المحكمة الدستورية في التعديلات الدستورية: بين ديمقراطية الدولة وتغول السلطة التنفيذية
حددت المادة ( 58 ) من توصيات التعديلات الدستورية الأردنية إنشاء قانون محكمة دستورية في المملكة الأردنية باعتبارها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها.
وتختص المحكمة الدستورية بحسب التعديل بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتصدر أحكامها باسم الملك.
و للمحكمة الدستورية حق تفسير نصوص الدستور إذا طلب إليها ذلك بقرار صادر عن مجلس الوزراء أو بقرار يتخذه أحد مجلسي الأمة بالأكثرية المطلقة ويكون قرارها نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية.
وبعيداً عن آلية عمل المحكمة وطريقة تشكيلها، فإن بعض الخبراء يرون أن "المحكمة الدستورية تعد ركيزة من ركائز الديمقراطية في الدولة حيث تختص بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة”.
من جانبه، يرى المحامي فاروق الكيلاني أن المحكمة الدستورية تحمي حقوق الأفراد وحرياتهم إذا لم تتول هذه الرقابة هيئة سياسية"إذ غالبا ما تقوم بإصدار قراراتها وفقا للتأثيرات السياسية ومراعاة لرغبات السلطة التنفيذية”.
وتعد المحكمة الدستورية أداة من أدوات ترسيخ دولة الحق والقانون، لدورها في الرقابة القضائية على دستورية القوانين والأنظمة وتفسير نصوص التشريعات والحكم بإلغاء النصوص المخالفة للدستور.
وتشكل المحكمة حماية لحقوق الأردنيين لا سيما وأن المحاكمات أمامها ستكون علنية وقراراتها معلنة وقطعية.
ومن أبرز فوائد المحكمة حماية أحكام الدستور وردع للسلطة التنفيذية إذا تعسفت باستعمال الحق الممنوح لها بموجب الدستور من خلال إصدار القوانين المؤقتة "دون وجه حق" أو التشريع بما يخالف أحكام الدستور.
وتتولى المحكمة الدستورية تفسير نص القانون أو تلغي نظاما غير دستوري أو غير قانوني، أو تفسر نصوص الدستور، وأي قرار يصدر هو قرار ملزم لكل السلطات وعليها تنفيذها.
وعودة إلى آلية عمل المحكمة الدستورية وطريقة تشكيلها، فقد يرى البعض فيها نسفا لمهام وأهداف المحكمة؛ فالتعديلات الدستورية المقترحة حصرت حق الطعن بدستورية القوانين والقرارات بمجلس الوزراء ومجلس اﻷمة ورئيس محكمة الاستئناف، ولم تلتفت التعديلات إلى المطالب اﻷخرى بمنح حق الطعن للأحزاب أو مؤسسات المجتمع المدني أو حتى لعدد محدد من مجلس النواب، حيث اشترط على مجلس النواب أن يوافق باﻷكثرية المطلقة على تقديم الطعن.
كما أن المحكمة الدستورية لا تستطيع بنفسها النظر بدستورية أي قانون، إلا إذا طلب منها من قبل من يملك الحق بالطعن أمامها.
أما بخصوص تشكيل المحكمة، فإن للملك صلاحية تعيين أعضائها التسعة، ما يعتبره البعض حداً من استقلالية المحكمة، ناهيك عن أن ترك الباب مفتوح أمام ماهية شخوصها بإضافة عبارات "كحقوقيين مختصين" قد يعطي المجال للسلطة التنفيذية تعيين من تشاء في المحكمة.
وسبق إنشاء المحكمة الدستورية محاولة حكومية في عهد رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب عام 2003، إلا أن اللجنة التي كلفت في ذلك خلصت بعد عقدها عدة اجتماعات بأنه لا مبرر لإنشائها، والضرورات غير ملحة لإنشائها.