الله للجميع

 حكاية الإنسان في شراكته مع أخيه الإنسان تجسدت في مرويات الأباء والأجداد، في الكرك - جنوب الأردن - أراد مسيحيو قرية “ أدر “ بناء كنيسة لهم، فاستشاروا عشيرة المعايطة، وافقوا شريطة أن يكون الخوري منهم ويقال أن القصة شهدتها مدينة الصريح - شمال الأردن - خاصة بعشيرتي الشياب والمرجي، لاحقا تبرع كبار الدين المسيحي في الكرك لبناء مسجد “ أدر “ الكبير.

 

المسيح وأمه وكل من عاش في هذه الأرض، مروا من هنا واستقروا، تشهد لهم مدينة عنجرة وكهوفها، الحصن والصريح وأسوارها، مادبا وخرائطها، كانوا هنا “ أردنيون في الجغرافيا “ قبل أن يكونوا مسيحيين أو مسلمين في الدين “ ما جمعهم كان أكثر من فرقتهم!

 

أعلم تماماً أن هذه المسائل عقدية بحتة والنقاش فيها يحتاج مختصين، والدخول في خلافتها خط أحمر، وأعلم أن هذه الأمور لا تخضع للآراء وتعليقات العامة، لكن تفجرها بهذه الصورة البشعة يظهر مدى التحفز لمحاربة بعضنا بعضاً إرضاء للمحتل الذي يستغل كل مناسبة لتحقيق أهدافه.

 

 هل المسيحي شريك الأرض صار عدوًا، وصار المحتل - ابن العم - صديقاً و رفيق درب !

 

 محزن أن نرى غياب الإنتقاد للمحتل باعتباره أساس القضية وما تفجر عنها من قضايا فرعية، مؤسف حقاً أن تشتعل الخلافات مع كل عيد، مع كل احتفال بالمولد النبوي، مع كل موت صديق أو شخصية وطنية، ومع ظرف استثنائي، ليزداد الشرخ بين أبناء الأرض والقضية الواحدة.   

 

في تاريخنا، صعد فارس خوري المسيحي المنبر الأموي في يوم الجمعة مخاطباً جموع العرب ومعلنًا تحديه الإستعمار الفرنسي و الجنرال غورو الذي ادعى أن فرنسا جاءت لحماية مسيحي الشرق، حُمل الرجل على أكتاف علماء الشام المسلمين وكبارها، خرج مسيحييها يهتفون “ لا إله إلا الله “، 

 آنذاك كان القلب والعقل والشام شريفاً، فارس خوري الذي قال في هيئة الأمم المتحدة أن “ قضية فلسطين لن تحل في أروقة مجلس الأمن، لكنها ستحل على ثرى فلسطين “. فكيف لا أترحم عليه ؟

 

* ذكر البعض ممن رافق خوري في آخر سني عمره أنه مات مسلماً، تماماً كما مات ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث العربي .

 

في عام 1961 قدم الشاعر السوري عمر أبو ريشة أوراق اعتماده للرئيس الأمريكي جون كينيدي، توجه له الرئيس للسفير قائلاً : سعادة السفير: عرفنا عن السوريين لو سمحت ؟

 

تبسم السفير وقال: “سيادة الرئيس جدَّنا السوري يسوع المسيح، هو “ ربكم”، كان الرئيس يتحدث عن الديمغرافيا، فيما أجاب السفير بلغة الجغرافيا التي صنعها المسيح.  

 

راشد الخزاعي القائد الوطني الأردني، حمى مسيحي لبنان أثناء الحرب الأهلية إذ استجاروا به في جبال عجلون وما حولها، فكان الوحيد في التاريخ الذي كرم بالوشاح المقدس، من تجرأ على الإعتداء عليهم ولو بكلمة ؟ 

 

أنطوان سعادة القومي العربي، كان بليغًا في وصفه إذ قال:” إن اقتتالنا على السماء أفقدنا الأرض“ فمن ذا الذي يضمن دخوله الجنة ؟ 

 

نحن حواريون وانصار ونصارى وجدوا في هذه الارض أو هاجروا اليها، لهدف ليس عبثياً، يريدونها لونًا واحداً فيما الله خلق الألوان العديدة، ولو أراد “ لجعل الناس أمة واحدة “ 

 

أحدهم أمس دعا لي “ بالهداية “ شكراً له ! هو يراني ضال، ما يعني قابليته للتخلص مني إن أتيحت له الفرصة. 

 

 أخر ختم رده بالازدراء والشكر لان تعليقي أعتبر خروجاً على فهمه، لست هنا بصدد الدخول في حرب الخلافات الدينية - مذهبية أهلكت الناس، لكنني أسأل عن قيمة حرف المسارات الأساسية إلى الثانوية، ربما هم في أزمنة الحرب كمثال قادرون على تقديم الرأي والفتوى التي تبيح لهم “ أكل المنسف “ أثناء القتال ! 

 

ما يجري يذهب مجانًا لصالح المستعمر القابع على أرضنا ومقدساتنا ومستقبل اطفالنا، بعدما يشرعن - البعض - بعبثية الآراء التي تأخذ من القرآن والسنة النبوية ما تشاء، لكنها لا تناقش الأسباب والمناسبات وكل قصص السلف الصالح في خطابهم الحسن. 

 

قبل سنوات، بكى الأردني على معاذ الكساسبة، بكت أمهاتنا وآبائنا والجيش، فيما البعض استمتع بمشهد الموت البطئ، قرع المسيحي في الكرك جرس كنيسته حزنا على “ الشهيد “ الذي قتل بيد الفتاوى قبل أن يقتل بيد الإرهاب، فبعض الإرهاب رائحته تصدر من هناك باسم الفقهاء، لا بحكم الله، هذه الفتاوى والحوارات بكل ما فيها لو نظرت إليها بعين متجردة لوجدت انها استهداف لآراء الفقهاء والمذاهب أنفسهم. 

 

 

أضف تعليقك