العودة للدين ظاهرة تنتشر بين شبابنا الأردني

الرابط المختصر

في إحدى الحافلات جلست بجانبه صدفة، قصير القامة، اسمر البشرة، تغطي وجهه لحية كثيفة، يحرص ان يتكلم العربية الفصحى – على الرغم من لحنه في اللغة-. حسين شاب في العقد الثالث من العمر كان مثيراً للمشاكل والمتاعب في الماضي دخل على اثرها للسجن عدة مرات . التحول الكبير الذي مر به حسين لم يطال الوشم الذي غطى مساحة واسعة من كفيه ولكنه لم يمنعه من التحول لشخص مختلف تماماً عما كان عليه منذ سنتين تقريبا " منذ سنتين كنت شخصا غريبا، فبعد ضياع سنين هداني الله وسلكت طريق الحق، وتمسكت بحبال الدين، فبعد طعنه تلقيتها في مشاجرة مع رفقاء الماضي كادت ان تؤدي بحياتي استفاقت روحي من جديد لتخرج من الظلام إلى النور، لقد رأيت الموت بعيني وعاهدت الله على إثرها ان لا أفرط بدينه وعبادته".



حسين ليس حالة فردية فهو أحد كثيرين أختاروا "العودة إلى الدين" بعد مرورهم بما اسموه بحالة من الضياع ، حيث انتشرت هذه الظاهرة في العديد من المناطق وخصوصا الشعبية منها التي تجدها هناك على أشدها . محمد الدعوم 26 عاما شاب يقطن في مخيم الحصن للاجئين يقول" ان العديد من شباب المخيم يتجهون نحو التمسك بالدين لان الحياة الدنيا "مش زابطة" معهم لذلك اشتروا الآخرة".



"الأحداث السياسية المتسارعة في المنطقة من غزو للعراق واحتلال إسرائيلي لفلسطين كان لها دورها في إيقاظ الوازع الديني عند العديد من الأشخاص" هذا ما قاله سامر أبو حران 25 عاما الذي دأب على الصلاة مؤخرا في المسجد لان " الحياة في آخرها " على حد قوله.



"الرسالة الدينية والكاسيت الإسلامي يلعب دورا مهما في العودة للدين ويقول فادي الطويل صاحب محل كاسيت إسلامي " تقدم الرسائل والكاسيتات الإسلامية العبرة والنصح وتؤثر جدا في النفس الغافلة". وعن نسبة المبيعات يقول الطويل " تسجل كاسيتات الدعوة مبيعات جيدة خصوصا بين فئة الشباب الذين يقبلون على الدروس التي تتحدث عن فضل الصلاة وعقوبة تاركها وعن نعيم وعذاب الآخرة، وتسجل هذه الدروس نسبة مبيعات أكثر من مبيعات كاسيت القران الكريم نفسه".



ولم يقتصر الأمر على الذكور من الشباب فقد تم ملاحظة انتشار ظاهرة ارتداء الحجاب و"العودة إلى الدين" لدى الفتيات بشكل كبير وخاصة في أعمار مبكرة، وتقول سهير العزام طالبة جامعية عن سبب ارتدائها الحجاب " لقد استمعت للداعية عمرو خالد في درس له يتحدث عن حجاب المرأة الأمر الذي أثر في نفسي وقررت بعدها الالتزام بالحجاب وأنا في طريقي للالتزام بالصلاة".



وتعلق زميلتها إسراء أبو الرب والتي واظبت على الصلاة مؤخرا ان قرارها هذا نابع من داخلها وعقيدتها وأهمية ان يكون الإنسان متصل بخالقه، وتضيف ان هذا الشعور كان غائبا بالماضي بسبب الإهمال ولكن بعد جلسة مع أحدى الفتيات الواعضات ايقظت بنفسها حب الله".



وعلى النقيض الأخر أم جمال ربة منزل رأت "ان على المرء التمسكك بالدين ليتصدى لما يعرض في الفضائيات حاليا من إباحية خصوصا بعد موجة الفيديو كليب وظهور القنوات المتخصصة بالأغاني والتي تظهر الفتاه بها شبه عارية".



في احد الازقة في مخيم الحسين، تجمهر مجموعة من الشباب يتبادلون اطراف الحديث وبينما كنا واقفين معهم اقبل علينا مجموعة من الدعاه خرجوا لتوهم من المسجد، واخذوا ينصحونا بالذهاب لحلقات الذكر التي تعقد في المساجد ثم طلبوا منا ان نرشدهم لمنازل الشباب في المنطقة "حتى يتم هدايتهم" على حد تعبيرهم.



ومن المفارقات الغريبة ان المطربة المصرية روبي كانت وراء تمسك إيمان الصقور بإرتداء الحجاب والملابس الشرعية، حيث تقول " لقد قررت التقيد باللباس الشرعي بعد ما شاهدته من ابتذال لجسد المرأه في العديد من الاغاني وخصوصا عند المطربة روبي التي تغني شبه عارية".



أكاديمياً يرى مدرس مادة الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور محمد القضاة ان هذه الظاهرة باتت تنتشر بين الشباب وذلك لأسباب عديدة أبرزها " ان الشباب جربوا مختلف المبادىء الفكرية الموجودة في العالم والتي تتناقض مع ثوابت هذا الدين".



ويضيف القضاة " ان ما يشاهد في الحياة المعاصرة من تفكك وانحلال ومحاولات الاستقواء على أحكام الشريعة الإسلامية من قبل فئه ابتعدت عن الدين، شكلت هذه الأمور رد فعل عكسي عند الشباب ودفعه للالتزام".



وقال ان الفضائيات الإسلامية لعبت دورا مهما في تجديد الصلة والثقة بالدين من خلال ما يعطى من دروس ومحاظرات وندوات مما يجدد صلة الإنسان بخالقه"، كما بين القضاة ان الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام والمسلمين ومحاولة تدنيس القران والنيل من الرموز الإسلامية هذا الأمر دفع الشباب للتمسك بالدين دفاعا عنه.



وتستطيع أن تستقبل فتاوى ونصائح ودروس دينية مختصرة مقدمة من عمرو خالد عبر إحدى شركات الهواتف النقالة عبر رسالة قصيرة في تطور واضح لأساليب الدعوة الحديثة للدين التي يتطلبها عصر التكتولوجيا، حيث بات من الواضح أن هذه العودة تساهم فيها عدة روافع وعوامل.

أضف تعليقك