القرار العسكري الإسرائيلي.."هجرة ثالثة وضبابية في المواقف"

القرار العسكري الإسرائيلي.."هجرة ثالثة وضبابية في المواقف"
الرابط المختصر

يرى مراقبون أن على الأردن وربما الإدارة الأميركية مواجهة ما هو أكبر من استمرار الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية لدفع سير المفاوضات حتى بشكل غير مباشر؛ فباتت هنالك الإجراءات الإسرائيلية المتسارعة والكبيرة في القدس الشرقية ومنها تدشين كنيس الخراب، وأخيراً ما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية حول تنفيذ الجيش الإسرائيلي لقرار عسكري اتخذ العام الماضي بتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الأراضي المحتلة.

ويتلخص القرار العسكري الإسرائيلي بتهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين من الأراضي المحتلة الى قطاع غزة والدول المجاورة، هذه الأعداد بحسب مراقبين تصل إلى عشرات الآلاف، في حين يرى البعض الآخر انها تصل إلى أكثر من مليون فلسطيني إذا ما تم احتساب الفلسطينيين في الخارج.

ويجرم القرار عبر المحاكم العسكرية التابعة لوزارة "الدفاع" الاسرائيلية كل فلسطيني في الضفة الغربية لا يحمل هوية تثبت ان مكان اقامته في مدن الضفة، ما يعني انه يشمل كل العائدين الى الاراضي المحتلة بتصاريح زيارة، والذين غادروا قطاع غزة بعد تولي حركة حماس السلطة حيث تثبت هوياتهم ان مكان الاقامة في القطاع.

ورغم نفي الحكومة الأردنية من خلال سفارتها في تل أبيب ما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية حول تنفيذ القرار الإسرائيلي بتهجير الآلاف من الفلسطينيين، إلا أن القرار بحد ذاته اتخذ في العام الماضي وظهوره على السطح من جديد وإن كان في وسائل الإعلام فقط، يعني وضع المفاوضات والسلام بما حولها من أطراف المعادلة أمام "مطب جديد" وخصوصاً الأردن كأحد أكثر المتضررين بين أطراف المعادلة، بحسب مراقبين.

في تعليقه على نفي الأردن، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي ناهض حتر "أن الحكومة الأردنية متواطئة مع إسرائيل في قبولها القرار وأن الحكومة وحتى المعارضة الأردنية في حالة من الانسحاق والاستسلام الكامل أمام الواقع الإسرائيلي.

"هجرة ثالثة"، أطلقها حتر على تداعيات هذا القرار، ورأى في هذا القرار إعلاناً إسرائيليا بالحرب على الأردن "نفي الحكومة وتساهلها يفسر فقط في إطار موافقتها المسبقة على توطين ما يقارب مليون فلسطيني في الأردن".

من جانبها، قالت عضو المكتب السياسي في حزب حشد عبلة أبو علبة أنه لا يجب تحويل القرار الإسرائيلي لقضية خلافية بين الأطراف العربية، معتبرة أن هذا القرار يأتي في إطار التطهير العرقي الذي بدأته إسرائيل قبل عام 48.  

التقارير الصادرة عن مختلف وسائل الإعلام والتي يرافقها قراءات ومواقف بادانة الممارسات الإسرائيلية والحديث عن شبه القطيعة بين الأردن وإدارة أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتينياهو لم يكن لها صدى في إسرائيل.

ففي هذا الخضم كانت التصريحات الأخيرة للملك عبد الله الثاني بأن مسؤولية الأردن ودول أخرى في المجتمع الدولي هي الحفاظ على العقلانية وإبقاء الأمل حياً ، حتى تستطيع أميركا أن تدفع بكامل ثقلها الإسرائيليين والفلسطينيين ليعملوا معا لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وفي إشارة مغايرة، قال الملك عبد الله إن حجم التوقعات من الرئيس أوباما كان ضخماً جداً ، "إلى درجة غير منصفة فرضت تحديات على قدرة الرئيس على التعامل مع هذه القضايا".

الملك أضاف أن الموقف الأميركي تجاه الممارسات الإسرائيلية لا يعتبر تغييراً، "لأن مواقف الجيش والاستخبارات منذ الخمسينيات هي أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كان دائما ضد المصالح الوطنية الأميركية".

الكاتب حتر  يملك وجهة نظر أخرى حول الإدانات والتصريحات المتناثرة في وسائل الإعلام، إذ أن "هنالك فارق بين التصريحات وبين الواقع الفعلي في الضفة الغربية، ورغم الحديث عن حق العودة وخيار حل الدولتين، فإن هنالك أكثر من مليون من الضفة الغربية وغزة ممن يحملون تصاريح احتلال يعيشون خارجها سيفقدون حق العودة بموجب القرار الإسرائيلي، ناهيك عن عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الضفة الذي سيستباحون لأسباب أمنية أو سياسية ومن ثم تهجيرهم إلى غزة والأردن"، يقول حتر.

قرار حل الدولة الواحدة من الجانب الفلسطيني والذي لوح بها سابقاً من عدة أطراف في حال استمرار السياسات الإسرائيلية، يعد الخيار الأمثل أمام السلطة الفلسطينية برأي أبو علبة.

تأزم الوضع يأتي في تأكيدات أردنية على لسان رأس الدولة الذي أشار إلى وجود عناصر تدفع بجدية لانتفاضة ثالثة ، "والتوتر في تصاعد....غزة ليست مستقرة. القدس قنبلة موقوتة وأخشى أنها بانتظار الانفجار".

وبحسب مراقبين فإن الأمر العسكري الإسرائيلي اعتبر جميع المواطنين الذين كانوا مسجلين هم أو آباءهم في غزة "متسللين"، والمقدسيين القاطنين في الضفة الغربية وزوجات وأزواج الفلسطينيين والعائدين عام 93 بموجب اتفاقات أسلو "متسللين"، إضافة للذين فقدوا تصاريحهم، ناهيك عن جانب آخر من القرار الذي اعتبر أن الفلسطينيين الذين يحملون تصاريح الاحتلال ولكن يعيشون بشكل شبه دائم خارج الضفة الغربية لا يحق لهم العودة، وبالتالي فإن القرار الإسرائيلي لا يشمل "كما يقال في وسائل الإعلام" بضعة آلاف وإنما سيشمل أكثر من مليون فلسطيني، إذ أن الهدف الأساسي من هذا القرار كما يرى حتر هو تطبيقه على من يعيش خارج الضفة الغربية ومنعهم من العودة "كمثال الفلسطينيين في الأردن".