القرارات الاقتصادية بين الاستهجان الشعبي والتبرير الحكومي
أخذت التصريحات الحكومية على لسان وزير المالية عمر ملحس، ورئيس الوزراء هاني الملقي، أمام النواب، حول الخطوات الاقتصادية المزمع اتخاذها، مساحة واسعة بين أعمدة الراي والمقالات في الصحف اليومية.
الكاتب فهد الخيطان، يقول إن الخطوط العامة للخطة الحكومية كانت معروفة منذ أسابيع، وتتركز بشكل أساسي على زيادة ضريبة المبيعات على عديد السلع، خاصة المستوردة؛ ورفع رسوم بعض الخدمات الحكومية، والضريبة على المشتقات النفطية.
ويذكر الخيطان أن رئيس الوزراء، وعلى ما تفيد مصادر رسمية مقربة منه، يدرك التداعيات المترتبة على رفع الأسعار، خاصة على أصحاب الدخل المحدود، ولذلك، رفض شمول سلع غذائية كثيرة بالقائمة المقترحة للسلع المنوي زيادة الضريبة عليها، مقابل زيادة الضريبة على سلع غذائية مستوردة.
و"أيا تكن خلاصة المناقشات بين الحكومة والنواب، فإن الخزينة في وضع حرج، يجعل من الصعب على القائمين عليها تجنب حزمة القرارات المعروضة بشكل كلي، إذا ما تمسكت الحكومة بقيمة الزيادة في بند الإيرادات".
أما المزاج العام للمواطنين، فهو، بحسب الكاتب، سلبي للغاية، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة. ولا يمكن للناس أن يتفهموا قرارات جديدة من دون مبررات مقنعة. وقد يتخذ هذا المزاج منحى خطرا إذا لم تبادر الحكومة إلى شرح خطتها بالتفصيل، وتؤكد للناس، بالدليل الملموس، أن الفئات الشعبية ومعها الطبقة الوسطى، لن تطالها أعباء مالية إضافية.
كما ينبغي على الحكومة أن تشرع في اتخاذ إجراءات تقشفية إضافية. قد لا تكون هذه الإجراءات ذات فرق من الناحية المالية، لكنها مهمة لتغيير الانطباع السائد، وهو صحيح، عن إفراط طبقة المسؤولين في كل المؤسسات الرسمية في استثمار الامتيازات في الوظيفة العامة، بحسب الخيطان.
أما الكاتب محمد محيسن، فيلفت إلى أن الأنباء القادمة من مجلس النواب تقول إن هجوما حكومية جديدا ومفاجئا على جيوب المواطنين تمثل برفع هائل وكبير للأسعار.
ويضيف محيسن بأن القرارات الحكومية التي سيبدأ تطبيقها مطلع الشهر القادم سيشمل كل ما يمس حياة المواطن من مأكل ومشرب وتدفئة ونقل وحتى السفر، وقد تصل تداعياته الى الخبز.
ويؤكد الكاتب أن القرائن والعوامل العامة التي يعيشها الناس ترجح كفة التشاؤم حول نتائج السياسة الاقتصادية، التي لا تجيد إلا الرفع ولا تعرف من السياسة الاقتصادية إلا الطريقة الأسهل.
"أما الحالة العامة، فتبدو غير مستعدة للتعاطي مع سياسة اقتصادية تبدأ بفرض المزيد من الضرائب على طبقة منهكة، ولا ينتهي بحل عجز الموازنة أو حتى حلحلة ولو جزء بسيط من مشكلة الديون الخارجية"، يضيف محيسن.
فيما يبارك الكاتب عبد الله المجالي ساخرا للشعب الأردني "فقد استطاعت حكومته وبكل حنكة ومهارة وإبداع إيجاد الحل لإنقاذ الوطن من أزمته الاقتصادية".
و"الحل الإبداعي المبتكر والعجيب الذي قدمه الفريق الاقتصادي في حكومة الملقي هو..، هو..، هو..، هو..، أجل هو..، هو رفع الأسعار وزيادة الضريبة والجمارك"!!
ويتساءل الكاتب "ترى من هو العبقري الاقتصادي، و»فلتة زمانه» الذي كان سيجد لنا مثل هذا الحل «الخرافي»؟! ألا تستحق الحكومة وفريقها الاقتصادي مكافأة قيمة على هذا الجهد المميز!!
فـ"الحكومة وهي تريد تمرير قرارات رفع الأسعار رمت بقرار رفع اسطوانة الغاز كطعم للشعب والنواب معا، وستعمل الحكومة بدهائها وحنكتها، التي تغيب عندما يكون الأمر متعلقا بإيجاد حلول غير رفع الأسعار، على إشعال النقاش الشعبي والنيابي حول اسطوانة الغاز لتبدو المشكلة الوحيدة فقط هي رفع أسطوانة الغاز وليس رفع ضريبة المبيعات على كثير من السلع".
ويتناول الكاتب خالد الزبيدي، جزئية رفع أسعار المحروقات ضمن القرارات الحكومية، واصفا إياها بالقاسية، موضحا أن ارتفاع سعر لتر الكاز والسولار بنسبة 15%، ولتر البنزين فئة 90 اوكتان يرتفع بنسبة 11.3%، ولتر البنزين فئة 95% يرتفع بنسبة 8.6%، هو ارتفاع كبير جدا بالمقارنة مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
ومن المؤكد، بحسب الزبيدي، أن أسعار الطاقة الكهربائية سترتفع بنسبة معينة لم يتم الاتفاق بشأنها، وبقية حزمة الشر التي اشترطها صندوق النقد الدولي من زيادة الضرائب وتوسيع قاعدة المكلفين لتطال نسبة كبيرة من متوسطي الدخل.
أما الانعكاسات المتوقعة على إيرادات الخزينة فستكون صعبة حيث ستشهد تراجعا في النصف الثاني من العام الحالي، وستؤدي الى انخفاض الطلب ومعه تتراجع إيرادات الخزينة وهي نتيجة حتمية في ظل تمادي السياسات المالية على الاقتصاد في ظل انفاق توسعي معظمه جار، يختتم الزبيدي.