الغارامات..عندما تصبح المرأة ضحية القانون والمجتمع

"ابني دخل المستشفى اضطريت أوقع شيك بقيمة 400 دينار لمعالجته ما قدرت أكمل سداد المبلغ ، تواصلت مع شخص بيشتغل بجمعية خيرية لمساعدة  الأيتام وممكن يسدد قيمة الشيك عني ، طلب مني أوراق تثبت كلامي واتفقت معه نلتقي لأعطيه الأوراق ويعطيني المبلغ ، لما شفته ابتزني جنسياً  مقابل انه يسدد المبلغ".

 قصة هذه السيدة واحدة من قصص كثيرة هزت الرأي العام  الأردني حيثُ أن الجاني المدين شخص متنكر باسم جمعية خيرية يبتز ويستغل كل من يلجأ للجمعية. 

 

تروي منال الكشت تروي قصتها لـ " عمان نت " مع التعثر المالي، تقول "كنتُ متواجدة بمجلس النواب  القي القبض علي من التنفيذ القضائي وتم اصطحابي للمركز الأمني ، تواصلت مع المحامي، وحينما وصل كان موظف التنفيذ القضائي قد غادر عمله ، فتم احتجازي في سجن جويدة ليلتها" .

وتضيف الكشت "أنا متعثرة مالياً ولستُ مجرمة أو نصابة فكيف يتم وضعي في غرفة واحدة مع أصحاب السوابق".

مؤكدة أنه لم يصلها أي تبليغ قضائي والبنك لم يرفع التنفيذ القضائي  الا بعد دفع الربع القانوني.

وأشارت الكشت هذه التجربة المرة جعلتني أهتم بهذه الموضوع لعدة أسباب أهمها أن هنالك  نساء متعثرات مالياً يتعرضن للاستغلال الجنسي ، بعدها نضمنا حملة خرجت بنتائج مهمة أبرزها أن موظفي التنفيذ القضائي متواجدين على مدار 24 ساعة بالإضافة الى قضاة مناوبين فلم يعد أحد يُحجز على أثر قضايا مالية .

تقول "بعد التعمق بالموضوع كشفنا أن مصادر التمويل تصل  لصندوق المرأة ككل وتمويل للمشاريع الصغيرة كـ "منح " ، حيثُ يتم إعطائها للسيدات على شكل قروض بفوائد كبيرة جداً مع العلم أنه مسجلة بالصناعة والتجارة شركات غير ربحية على حد قول الكشت  .

وأشارت الكشت أن  قضية لم تعد قضية غارمات وحسب القضية أصبح تجارة جنسية ، فعندما نتحدث عن الغارمات بانه موضوع يخل ويهدد الأمن المجتمعي لنحن لا نبالغ .

الناطق الاعلامي بأسم وزارة الأوقاف حسام الحياري يقول صندوق الزكاة فعّل سهم الغارمين كأحد مصارف الزكاة في عام 2017 ، ومع بداية هذه العام جلالة الملك أطلق مبادرة "أردن النخوة " ضمنها مبادرة الغارمات  ومن خلال هذه المبادرة قامت الوزارة بجمع التبرعات تحت مسمى برنامج " سهم الغارمين " جل الحالات المستفيدة من هذه البرنامج سيدات .

ويضيف الحيارى من خلال هذه البرنامج وفي الدفعة الأخيرة تم دفع مبالغ مالية عن 46 امرأة بقيمة إجمالية قدرها 31 إلف دينار.

 

مؤكداً أن الصندوق سدد لغاية الآن عن 7166 غارمة وساهم في الإفراج عن 47 نزيلا ونزيلة بمبلغ إجمالي تجاوز 4 ملايين دينار .

 

رأي القانون بقضية الغارمات ؟

 المحامي مراد خريسات، يقول إن "الغارمات مثل أي مدين أخر قد يتعرضن  لظروف اقتصادية سواء في حالة عدم وجود رب الأسرة تضطر للاستدانة".

ويضيف الخريسات "للمدين بموجب قانون التنفيذ حق عرض التسوية القانونية وهي تأدية ربع المبلغ المحكوم به وتقسيط الباقي وفي حالة انه قد سدد جزء منه فإنه يكلف بمراجعة المحكمة لاثبات ما دفعه ويبقى مطالبا بكامل المبلغ إلا اذا اثبت العكس بقرار من المحكمة المختصه والحالة الاخرى ان ينكر توقيعه على السند وفي هذه الحاله يكلف الدائن بمراجعة المحكمة لاثبات التوقيع ولن يستطيع المدين وبهذه الحالة التذرع بأنه دفع جزء من المبلغ لانه قد تناقض مع انكاره للتوقيع

".

 

من ناحية التبليغ يقول خريسات "منظومة التبليغات عائق ومشكلة تواجه الغارمات،  فقد تكون الغارمة عرضه لتبليغ وصدور أحكام غيابية وهى لا يعلم بها ، بالإضافة الى أن الطرف الأخر قد يستغل هذه الامر بوضع عناوين وهمية من أجل تنفيذ دينه بأسرع ما يكون وهذه يشكل عبئ على المدين بحيث يضطر لدفع رسوم وكفالة.

