المخدرات و الحروب على الحدود
من الحروب المشهورة جداً في التاريخ، كانت حرب الأفيون عام 1839 البريطانية الصينية الخاضعة لحكم سلالة تشينغ، وسيلة لاحتلال الصين والسيطرة عليها بواسطة التصنيع والتسويق ونشر التعاطي وجني الأرباح الطائلة لتمويل السيطرة والاحتلال البريطاني للصين.
في العصر الأمريكي دعمت ال CIA وكالة المخابرات الأمريكية حروبها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية المافيا الإيطالية لمنع سقوط جزيرة صقلية بيد الشيوعيين، ولان الولايات المتحدة نظرت للعالم كقرى صغيرة، فإنها استمرت في ترويج وصفتها للسيطرة، كما مولت حروبها في لاوس وفيتنام الجنوبية وسهلت تجارة المخدرات لإعادة استثمار مردودها في الحرب.
السيناريو ذاته اعتمدته واشنطن في أميركا الجنوبية بحجة مواجهة الخطر الشيوعي بواسطة أموال المخدرات، في دول مثل كولومبيا ونيكاراغوا حتى انفجرت فضيحة الكونترا 1986 التي سهلت دخول المواد المخدرة إلى الداخل الأمريكي والسماح بيعها في أحياء السود الفقيرة لتمويل حربها هناك. استمرت واشنطن ومولت الحرب الكورية، هذه التجارة اتسعت وزادت مع دخول الولايات المتحدة على خط الازمة الافغانية السوفيتية وما بعدها، لتصير أفغانستان مزرعة العالم و مصنعه وسوقه القادر على إعادة إدارة أرباحها وأصولها على شكل عمليات حربية في تلك البلاد.
في زمننا شهدنا جيوش ومنظمات قتالية ترمي السلاح وتترك وظيفتها للحاق بهذه التجارة، فبنت المصانع وشيدت خطوط الإمداد والتسويق في سبيل تصنيع المواد المخدرة وتهريبها إلى دول الجوار، هذه التجارة الرائجة وجدت موطئ قدم لها في الجنوب السوري - الفرقة الرابعة في الجيش و عرابها ماهر الأسد - الذي عمل على تأسيس العديد من المصانع لإنتاج الكبتاغون، لتمويل العمليات القتالية الموجهة ضد المنظمات المعارضة والحد من سيطرتها على الأراضي، لكن الأثر امتد إلى خارج سورية ليصير كابوساً في المنطقة خاصة للدولة الأردنية التي من جانبها حاولت منعه من خلال التشديد الحدودي إلا أن هذه الأساليب حدت منها لكنها لم تمنعها، ما أدى إلى انتشارها داخلياً. من جانبه قال مسؤول أوروبي، الأسبوع الماضي، خلال جولة على الحدود الأردنية السورية الأسبوع الماضي، إنه مع انهيار حكم الأسد، تراجع إنتاج الكبتاغون بنسبة تصل إلى 90%، وفي تصريح لها، أكدت هيئة تحرير الشام أن عهد الكبتاغون قد ولّى، وأن الحكومة الجديدة لا تريد إلحاق الأذى بجيرانها من خلال تصدير المخدرات".
فهل تنتهي حرب المخدرات بعد السقوط الدرامي للنظام السوري ومليشيات التصنيع وشركائها من قوات الفرقة الرابعة وبعض المنظمات التي ساهمت في إسقاط النظام أم تستمر؟ وهل تخلت العشائر المتدخلة عبر الحدود - ممتدة من سوريا، العراق، الأردن، السعودية - عن تجارتها أم مازالت فاعلة تعيد بناء خطوط إمدادها عبر الحدود للوصول إلى السوق السعودي - الخليجي - خاصة في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية والتي تعد مصنع كبيراً لهذه الحبوب، الى جانب محافظة درعا، وهل ثمة ترابط وعلاقة تواصل بين عصابات التهريب في الجنوب السوري مع نظيراتها في الجنوب الفلسطيني، ربما إجابة السؤال هذا أمنية بحتة، فاجهزة الأمن من تملك الحقيقة في تلك المناطق.
بالمناسبة مصطلح العالم قرية صغيرة يُعتمد أساسا من العدمية الوضعية، حيث لا دولة لا قانون لا قرى إلا منزوعة السيادة والرأي يتحكم بها حسب حاجة المسيطر،