة من العاملين في المؤسسات المتوسطة والصغيرة والعاملين في القطاع غير النظامي بالإضافة إلى غياب الاستقرار الوظيفي عن عشرات آلاف العاملين بحيث يستطيع صاحب العمل الاستغناء عنهم من دون أسباب مقنعة.
ولفت إلى انتشار عمالة الأطفال بشكل كبير؛ بما يخالف قانون العمل الأردني والاتفاقيات الدولية التي وقّع عليها الأردن بخصوص حقوق الطفل.
ودعا التقرير الحكومة وكافة أجهزة الدولة للأخذ بعين الاعتبار هذه التحديات التي تواجه عمال الأردن عند رسمها وتنفيذها للسياسات المختلفة وخاصة السياسات الاقتصادية، لتصب بمجملها في زيادة فرص التشغيل اللائق، وإعادة النظر بسياسات الأجور المتبعة وإعطائها بعد قيمي اجتماعي وعدم الاكتفاء بالنظر إليها باعتبارها كلفة، وإعادة النظر بنصوص قانون العمل المتعلق بالتنظيم النقابي لتمكين جميع العاملين في الأردن من تنظيم أنفسهم في نقابات ديمقراطية وفعالة تحقق مصالحهم، وتوسيع منظومة الحماية الاجتماعية لتشمل كافة العاملين في الأردن، وتمكينهم من التمتع بحقهم الأساسي في التأمين الصحي، بالإضافة إلى تطوير نظم إنفاذ التشريعات العمالية لوضع حدد للتجاوزات التي تجري عليها، لتمكين العاملين من التمتع بظروف عمل لائقة.











































