القطاع الخاص وجموده امام تراجع الاسعار

الرابط المختصر

ما زال القطاع الخاص مترنحا امام المطالبات الرسمية والشعبية بتخفيض اسعار سلعه ومنتجاته التي زاد من اثمانها اكثر من ثلاثة اضعاف تحت حجج مختلفة ابرزها ارتفاع اسعار النفط وتنامي الكلف الانتاجية عليه.




فمع عودة اسعار النفط للانخفاض اكثر من 50 بالمئة في غضون الشهرين
الماضيين يتعين على التجار تحمل مسؤولياتهم والتجاوب مع معطيات السوق
الحر, بأن تنعكس حالة الانخفاض العام في اسعار السلع والكلف على منتجاتهم
التي تباع باثمان عالية, فمنطق السوق الذي يعمل فيه هؤلاء التجار يفرض
عليهم تفاعلا ايجابيا مع الاسعار سواء اكان هبوطا ام ارتفاعا.



الملاحظ ان سرعة ردة فعل التجار مع رفع اسعار السلع قبل بداية العام حتى
قبل جنون اسعار النفط عالميا لا يتناسب مع "برودة" موقفهم تجاه الهبوط
الهائل في المستوى العام للاسعار, لا بل ان بعضهم بدأ بالحديث عن ان تأثير
الطاقة على الاسعار محدود جدا, في حين يردد البعض انهم قاموا باستيراد
كميات كبيرة من المواد باسعار عالية الامر الذي يرتب عليهم خسائر كبيرة في
حال تخفيض الارباح, والحقيقة ان تلك المبررات صالحة للحديث عند هؤلاء
التجار في كل الاحوال, والكل يتذكر عندما قام التجار بالرفع الفوري لاسعار
سلعهم متناسين ان مخازنهم مملوءة ببضائع اشتروها باسعار رخيصة مما ضاعف
ارباحهم, ويتناسون ان معظم السلع الغذائية والمواد الاساسية لا يوجد عليها
اية رسوم جمركية او ضريبية, بعد ان بادرت الحكومة الى الغائها قبل اشهر
مما افقد الخزينة اكثر من 100 مليون دينار كانت بامس الحاجة اليها لوقف
الزيادة الكبيرة على عجز الموازنة.



صورة المشهد الاستهلاكي اليوم تدفع جمعيات حماية المستهلك للعب دور اكثر
حيوية الان من ذي قبل, فدورها لا يقتصر على حماية المواطنين من الغلاء,
وانما بالضغط على القطاع الخاص للتجاوب نحو العمل على تخفيض اسعاره وتوفير
السلع البديلة وتمكين الاقتصاد من الاخذ بمبدأ التنافسية بطريقة اكثر
تفاعلية الامر الذي يزيل اشكال الاحتكار المختلفة بالاسواق.



الكل في حالة ترقب ايجابي لاسعار السلع, والمشكلة الرئيسية هي في تباطؤ
القطاع الخاص بالتجاوب مع تخفيض الاسعار, والغريب في المشهد العام ان
الحكومة وحدها وعكس كل المرات السابقة هي التي تخفض وحدها الاسعار سواء في
المحروقات او اجور النقل او غيرها من القطاعات التي تستطيع الضغط على
منتجيها.



المعادلة باتت مقلوبة, الحكومة تخفض الاسعار والقطاع الخاص يقاوم,
والمستهلك ينتظر ويترقب تداعيات الامور, وفي اعتقادي ان الحكومة اذا لم تر
تجاوبا طبيعيا من التجار مع منحنى الاسعار العام, فباستطاعتها اللجوء
للعديد من الوسائل القانونية التي هي بالنهاية حماية للامن الغذائي
الوطني, فمسألة ان الدولة لا تتدخل بالاسواق وان السوق يصحح نفسه بنفسه
مقولة اندثرت وولت الى غير رجعة مع ما نشاهده من تداعيات الازمة المالية
العالمية