العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب من التبريد الى التصعيد

الرابط المختصر

بدأ المشهد النيابي خلال الاسبوع الماضي في سياق الاعتراض على قرار الحكومة رفع اسعار المحروقات غريبا بعض الشيء لا تتلاءم مقدماته مع نتائجه وكأنه مسرحية سياسية على الهواء من فصل قصير للغاية لا يمتع الجمهور ولا يشفي غليل البسطاء لفهم ما جرى. .. ولكنه عند العالمين ببواطن الامور كان نهاية مسرحية متعددة الفصول بدأت منذ شهر تموز الماضي وجاء ختامها متوقعا ولكن حاملا لنذر ازمة داخلية بين الحكومة ومجلس النواب لا أحد يعرف الى أين تنتهي؟



ففي الوقت الذي تصاعد الحراك النيابي ازاء القرار الحكومي برفع اسعار المشتقات النفطية في ربع الساعة الاخيرة من اعلان البدء به اعتبارا من يوم الاربعاء (21/9/2005)، عندما دفع نواب نحو جمع التواقيع على مذكرة طرح الثقة بالحكومة بعد سلسلة من اللقاءات المطولة جرت بين الكتل النيابية قبل يوم واحد من اعلان الحكومة قرارها غير الشعبي .





ووسط ارتفاع في منسوب الحراك النيابي للاعتراض على القرار فقد ظلت محاولة رسم سيناريوهات مستقبل العلاقة بين الحكومة و مجلس النواب تفرض بنفسها على مساحات الحوار النيابي – النيابي وكذلك مع مراقبي الشان النيابي فيما ظل سؤال البحث عن الخيارات المتاحة امام النواب للتعامل مع الحكومة يتصدر الاهتمام لدى الاوساط النيابية في ضوء الاصرار الحكومي على رفع أسعار المحروقات وتجاهل الغضب الشعبي...والمعارضة النيابية ومطالبها للحكومة التريث في اعلان القرار والحوار مع النواب في البدائل التي من شانها تجنب قرار الرفع .





ورغم ان نواب الحركة الاسلامية الى جانب كتلة التجمع الديمقراطي مارسا جهدا مضاعفا ( كان الفشل حليفة ) نحو في محاولة لتحريك مياة النواب الراكدة لجهة اتخاذ موقف يعكس الابعاد السياسية لما قد يمكن ان يحدثة " تطنيش " الحكومة لمجلس النواب بعدم مشاورتة كتلة بالقرار او عدم الاستجابة الى امنيات النواب التي نقلها رئيس المجلس عبدالهادي المجالي للحكومة عبر الصحف في ان تتريث الى حين الاستماع الى النواب و محاورتهم في قائمة طويلة نسبيا من البدائل التي من شانها تجاوز قرار الرفع ..







طرح الثقة





....تصاعد المواقف ظهر من حديث رئيس كتلة العمل الاسلامي عزام الهنيدي حيث قال الهنيدي ان كتلة العمل الاسلامي «لا تستبعد السير في اجراءات للتوقيع على مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة اذا ما اصرت على ادارة ظهرها للشعب الاردني ولممثليه وعلى المضي في قرارها رفع اسعار مشتقات النفط». لكن الهنيدي استدرك بان الكتلة ترغب بان يكون هناك موقف نيابي منسق لاتخاذ مثل هذا القرار للتعبير عن موقف ممثلي الشعب الاردني قبيل رفع الاسعار.



وكان مجلس النواب مطلع الاسبوع الجاري على موعد مع عدد من التحركات كان ابرزها الاجتماع الذي قاده رئيس مجلس النواب المهندس عبد الهادي المجالي وحضره اعضاء لجنتي المالية والطاقة في المجلس اضافة الى عدد من النواب، وهو الاجتماع الذي انتهى الى موقف نيابي تصعيدي.



فهو من جهة شكل لجنة مشتركة من اللجنتين لدراسة ارقام وحسابات النفط في المملكة من ألفها الى يائها، ومن جهة أخرى شكك في الارقام التي اعلنتها الحكومة خلال ترويجها لقرارها برفع اسعار المحروقات، خصوصا في ظل الحديث عن نمو في الناتج المحلي بلغ (8.7%) الى الان، وهو ما دفع بالعديد من النواب الى التشكيك بصحة الارقام التي قدمتها الحكومة للنواب ولكافة ممثلي مؤسسات المجتمع المدني على مدى الايام الماضية.