 

ومن جانب أخر يقول خريسات القانون لم يحدد المبلغ الذي يستوجب حبس المدين  عليه وإجراءات التطبيقات القانونية واحدة بغض النظر عن المبلغ ، لذالك هنالك مطالبات كبيرة بوضع سقف معين لعدم حبس المدين  .  

 

 وتتفق المحامية ومديرة مركز ميزان لحقوق الإنسان إيفا أبو حلاوة في ذلك ، مؤكدة على أن عدم وضع سقف لحبس المدين يكلف الدولة مصاريف مضاعفة بالإضافة الى تعطيله عن العمل وإهانته ، وخاصة أن الأردن طرف في اتفاقية العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تنص على عدم حبس المدين  الأ أن القضاء يتجاهل وجود هذه الاتفاقية .

 

وأضافت أبو حلاوة وصلنا عدد من القضايا لسيدات مطلوبات على أثر قضايا مالية منهن من أخذن قروض بصفة شخصية بظروف قاهرة أو كفيلة لشخص أخر.

وتؤكد حبس المدين يرتب عدة انتهاكات منها عجز هذه الشخص عن السداد وكيف يمكن أن تكون حرية الإنسان ضمان لدينه هذه يرجعنا لزمن العبودية والرق بالأضافه الى أن السجون الاردنية تعاني من الاكتظاظ  .

 

وتضيف وصلنا العديد من الحالات التي تكون فيها السيدة مطلوبة باعتبارها كفيلة لزوجها المطلوب في قضايا مالية ، مؤكدة أنه وجود المرأة في السجن سيؤثر على العائلة بشكل عام .

مشيرا إلى اندماج الرجل في المجتمع بعد خروجه من السجن اسهل من أندماج المرأة "وصمة العار " ، بالأضافه الى اختلاط المرأة مع السجينات الاخريات يؤثر على سلوكياتها ونفسيتها .

تروي أبو حلاوة واحدة من القضايا التي وصلتها :" فتاة موقوفة حماية لحياتها المهددة من قبل والدها في قضية تعنيف ، بعد خروجها بإجراءات صعبة جداً تبين فيما بعد أنها أيضاً مطلوبة على مبلغ مالي سببه كفالتها لوالدها  "

 

ما دور مؤسسات المجتمع المدني في قضية الغارمات ؟

 

وتضيف أيفا أبو الحلاوة  أن مؤسسات المجتمع المدني كان لها الدور الأكبر في التوعية وتسليط الضوء على قضايا الغارمات ، تم أطلاق العديد من المبادرات سواء توعية وضغط من أجمل وضع سياسات لحماية المرأة الدائنة بالإضافة إلى سداد بعض ديون الغارمات .

 

رئيسة جمعية تضامن النساء الاردني أنعام العشا تقول تعاملنا مع العديد من الغارمات،  حيث تقوم الجمعية بتحويلهن الى جهات تسدد وجهات قانونية " التمثيل القضائي " .

وتضيف مؤسسات المجتمع المدني تثقيف المرأة وتسهيلات بالدفع وتوصية للنساء الابتعاد عن أخذ القروض ورفع سويتها الأقتصادية .

 

 الناشطة الحقوقية هداية فريحات تقول إن  هنالك جمعيات تقوم بجمع التبرعات بأسم الغارمات و بشكل وهمي مقابل أن تدفع عن الغارمات كف طلب وباقي المبلغ  تستولي عليه .

وأضافت فريحات أن هناك شركات تمويلية "غير ربحية "  تعطي قروض و تأخذ فائدة تصل نسبتها الى 40% وشرط منح هذه القرض أن تكون سيدة بهدف الضغط عليها عند التأخر بالسداد وقالت فريحات أن لديها ما يثبت ذلك .

مؤكدة أن لديها الأدلة والإثباتات المتعلقة بهذا الملف .

 

حيثُ بلغت عدد المقترضات خلال عام 2017 ، 53176 مقترضة ، وبلغ عدد الغارمات التي تتجاوز قيمة دين الواحدة منهن عن ألف دينار ، نحو 5672 غارمة ، قدم بحقهن طلبات للتنفيذ القضائي ، في حين بلغ عدد النساء الموقوفات على خلفية قضايا مالية 30 سيدة بحسب إحصائيات  .

لم تستجيب دائرة التنفيذ القضائي لطلب معدة التقرير بالحصول على عدد ونسب الغارمات خلال عام 2019 وعام 2018 وكم حالة وصلت للقضاء .

 هذه ولم يكتفي الدائن برفع دعاوي قضائية على نساء لا تتجاوز ديونهن لا تتجاوز الـ 200 ديناربل هناك من يعلن عن أسمائهن عبر الصحف اليومية . 

 

 

أضف تعليقك