العسّال: المرأة طاقة.. وحريتها في وعيها

الرابط المختصر

الكاتبة المسرحية والتلفزيونية فتحية العسال الناشطة في مجال المرأة والمناصرة لقضيتها والتنادي لحريتها، والتي تؤمن بقضية المرأة كجزء لا يتجزأ من قضية المجتمع، وهي أول كاتبة مصرية تكتب رسالة اليوم العالمي للمسرح عام 2004، ترأس الاتحاد التقدمي النسائي بحزب التجمع المصري وتنشط في العديد من الفعاليات المجتمعية. وفي إطار مشاركتها بمؤتمر الإعلاميات الأردنيات الذي أقيم مؤخراً في عمان ، كان لبرنامج برائحة القهوة حضور هناك، تحدثت معنا عن الحرية كونها حق الإنسان في الحياة ولكن "كل المواثيق والأعراف والتقاليد تحرم المرأة بخاصة من ممارسة حريتها، هي تحرم الرجل أيضا من ممارسة حريته لكن بشكل آخر، فالمرأة تحرم من حريتها عند تقنين دورها، وجعله دور واحد يتمثل في الأمومة والزوجية وتربية الأبناء فقط. من هنا يحد من دورها رغم أنها طاقة وقدرة لتقديم اشياء كثيرة جدا، منها نفع للمجتمع وإثراء لكل ما هو موجود فيه، لكن حرمانها من الحرية وحرمانها من أن تصنع حياتها، يجعلنا نأخذ القليل من المرأة، فلكي نأخذ الكثير من المرأة يجب ان نقول لها أنها يجب أن تدافع عن نفسها ، وتدرك أين حريتها حتى تعيشها، الحرية الفعالة وليس الحرية التي تكسر صاحبها".



"الحرية أحيانا تكسر صاحبها لكن التصرفات التي توهم الشخص أنها حرية أي أن أفعل ما أريد ، هذه ليست الحرية، الحرية أن اختار حياتي، أن أختار زوجي، أختار دراستي، أختار الدور الذي ألعبه، أختار أصدقائي، هذه هي الحرية أن لا يفرض علي أحد أختيارات غير اختياري".



حرية الكاتبة يجب أن تكون مضاعفة كما تراها العسال، فتقول " لأني مثلاً لو لم يكن عندي حرية التنقل وحرية العمل في كل مكان، لما جئت الى الأردن مثلاً، لكني جئت لأفيد وأستفيد من الجميع. فلو أنني حرمت ومنعني أحد من أن آتي، لكنت حرمت من تجربة هامة كمؤتمر الإعلاميات العربيات، فلا كنت انا استفدت من الإعلاميات ولا كانت الإعلاميات استفادت مني وسمعتني".



"لم أصل لحريتي التي أنا فيها اليوم هكذا، أنا دافعت عنها وصنعتها حتى أستطيع أن أعيشها، في هذه الحالة أستطيع أن أربي أبنائي بحرية وأن أعلمها لهم، وأن يحترم زوجي حريتي مثلما أنا أحترم حريته، فما صنع في التاريخ أصبح حق عادي أمارسه في الحياة".



لأي حد تعتقدين أن المرأة وصلت الى حريتها؟



"المرأة العربية وصلت لحريتها وأخذت حقوقها منذ زمن وقبل الآن، فأنت لا تستطيعين أن تكوني منقوصة الحقوق وتمارسي حقوقك، والمرأة أُعطت حريتها، وفي مصر على الأقل مُنحت المرأة حقوقها السياسية والاقتصادية، فالمهم أن تعي المرأة بهذه الحقوق، وعندها ستمارسها، وحينما تمارسها سيكون هذا شكل من أشكال الحرية".



وتتابع.."نحن لم نصل بهذه الحرية للأغلبية، ما زلنا في الأقلية، ولكن هناك معافرة دائمة لكي نصل لأكثر من ذلك، فأنا الآن قابلت شابات صغيرات من اليمن ومن سوريا ومن لبنان ومن كل مكان جئن لحضور المؤتمر. فالحرية لا تتوقف تضل بتطور مستمر، لكن على المرأة أن تعي ما هي الحرية، لنفسها وللآخرين ولأبنائها في المستقبل، الحرية كلمة كالمطاطة، حرية في الحب والعمل والزواج وهذه أشكال كبيرة جداً من الحرية وعلى المرأة أن تعيها لتمارسها لبناء من حولها وليس لتحطيمهم".



