العمال المصريين.. رحلة البحث عن الخبز2/5
ثلاث
ساعات في سكن العمال المصريين كفيله ان تعطيك لمحة سريعة عن حياتهم وعاداتهم
الاجتماعية...
إذ
يقسمون العمل في البيت بالتساوي، فمحمد من الإسكندرية مثلا يتولى مهمة الطبخ، و
إسماعيل يحمل عبء الجلي، وغالب بصفته "معلم شاورما" هو المشرف العام على
برنامج الطعام.
عندما وصلناهم كان وقت غداءهم -المتأخر عن
موعده- وكان عبارة طبق من الدجاج المشوي
وبعض الفريكة التي انتشرت رائحتها بكل المنزل، وضعوا الطعام على الأرض الإسمنتية،
وانتظروا زميلهم جلال الذي يتأخر عادة بسبب عمله الشاق في احد المخابز، إلا أننا
باشرنا الأكل قبل حضور جلال من باب الحفاوة واحترام الضيف الغريب الذي شاركهم
طعامهم.
إسماعيل
ابن الـ30 ربيعا مصري الجنسية، رحلته مع الغربة بدأت من محافظة كفر الشيخ عندما
عرض عليه أحد أقربائه شراء عقد عمل في الأردن بـ5 آلاف جنية مصري للعمل كحارس في
عمارة، العرض لم يكن مغريا في البداية بالنسبة لإسماعيل لكن الحاجة لبناء المستقبل
في ضوء انتشار البطالة في مجتمع فقير دفعته للقبول بعمل لا يتناسب مع ما يحمله من
شهادة عليا في الزراعة.
ويعيل
إسماعيل عائلة من ثمانية أفراد من بينهم أربعة فتيات يعمل جاهدا - حسب العادات
المصرية- على تجهيزهن بالأدوات الكهربائية والأثاث اللازم في حال طرق العريس بابهن.
في
ظل هذا الواقع الذي يعيشه قرر إسماعيل اختيار "سكة السفر" وبحث عن من
يقرضه 5 الاف جنيه مصري لشراء عقد العمل من سماسرة العقود الذين ينشطون بين الأردن
ومصر، حضر الى الأردن على ان يعمل كحارس لعمارة لكن العمل الذي كان ينتظره هو
" الأعمال الحرة " كما يقول فهو يعمل في الإنشاءات والعتالة و أي خدمة
يستطيع ان يقدمها مقابل بضعة دنانير تساهم فرق صرف العملة في جعلها دخلا محترما
له.
ويعيش
إسماعيل الآن في مدينة اربد في بيت مكون من غرفتين ومرافقها ويشاطره فيهما 7 عمال
مصريين يعملون في مجلات مختلفة، يجدون في هاتين الغرفتين المتآكلة جدرانها محطة
"لاستراحة محارب" أمضى اغلب ساعات النهار في عمل شاق.
ويتذمر
وأصدقائه من نظرة المجتمع لهم كعمال مصريين ومن سوء المعاملة التي يتلقونها من قبل
بعض الأشخاص " البعض يعاملنا كعبيد وينظرون لنا كمواطنين درجة ثالثة، ناهيك
عن ملاحقة رجال الأمن لنا على الرغم من أوضاعنا القانونية السلمية إلا أننا مصدر
شك دائما بالنسبة لهم".
جمعتهم
الغربة في بيت واحد على الرغم من اختلاف مناطقهم ومنابتهم، كونوا عائلة خاصة بهم، فالهم
واحد والهدف واحد "الحصول على حياة كريمة قدر المستطاع". شباب في عمر
الزهور اختاروا العمل الشاق في حياة صعبه يفتقد بها حنان الأسرة، فهاهو إبراهيم
يشتاق "لتقبيل يد والدته التي لم يراها من خمس سنين"، أما غالب يشتاق
للجلوس في أرضه في صعيد مصر ولو لساعة.
من نار الفقر الى نار
الغربة.. رحلة طويلة يسلكها العمال المصرين في مشوار
البحث عن لقمة الخبز في الأردن، ومن خلال سلسلة هذه التقارير نحاول ان نسلط الضوء
على الجانب الإنساني لأوضاع العمال المصريين في الأردن.











