وحملت تصريحات رئيس مجلس النواب لغة تصعيدية في وجه الحكومة عقب اجتماع صباح الاثنين الماضي ، ولا سيما بعد ان اعلن المجالي الطلب من الحكومة كافة الارقام الرسمية حول واقع الفاتورة النفطية في البلاد من بداية التعاقد على شرائه وصولا الى نقله وتخزينه وتكريره، لحساب الرقم الصحيح لوصوله الى المواطن، وهو ما وصفه نواب حضروا اللقاء انه بمثابة «تشكيك بالارقام التي اعلنتها الحكومة تمهيدا لقرار وشيك برفع جديد لاسعار المشتقات النفطية».

وبدا التشكيك بالأرقام الحكومية واضحا في لغة التصريح الصحفي الذي صدر عن المهندس المجالي عقب اللقاء الذي استمر لأكثر من ساعتين وحضره اكثر من (20) نائبا يمثلون كافة التوجهات السياسية داخل مجلس النواب.



وتتضمن مذكرة طرح الثقة بالحكومة طلب عقد دورة استثنائية يكون على جدول اعمالها فقط الثقة بالحكومة ...وتقول المذكرة



اولا / ان تجاهل الحكومة لراي ممثلي الشعب في توجهاتها نحو رفع اسعار المشتقات النفطية و الذي بدورة يؤدي الى رفع معظم السلع و الخدمات غير مبرر .



ثانيا / مع ادركنا للوضع المالي للموازنة العامة وما يترتب من انعكاسات سلبية جراء رفع فاتورة النفط في الاسواق العالمية نعتقد ان ضرورة معالجة اختلالات الموازنة تكون بالبحث عن البدائل المناسبة وذلك بتنفيذ التوصيات و المقترحات التي اوصى بها مجلس النواب خلال المناقشات العامة لموازتة 2005 .



ثالثا / ان تهميش دور مجلس النواب و عدم طرح عملية رفع الاسعار تعتبر مؤشر خطير على انعدام التوامة بين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية بما يخدم مصالح الوطن و المواطن .



رابعا / ان المواطن قد ارهق و غير مستعد لاية زيادة او ارتفاع في الاسعار .



خامسا / على الحكومة ان تبحث عن البدائل المناسبة و البعيدة عن جيوب المواطنيين لدعم اختلالات في الموازنة .



لكل ما سبق ولعدم احترام الحكومة لراي ممثلي الشعب نطالب الحكومة بوقف زيادة رفع الاسعار والا سوف نضطر لاعادة النظر في حجب الثقة عنها .





فرملة نيابية





وسط هذة الاجواء كانت باقي الكتل النيابية تتلقى اتصالات من نواب الحركة الاسلامية للوصول فيما بينهما الى صيغة توافقية بالحد الادنى للموقف المطلوب وهو ان يقوم رئيس مجلس النواب بارسال مذكرة الى رئيس الوزراء يطلب فيها ان يتم تاجيل اعلان قرار رفع الاسعار الى حين لقاء جميع اعضاء المجلس و البحث معا في امكانية ايجاد بديل غير رفع الاسعار ..





كان مثل هذا الحراك قد بلغ ذروتة يوم الثلاثاء الماضي ظهرا عندما التقى نواب اسلاميين رئيس المجلس والطلب منة ارسال المذكرة سريعا لكن المجالي كان لة راي اخر ابلغة للنواب الاسلاميين وهو ان يتم التوقيع على مذكرة بطلب تاجيل قرار الرفع وحصول المذكرة على الاغلبية النيابية ..وفيما اعد النائب زهير ابو الراغب المذكرة للبدء بجمع التواقيع عليها كان الوقت قد قارب من موعد عقد اجتماع مجلس الوزراء الاسبوعي بعد عصر ذلك اليوم للاعلان في نهاية الاجتماع عن القرار ..وهو الامر الذي كان .





ووسط هذة الاجواء لم يسجل اي اجتماع لاي كتلة نيابية للبحث في الامر حتى في اعقاب الاعلان عن القرار فقد كانت اجواء المجلس اكثر من هادئة ولم يسجل اي حراك باستثناء اجتماع ثلاث كتل نيابية ( التجمع / الاسلاميين / الوطنية الديمقراطية ) للبحث في اتخاذ موقف بحجم تطنيش الحكومة لمجلس النواب .



عمليا فان النواب الاسلاميين يدركون ان اي حراك يبادرون الية للاعتراض على قرار الحكومة لن يجد ترحيبا نيابيا لاسباب متعددة ..لكنهم يدركون ان ارضاء قواعدهم الانتخابية ..غاية يجب ان تدرك .

أضف تعليقك