المرصد العمالي الأردني: بيئة عمل النساء غير ممكِّنة وتحتاج إعادة بناء

الرابط المختصر

أرجعت ورقة مختصة عدم التقدم باتجاه زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن، إلى ظروف العمل الطاردة (غير الصديقة) التي يعاني منها غالبية العاملين والعاملات في الأردن، وبخاصة مستويات الأجور المنخفضة.

 

وأشارت الورقة إلى أن النساء اللواتي انسحبن من سوق العمل خلال فترة جائحة كورونا لم يعُدن، بخلاف الرجال، إذ انخفض معدل المشاركة الاقتصادية للإناث بنسبة 0.4% خلال الربع الثالث من عام 2021. 

 

جاء ذلك في ورقة موقف أصدرها المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية. 

 

ويحتفل العالم هذا العام بيوم المرأة العالمي، الذي يصادف الثامن من آذار من كل عام، تحت عنوان أطلقته الأمم المتحدة: "المساواة المبنية على النوع الاجتماعي اليوم من أجل غدٍ مستدام".

 

 ويأتي هذا الاحتفال بعد مرور عامين على جائحة كورونا، كانت خلالهما النساء والفئات الأكثر ضعفا أكثر من دفع فاتورة الحرب الصحية وآثارها الاجتماعية الاقتصادية، بحسب الورقة.  

 

وجاء في الورقة، أن الأردن تقدم عام 2021 سبع درجات في تصنيف الفجوات بين الجنسين في المنطقة ليصبح بالمرتبة رقم 131 من أصل 156 دولة والخامس على مستوى منطقة الشرق الأوسط. 

 

وأكدت الورقة أن هناك العديد من مظاهر الحرمان والمُعوِّقات والقيود التي تُؤدِّي إلى عدم المساواة بين الجنسين في عالم العمل، حيث تقف الحواجز الاجتماعية والتشريعية عقبة أمام المشاركة الاقتصادية الفاعلة للمرأة.

 

ونتيجة لذلك، تلجأ العديد من النساء إلى قطاعات العمل غير المنظمة التي غالبا ما تكون من المنزل وتستبعد أطر الحماية الاجتماعية، أو يصل بهن الأمر إلى ترك عملهن، كما حدث خلال الجائحة. 

 

وأوضحت الورقة أنه رغم الجهود المبذولة في ردم الفجوات بين الجنسين في سوق العمل، إلا أن النساء أول من يضطررن إلى التخلي عن وظائفهن خلال الأزمات بسبب الحالة الاجتماعية التي تفرض عليهن المسؤوليات المنزلية والخدمات الرعائية التي تعتبر أن حاجتهن للعمل أقل من الرجال. وبما أن دخولهن إلى سوق العمل من جديد أصعب من نظرائهن الرجال، ما تزال النساء يعانين من نسبة بطالة مرتفعة وصلت إلى 30.8% في الربع الثالث من عام 2021.

 

كما انخفض معدل المشاركة الاقتصادية المنقح للإناث في نفس الفترة ليصل إلى نسبة 14.5% بعد ما بلغ عام 2020 نسبة 14.9% ما يدل على أن النساء اللواتي انسحبن من سوق العمل خلال فترة كورونا لم يعدن، بخلاف الرجال. 

 

وأظهرت الورقة أن عدم التقدم باتجاه زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن، يعود بشكل أساسي إلى ظروف العمل الطاردة (غير الصديقة) التي يعاني منها غالبية العاملين في الأردن رجالا ونساء، وبخاصة مستويات الأجور المنخفضة. إلا أن النساء يتعرضن لانتهاكات لحقوقهن الأساسية أكثر من الرجال، بسبب اضطرار الآلاف منهن للعمل في الاقتصاد غير المنظم، كما أن النساء ذوات الإعاقة يتعرضن إلى تحديات مضاعفة في سوق العمل الأردني.

 

وبيّنت الورقة أنه وبعد مرور عامين على بدء جائحة كورونا صار المنزل مكانا للعمل وليس للعيش فقط، ولأن أعباء رعاية الأطفال وكبار السن تقع غالبا على نحو غير متكافئ على عاتق النساء، فإن ذلك يسهم في حصر عملهن في وظائف غير متفرغة ذات أجور متدنية.

 

وأن إتاحة وظائف جيدة، تتسم بأنها مستقرة ولائقة وآمنة ومنتجة، هو أمر بالغ الأهمية من منظور المساواة بين الجنسين، لأن النساء على الأرجح يُؤلِّفن نسبة أكبر من الرجال في وظائف القطاع غير الرسمي التي لا تتطلب تفرغا وتتسم بتدنِّي الأجور والإنتاجية.

 

وفي هذا الصدد، بيّنت الورقة أن زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة بنسبة 25% فقط، سيزيد نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10% كما أن تمكين المرأة من الحصول على عمل مدفوع الأجر سيقلل من الفقر ويحفظ الطبقة الوسطى ويوسعها من خلال تمكين الأسر ورفدها بأكثر من مصدر دخل.

 

وفي الجانب القانوني أشارت الورقة إلى أن الأردن لم يصادق لغاية الآن على اتفاقية مناهضة العنف والتحرش في العمل رقم (190) ولا يزال هناك قصور في وجود سياسات داخل منشآت الأعمال للتبليغ عن حالات التحرش، وأن قانون العمل يعالج في المادة (29) منه حالات الاعتداء من قبل صاحب العمل أو من يمثله فقط، بينما من الممكن أن يقع التحرش الجنسي من الزملاء أو المراجعين.  

 

وأوصت الورقة بمراجعة مختلف الاستراتيجيات والبرامج الرامية إلى تعزيز دور المرأة في الحياة الاقتصادية وسوق العمل، أكانت تلك الصادرة عن المؤسسات الحكومية ذات العلاقة أو عن مؤسسات المجتمع المدني. 

 

وشددت على ضرورة تحسين شروط العمل في الأردن بعامة وللنساء بخاصة، لتصبح أكثر جاذبية لهن، وذلك على مستوى السياسات والممارسات، وتمكين جميع العاملين والعاملات في الأردن من التمتع بالحقوق والمبادئ الأساسية في العمل ومعايير العمل اللائق بمختلف أبعادها.

 

وفيما يتعلق بتنظيم ودعم أعمال النساء من المنزل، دعت الورقة إلى ضرورة إيجاد مظلة تُدير مشاريع النساء في المملكة وتوجههن وتدعمهن وتعزز من مهاراتهن لتطوير مشاريعهن المنزلية من أجل تحفيز مشاركتهن الاقتصادية. 

 

ولفتت إلى الحاجة إلى إعادة النظر بالتعديلات التي أجريت خلال السنوات الماضية على قانوني العمل والضمان الاجتماعي باتجاه تحسين شروط العمل وتعزيز الحمايات الاجتماعية وتوسيعها وتعديل المادة 69 من قانون العمل باتجاه ترك قرار اختيار نوع المهنة وأوقات العمل للنساء أنفسهن، على أن تتضمن المادة نصوصا توفر الحمايات اللازمة لجميع العاملات والعاملين أثناء العمل الليلي.

 

ودعت الورقة إلى تعزيز نظام النقل العام ووسائل المواصلات بحيث يلبي حاجات النساء للذهاب إلى أماكن عملهن بيسر وأمان، وضرورة إعادة النظر في تمويل كلفة نظام النقل العام بحيث تتناسب وأجور العاملات التي في معظمها تقل عن الحد الأدنى للأجور.