المبدعون الشباب..حكاية ضائعة بين الأفراد والمؤسسات

الرابط المختصر

يكتب الشباب ويبدعون في مجال الشعر والقصة والخاطرة، ويحاولون ايجاد مكان لهم بين الشعراء والأدباء العرب، لكن هل هم منصَفين؟ وهل يجدون الرعاية الكافية لرسم دربهم على طريق الأدب؟ ما دور الدور والمؤسسات الثقافية في هذه الرعاية؟ وهل هناك رعاية أصلاً؟ربما يكون للفنون الأدبية الأخرى، كالفنون الموسيقية والفنون التشكيلية الحظ الأوفر من الاهتمام والرعاية للمبدعين الشباب في هذه المجالات. فالغناء والرقص مثلا لهما النصيب الأكبر من الدعم والاهتمام من قبل المؤسسات الإعلامية. لكن فيما يخص الفنون الأدبية من شعر ورواية وقصة قصيرة، فهل هناك خطط حقيقية لدعم هؤلاء المبدعين وفهم متطلباتهم!



عندما يكون الحديث في الثقافة؛ فإن البرامج والأخبار الثقافية تتناول دائما اولئك الكبار والذين أصبحوا من الاسماء المعروفة في الثقافة، هل من حديث عن ابداعات الشباب حديثي العهد بالشعر أو القصة أو حتى الرواية.



الإصدارات الجديدة والتي يصدرها المبدعون الشباب هل تنال حقها من القراءة والنقد والدراسه، وكم يحتاج الشاعر الجديد أو القاص حديث العهد بالكتابة من الوقت كي يصبح معروفا ويستطيع أن يجد لاسمه مكانا بين المثقفين، ويسمع رأيه الأدبي؟



أسرة أدباء المستقبل، نادٍ للأدباء الشباب، أسس قبل إحدى عشر سنة، يستقطب الأقلام الواعده ومن لديه موهبه ليطور أعماله ويساعده ويأخذ بيده، له أمسية كل خميس، يتمرن الشباب المنتمين له على الإلقاء الشعري، ويعرضون نتاجهم الإبداعي أمام الحضور، ويستمعون لنقد بناء حول ما يكتبون.



وتقول الكاتبة والقاصة صباح المدني، مديرة أسرة أدباء المستقبل، "هناك إقبال شديد على النادي من قبل فئات عمرية من سن 15 الى 60 ونحن نضاهي اتحاد الكتاب والرابطة وشومان بعدد الحضور الذي يصل الى خمسين وهو عدد نادر. أعضاءنا من الجامعات والمدارس ولدينا اعضاء جدد باستمرار، قمنا بنشر كتاب للنادي، بالإضافة لنشرة دورية كل ثلاث أشهر هي في الحقيقة مجلة، لكن لقلة الإيراد فهي تعتبر نشرة، نقوم بنشر أعمال الاعضاء والأخبار الثقافية وكتابات لشعراء كبار".



وعن هدف المؤسسة تقول المدني، "هدفنا إتاحة الفرصة للأعضاء كي يعرضوا أعمالهم على من سبقوهم في هذا المجال، والإلتقاء مع كبار الأدباء وأخذ آرائهم وإرشاداتهم واستقبال النقد البناء من قبل المتخصصين، وتوجيههم لأساليب الكتابه الإبداعية ومناقشة أعمال الواعدين لترق بهم للمستوى المطلوب، هناك ايضا محاضرات تلقى من قبل ضيف معروف كل أسبوع تعلمهم أصول النقد والكتابه الادبية، بالإضافة لمساعدتهم في نشر الأعمال المتميزة في الصحف والمجلات".



رغم ضعف الدعم لهذا النادي، إلا أنه يقيم أمسيات شعرية لشعراء معروفين، ليساهموا في مساعدة الشباب فيما يكتبون ويوجهونهم ويشجعوهم، وأعضاء الأسرة وصلوا الى المائه وخمسين.



لكن ماذا عن دور أمانة عمان الكبرى في رعاية الشباب، وكونها تأخذ على عاتقها دعمهم عبر برامج وأنشطة، ويقول في هذا الصدد مدير الدائرة الثقافية في الأمانة، عبد الله رضوان، "الأمانة تتقدم ببرنامجين: الاول يتعلق بالجانب الرياضي، فللأمانة حضور فاعل في متابعة الأنشطة الرياضية، والمحور الآخر يتعلق بالجوانب الأدبية والفنية، لدينا في الامانة مجلات تستقبل المنتج الشبابي سواء كان نسوي كمجلة تايكي المعنية بالأدب النسوي، أو قسم البراعم الخاص بسن الشباب ما بين اثنا عشر الى ثمانية عشر عاماً".



وتستقبل الدائرة الثقافية ابداعات الشباب من قصة قصيرة وشعر ورواية وتعرض على لجان فنية مختصة، "وتقرر اللجنة إذا ما كانت هذه المخطوطات تستحق النشر، ونقوم بالأمانة بتولي نشر المخطوطة ضمن منشورات الأمانه ونعطي مكافأة لهذا المبدع، ونوزع خمسمائة نسخة منها على المؤسسات والكتاب والإعلاميين ونقدم دعم مالي يغطي 75 بالمئة من طباعة المخطوط إذا كانت قيمته الفنية متوسطة الجودة".



