القرصنة في خليج عدن تؤثر على ميناء العقبة
يتوقع خبراء في قطاع النقل البحري أن تنعكس أعمال القرصنة البحرية
التي انتشرت مؤخرا في خليج عدن على حركة الملاحة والبواخر الداخلة والخارجة من وإلى خليج العقبة شأنه شأن باقي الموانئ الموجودة في المنطقة.
فيما يقلل آخرون من مدى تأثر العقبة بهذه الأعمال، مشيرين إلى أنّ "التأثير محدود جدا"، بخاصة للبواخر التي تدخل العقبة وليست الخارجة، حيث إنّ الخط البحري بالدخول يختلف عن الخط البحري الذي في الخروج.
وما بين هذا وذاك فإنّ الأردن يقوم حاليا باتصالات عالمية تهدف إلى معالجة هذا الوضع وإحكام السيطرة البحرية على هذه المنطقة.
ويؤكد المدير التنفيذي لنقابة وكلاء الملاحة البحرية، الكابتن محمد الدلابيح، إنّ هناك اتصالات عالمية أردنية لمعالجة ظاهرة القرصنة في خليج عدن وإحكام السيطرة البحرية على هذه المنطقة.
وأكد بأنّ هذا يأتي في ظل انعكاس ظاهرة القرصنة في عدن على خليج العقبة، مشيرا أنّ "ظاهرة القرصنة تشكل خطرا على جميع البواخر الداخلة والخارجة من وإلى العقبة عن طريق خليج عدن، حيث إنّ العقبة جزء من المنطقة التي تتأثر حاليا بأعمال القرصنة شأنها شأن المناطق الأخرى".
وقال الدلابيح إنّ ظاهرة القرصنة البحرية بدأت تظهر فعليا في الآونة الأخيرة؛ حيث بدأت بخطف قوارب صيد صغيرة وانتهت ببواخر نفط عملاقة.
وبلغ عدد البواخر التي تم اختطافها خلال العام الماضي ما يقارب 100 حالة في خليج عدن وحده.
وحول أسباب نشوء هذه الظاهرة، أشار الدلابيح أنّ المختطفين وجدوا أن عمليات الاختطاف تشكل دخلا جيدا من دون عناء يذكر، وزادت هذه الظاهرة مع وجود أكثر من جهة يمكن أن تتفاوض معهم، ففي حالة اختطاف باخرة يمكن للمختطفين المفاوضة مع مالك الباخرة أو مستأجرها أو صاحب البضاعة أو شركة التأمين المؤمنة لديها الباخرة ما زاد من تعقيد الأمور.
وبين الدلابيح أنّ المشكلة في ذلك تكمن في أنّ حوادث الاختطاف تتم على الساحل الشرقي للصومال والذي يقع على منطقة مهمة تربط خليج عدن بالبحر العربي والمحيط الهندي وهي تعتبر منطقة عبور أساسية للبواخر الداخلة والخارجة من البحر الأحمر والتي يصل تعدادها إلى 21 ألف باخرة سنوية جميعها يستخدم قناة السويس إضافة للبواخر التي تدخل البحر الأحمر من الشرق الأدنى.
ولفت إلى أن كل ذلك يجعل أصحاب البواخر يفرضون رسوما تأمينية عالية على البواخر المارة من هذه المنطقة، علما بأنّ أي ارتفاع على رسوم البواخر ينعكس بالتالي على أجور الشحن، كما أن هناك شركات بحرية غيرت من مسارات بواخرها ما زاد المسافة التي تقطعها الباخرة.
وأوضح أنّ بعض الشركات البحرية التي تتنقل ما بين الخليج العربي والهند وآسيا أصبحت تفكر بعدم استعمال القناة والمرور حول "الرجاء الصالح".
وذكر أنّ الباخرة المتجهة من طوكيو إلى هولندا تقطع عادة 11.190 ألف ميل عن طريق القناة، بينما هي عن طريق الرجاء الصالح 14.500 ألف ميل، فيما الباخرة المتجهة من رأس تنورة في السعودية إلى هولندا فإنها تقطع عادة عن طريق القناة 6.436 ألف ميل، بينما تقطع عن طريق الرجاء الصالح 11.169 ميل، حيث يلاحظ أن التوفير في الوقت والمسافة كبير جدا وكلما زادت المسافة زادت أيام الرحلة وبالتالي ارتفعت أجور النقل نتيجة لارتفاع التكاليف.
