العمالة الوافدة: من نار الفقر إلى نار الغربة

الرابط المختصر

لا تسمح المادة 108 من قانون العمل الأردني للعمال الوافدين الانضمام للمنظمات والنقابات العمالية، إذ يشترط القانون أن يكون المنتسب لهذه النقابات أردني الجنسية.التشريعات وحدها ليست العائق الوحيد أمام العمالة الوافدة، ففي كثير من الأحيان يحصل العمال الوافدون -خصوصا في قطاع الإنشاءات والألبسة- على رواتب متدنية ويعملون ساعات عمل أطول من دون اجر إضافي، ولا يتم تسجيلهم في الضمان الاجتماعي ولا تأمين صحي، وهذا مخالف لأبسط الحقوق العمالية.

و يعتبر العمال المصريين من اكبر نسب العمالة تواجدا في الأردن إذ يشغلون قطاعات محددة من أبرزها الإنشاءات والزراعة والمطاعم ، وبحسب احد العمال المصريين - رفض ذكر اسمه تخوفا من انتقام السلطات الأمنية حسب تعبيره - انه "تعرض للضرب والاهانه من قبل رجال الأمن الذين قاموا بتمزيق تصريح عمله".

وزارة العمل ترى أن قانون العمل الأردني لم يميز بين العامل الوافد و المحلي، إذ يعلق مستشار وزير العمل لشؤون المديريات مدير التشغيل د. محمد القضاة أن " قانون العمل لم يميز من حيث الحقوق والواجبات بين العمال على مختلف جنسياتهم، فما ينطبق على العامل الأردني ينطبق الوافد، وأبواب مديرية العمل مفتوحة لكل العمال،أما بالنسبة للنقابات العمالية والعمالة الوافدة طُرح في آخر ندوة للحوار الاجتماعي إضافة تعديلات على قانون العمل بالتنسيق مع الاتحاد العام لعمال الأردن فيما يتعلق بهذا الشأن".

معاناة العمالة الوافدة تبدأ حتى قبل رحلة مجيئهم إلى الأردن إذ يتعرضون لابتزاز " سماسرة العمال " الذين يتقاضون مبالغ مالية قد تصل لألف دينار - حسب عدد من العمال الوافدين- نظير نقلهم إلى الأردن.

وبهذا الخصوص يوضح د. القضاة" استقدام العمالة الوافدة يكون ضمن شروط محددة من قبل وزارة العمل، ولا يتم منح صاحب العمل عدد التصاريح التي يرغب بها و يتم أولا الإعلان عن الفرص المتوفرة للعمالة الأردنية، فإذا لم نستطع توفير هذه العمالة يعطى صاحب العمل التسهيل لاستقدام عمالة وافدة، وآخر الإجراءات التي اتخذتها وزارة العمل لحماية العامل الوافد من استغلال السماسرة بأن جعلت عقد العمل باللغتين العربية ولغة العامل الوافد، مع ان يكون مصدقا من وزارة عمل العامل الوافد و وزارة العمل الأردنية للتخلص من أي شبهة قيام بأعمال سمسرة وبيان أن العامل لم يقم بدفع أموال للسمسرة باستثناء رسوم التصريح".

من جهته كشف وزير العمل الأردني باسم السالم في تصريحات صحفية وجود ما لا يقل عن 450 ألف عامل وافد إلى المملكة الأردنية الهاشمية، بينهم 300 ألف عربي، مشيرا إلى وجود 150 ألفاً آخرين لا يملكون تصاريح عمل.

ويعمل عدد كبير من العمالة الوافد في المناطق الصناعة المؤهلة (QIZ) وتحديدا في قطاع الألبسة تشكل نسبة العمالة المحلية منها 33% والوافدة 67% مقسمه على النحو التالي : الجنسية البنغالية25% الصينية 18% السيرلانكية 17% الهندية7% باقي الجنسيات 1%.

ويعود سبب عدم إقبال العمالة المحلية على قطاع الألبسة حسب د. محمد القضاة إلى تدني الأجور وصعوبة العمل مقارنة مع القطاعات الأخرى، وعدم إمكانية الترقي الوظيفي كما بالقطاعات".

كما أن الصورة النمطية السائدة عند المصانع و العمال تلعب دورا في عدم طرق العمالة المحلية لهذا القطاع بقوة, حيث تتمسك الكثير من المصانع بانطباع سيء عن العمالة المحلية يقابلها تمسك العمالة الوطنية بانطباعات سيئة عن المصانع المتواجدة في هذا القطاع وخاصة في المناطق الصناعية المؤهلة الـ (QIZ).

وتعاني بعض العمالة الوافدة في مناطق أل(QIZ) من ظروف عمل سيئة، فقد انتقد تقرير لمنظمة أمريكية نشر في صحيفة النيويورك تايمز ظروف العمل في هذه المناطق وقال التقرير إن " عمالا وافدين يتعرضون للتجويع ويعملون في ظروف عمل صعبة تشمل تشغيلهم عشرين ساعة عمل في اليوم، وعدم دفع رواتبهم لعدة أشهر، وضربهم من قبل المشرفين على العمل وحتى سجنهم إذا ما اشتكوا للسلطات".

واقتبست الصحيفة ذاتها عن (محمد. ز) والذي قالت إنه عمل أكثر من سنة مع مصنع ملابس، قوله أنه "رغم أنه عمل أكثر من 100 ساعة في الأسبوع عادة من الساعة السابعة حتى منتصف الليل، لسبعة أيام في الأسبوع، فإن الشركة رفضت أن تدفع له أجرا إضافيا عندما لم يحقق أهداف الإنتاج". وأكدت أن هذا العامل "طلب عدم ذكر اسم عائلته خشية الانتقام منه".

هذا التقرير دفع وزارة العمل لإجراء تحقيق شامل في هذه الممارسات ليتبين صحة جزء كبير منها مع التحفظ على جزء أخر، وحول هذا الموضوع يعلق د.القضاة " اتخذت الوزارة جملة إجراءات لتصويب أوضاع العمالة الوافدة في المناطق المؤهلة، حيث عملت الوزارة على نقل العمال الأجانب من الشركات غير الملتزمة بالقانون إلى أخرى ملتزمة، وبلغ عددهم 1800 عامل".

وبلغ عدد المؤسسات التي تم التفتيش عليها 38 مؤسسة، ويبلغ عدد العاملين في هذه المؤسسات 4660 عاملا وعاملة منهم 2160 أردنيون موزعون ما بين الذكور والإناث.

و تعاني العمالة وخصوصا الوافدة منها من عدم الاهتمام من قبل منظمات حقوق الإنسان التي استهوتها قضايا السياسة على حساب القضايا العمالية، ويلقي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان هاني الدحلة باللوم على الإمكانيات المادية الضعيفة التي لا تتيح لمنظمات حقوق الإنسان إجراء دراسات ميدانية عن أوضاع العمال.

أضف تعليقك