الإعلامية مواطنه.. والقانون لحمايتها



ماذا قدم المؤتمر للإعلامية بالذات؟



"المرأة الإعلامية لا تقوم بالعمل لوحدها، فهناك أوامر تقول لها إعملي كذا وكذا، ولكن في عصرنا الحديث وفي الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية المعقدة، تجعل الإعلامية لا تستطيع أن تقول أو تفعل أو تنفذ المطلوب منها، والمفروض أن تنفذ ما يطلب لأن هذا مصدر رزق ووظيفة، فكان أن عملنا توصية أن يتم إصدار قانون بممارسة الإعلامية عملها بحرية كحق لها".



ما الدور الذي يمكن أن تقوم به الإعلامية، تضيف العسال حول ذلك، "على الإعلامية أن تكون ملمة بمشاكل وطنها، أن تكون مواطنة أولاً، وحينما تكون مواطنة تستطيع أن تصبح إعلامية، وتحس بأنها مسؤولة عن بلدها ولا تكون مجرد موظفة، لأن الموظف يكتب على الورق وحسب، لكن الإعلامية تواجة شعب وتواجه ناس، وكلامها بالنسبة لهم تعليم، فلابد أن تكون هي متعلمة ومثقفة أولاً ونحن بدورنا نساعدها من الجهة الأخرى بوضع قوانين لحمايتها وبنفس الوقت أن يكون هناك نقابات، فلو تعرضت لأي سوء تلجأ لهذه القوانين".



"ما يقابل المرأة من متاعب، يقابل الرجل الإعلامي أيضا متاعب من ناحية حرية قوله ولو جزء قليل من رأية، فالآراء تفرض عليه، فالإعلام دائما يعمل لصالح جهة ما لحكومته أو شركته او جريدته، فالموجه دائما يوجه لمصلحة الآخرين وليس مصلحتي".



عشق المسرح... والسجون



وحول ما تعكف عليه فتحية العسال من أنشطة الآن، تقول "كتبت مسلسلين يصوران الآن، أحدهما "زهرة في الأرض البور" من إخراج باسم محفوظ وتمثيل سميحة أيوب وأحمد خليل وعدد من الممثلات الشابات، والآخر اسمه "والحب أقوى" من إخراج صفوت الخشيري أبطالها دلال عبدالعزيز ورياض الخوري وعدد من الممثلين، هذا على مستوى التلفزيون، لكن ولأني عاشقة للمسرح وهو الأساس بالنسبة لي، فقد كتبت ثمان مسرحيات الأخيرة تعرض الآن على مسرح الدولة وتحمل اسم (من غير كلام) ".



الكاتبة فتحية العسال التي لم تكمل تعليمها الأكاديمي، علمت نفسها بنفسها عن طريق القراءة والمطالعة والتثقف الذاتي، واجهت السجن في أوقات الأزمات السياسية في مصر بعهد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر عام 1954 أثناء مشاركتها في مظاهرة ضد الأحكام العرفية، وكان زوجها في السجن.



وبعد ذلك سجنت قبل حرب 56 وفي كثير من المرات حدث تناوب بينها وبين زوجها في دخول السجن والخروج منه، لكنها انفصلت عن زوجها لفترة من الزمن بعد اتفاقيات كامب ديفيد، حيث كانت هي من المناضلين ضدها.



وعادت العسال للسجن في عام 1979 في عهد السادات بسبب كامب ديفيد، عندما تشكلت لجنة الدفاع عن الثقافة القومية لمواجهة التطبيع في المجال الثقافي وكانت هي جزءا منها.



للمسرح كتبت العسال في فترة السجن مسرحية «سجن النساء» وقدمت العديد من المسرحيات مثل مسرحية «بلا اقنعة» التي تحدثت فيها من وجهة نظري التقدمية عن المرأة الكاتبة والمبدعة وضرورة تحديد موقعها والأرض التي تقف عليها، ومسرحية "سجن النساء" عندما تحدثت عن السجينات وأنهن نتيجة لمجتمع فاسد، ومسرحية «البين بين» عن الانسان المعاصر الضائع، حيث يطمح حسن الشخصية الاساسية بأن يكون اغنى رجل وأشرف رجل وهذا التناقض والطموح المستحيل يقوده الى الانتحار.



كما أنها كتبت للتلفزيون ما لا يقل عن ستة وخمسين عملاً تلفزيونياً بين مسلسل وسهرة، وقدمت أعمالاً تاريخية، مثل مسلسل "حسن الزوق" ومسلسل "بدر البدور"، وفي المعاصر كتبت مسلسل "هي والمستحيل"، "لحظة صدق"، "حصاد العمر"، "لحظة اختيار"، "لعودة الى الحياة"، و"حصاد الحب".



كتبت العسال سيرتها الذاتية ومذكراتها في أربعة أجزاء كشفت فيها نفسها أمام القارئ وكشفت عن التخلف الذي عانت منه في داخلها وكيف تخلصت منه.

أضف تعليقك