وبرأي رضوان فإن الأمانة تدعم الشباب المبدع في مجال المسرح، "نقوم سنويا بشراء مالا يقل عن خمسين عرضا مسرحيا، واكثر من نصف هذا العروض من انتاج الشباب وبخاصة الخريجين الجدد من الجامعات، إضافة الى ان الفرق الفنية التي يشكلها الشباب فنحن نقوم خلال العام بمجموعة حفلات فنية وموسيقية وغنائية وفرق شعبية، المادة الرئيسية لهذه الفعاليات يقوم بها الشباب".



ورغم ذلك يرى رضوان أن دعم مجموعة من الشباب كفرقة موسيقية أسهل من دعم أفراد مبدعين، لكن هل هذا ينعكس سلبا على هؤلاء الشباب، يقول رضوان " نحن تبنينا تجارب جديدة في حقل القصة أو الشعر او المسرح وقدمناها وطبعنا لهم كتب، لم نرفض اي مشروع حقق الحد المطلوب من ابداعيته الفنية، نحن لا نقول أنه تم، لكن حجم ما يتم انتاجه في هذا المشروع قليل".



وتتفق الناقدة والمثقفة الأردنية، رفقة دودين مع رضوان حول أن الاهتمام ينصب على الفنون الموسيقية أكثر، وتقول "وفي المحصلة، فالأغنية والقصيدة المغناة هي ابداع. ربما كان التفجر المعرفي والثورة المعلوماتية وضعتنا في مرحلة الخبطه، بمعنى أننا قد نضيع البوصله قليلاً. لكن بعد أن تبُنى البيئة المنطقية المتماسكة لكل هذه المعطيات".



ويعلق رضوان "بصراحة، ولادة شاعر أو قاص هي ولادات نادرة خاصة انه ابداع فردي بينما الفرق يكون ابداعها جماعي فتكون فرصة تقديم نفسهم أسرع وأسهل". ليقتصر دعم الأمانة في كثير من الأحيان على البنى التحتية سواء أكان في مركز الحسين الثقافي أو بيت الشعر الأردني أو مركز زها أو حدائق الملكة رانيا مجانا لإقامة الانشطة الخاصة بهم".



"لا نقول أننا قمنا بتحقيق كل الحلم، لكن من راقب الفروق ما بين اوجه وأشكال الدعم للشباب سواء كان في البعد الرياضي او الفني الادبي من عشر سنوات والآن سيجد أنها تقدمت بنسب كبيرة جدا تجاوزت مئتين بالمئة عما كانت قبل عشر سنوات"، يقول عبد الله رضوان.



وبحسبه فإن الإذاعة الأردنية تهتم بإبداع الشباب، لكن "قطعا الصوت الجديد يحتاج للوقت حتى يمتلك الحضور ويتم التعامل معه باعتباره ناضج فنيا، لكن فرص الاتاحة قائمة".



وتقول رفقة دودين، لبرنامج "برائحة القهوة"، "أشعر كثيرا مع أي شاب يُخبأ في جيبه قصيدة أو قصة او خاطرة أو مشروع مسرحية ولا يدري أين يذهب بها، وأعتقد ان تنمية الذائقة الابداعية وذائقة التلقي عند الشباب تحتاج الى استراتيجية وخطة عمل".



وترى الدائرة الثقافية في الأمانة وعدد من المبدعين ان "شبابا يظنون أنهم يقدمون ابداعاً متميزاً لكن عند فحص هذا الابداع يظهر أنه يعاني من ضعف" لكن يرى عبد الله رضوان "هذا وضع طبيعي في البدايات، الابداع ليس سهلا، وولادة شاعر وقاص ومبدع ليست مسألة سهلة".



ويلفت رضوان "تبقى شكوى الشباب مبررة بحكم تكوين الشاب المبدع: عمره وكيميائته الجسدية، فيكون متعجلاً ويطلب الشهرة بسرعة وهذا من حقه، لكن حجم ما يتاح من منابر للتعبير عن أصواتهم هو قائم وغير مسبوق في بلادنا. الحرية لا تعطى بشكل مطلق فهذه مادة ابداعيه لابد من تقييمها فانا مثلا في الدائرة الثقافية مستعد لاستقبال أي مادة، لكن على الشاب أو الشابة أن يعرف أن مادته ستخضع للتقييم. واللجنه الادبية المتخصصة حسب طبيعة المادة المقدمة هي التي تقيم وليس أنا".



وتقول المبدعة الأردنية لينا الكيلاني، الحاصلة على جائزة أدبية عالمية (جائزة جمعية الشعر الدولية) من واشنطن، أنه "رغم حصولي على جائزة عالمية في الشعر، لم أجد اهتماما من أي جهة، ولا أدري لمن أتوجه ولمن ألجأ، ربما هناك رعاية للمبدعين لكني لم استطع الوصول لهم".



ويرى في ذلك رضوان "...اطلع على باقي التقرير في صفحة برنامج برائحة القهوة