وأضاف أنّ هذه التكاليف لم يتم رصدها في الوقت الحاضر نتيجة الكساد العالمي الذي انعكس على قطاع النقل البحري والذي رافقه انخفاض حاد جدا بأسعار البواخر وأجور الشحن؛ حيث إنّ كساد الأزمة العالمية كان له انعكاسات سيئة على الشركات الملاحية المالكة للبواخر.
أما بالنسبة للقرصنة البحرية، وفق الدلابيح، فمشكلتها الأساسية ليست في البحر لكن في البر، حيث إنّ القراصنة لهم موانئ برية يضعون فيها البواخر والمختطفين، ومن هناك يجب حل المشكلة، ومهما وضعت من قوات ووحدات بحرية مقاتلة فلن تستطيع تنظيم الأمور، حيث إن المساحة تقدر بمئات الألوف المربعة في البحر ولا يمكن السيطرة عليها، بخاصة أنّ المختطفين يستعملون قوارب مطاطية سريعة تسهل لهم عمليات الاختطاف وبعد العملية تصبح مقاومة أي باخرة مخطوفة لا تذكر حيث إن تبادل أي إطلاق نار مع ناقلة نفط أو غاز ستكون نتائجها البيئية كبيرة جدا.
وحول أسباب تركز القرصنة في خليج عدن، أشار الدلابيح إلى "أنّ المناطق التي تتعرض للاختطاف تنتمي أولا لدول فقيرة وثانيا لمناطق لا يوجد للدولة سيطرة عليها ما يسهل لهم عمليات إدخال وإخراج البواخر للدولة".
ويرى الدلابيح أن المشكلة تكمن بالأرض وليس بالبحر وعليه يجب اعتبار أعمال القرصنة أعمالا "إرهابية" وأي دولة تساعد عليها هي بمثابة دولة تساعد على الإرهاب، وبذلك يتم القضاء على المشكلة نهائيا.
وقال نقيب وكلاء الشحن اللوجستية، نبيل الخطيب، إنّ التأثير على خليج العقبة مازال "محدودا جدا"، بخاصة على البواخر التي تدخل العقبة إلا أن التأثير يكون أكثر حدة على البواخر الخارجة من العقبة"، مشيرا إلى "أنّ الخط البحري في الدخول للعقبة يختلف عن الخط البحري في الخروج منها".
وقال المدير التجاري لشركة ميناء حاويات العقبة، إيهاب الرواشدة، إنّه وحتى اللحظة لم تلحظ الشركة أي تأثير لأعمال القرصنة في خليج عدن على ميناء حاويات العقبة، حيث لم يتم تبليغ الشركة عن تغيير أي مسار لأي خط.
ولم يستبعد الرواشدة أن يكون هناك أي تأثير في المستقبل؛ حيث إنّ كل الاحتمالات واردة، إلا أنّ احتمالات التأثر بعيدة، بخاصة إن معظم عمليات القرصنة كانت على بواخر نفط وغاز وليست بواخر حاويات أو بضائع.
من جهته، أكد وكيل خط "ايفر جرين البحري"، إبراهيم الناعوري، إنّ تأثير أعمال القرصنة في عدن انعكس على خليج العقبة من خلال ارتفاع أجور الشحن التي وصلت إلى 22 دولارا للحاوية المتكافئة بدل تأمين إضافي على المرور بخليج عدن.
وقال إنّ هذا المبلغ انعكس على المستوردين من العقبة الذين زادت عليهم التكاليف رغم الانخفاض العام على أجور الشحن.
واستبعد مدير عام شركة الحرية للملاحة والتخليص وكيل خطوط "ماسينا" الإيطالية، طلال الحلواني، أن يكون هناك أي تأثير على ميناء العقبة والبواخر المتجهة أو الخارجة منه.
وأكد أنّ هناك خطوطا جديدة من المحتمل أن تتحول إلى العقبة فيما ستعاود خطوط متوقفة منذ فترة للتشغيل على العقبة.
وقال إنّ الخطوط التي قد تتأثر بالقرصنة البحرية هي خطوط ليست متجهة للعقبة.











































