الصحف الأردنية تنفذ ريجيماً جماعياً

الرابط المختصر

صباح يوم الثلاثاء الماضي 29/ 9 صدرت أربع صحف يومية تحمل على صفحتها الأولى خبراً موحداً تُبلغ بواسطته قراءها بقرار الصدور بقياس جديد ابتداء من مطلع شهر تشرين أول، ويقضي القياس الجديد بتقليص عرض الصفحة بمقدار 3 سنتمترات مع الحفاظ على نفس الطول، إلا أن صحيفة "الغد" كانت الأكثر احتفالاً بالخبر فاختارت لنفسها صيغة خاصة لتقديمه للقراء، فقد لونت آخر ثلاثة سنتمترات على كامل طول صفحتها الأولى مع صورة لمقص وعبارة موزعة طولياً من الأعلى للأسفل تقول: "أزلنا ستة سنتمترات من كامل عرض صحيفتنا، لنحمي خمسة آلاف شجرة سنويا من بيئتنا، لنوفر راحة أكثر لقرائنا، لنفخر بالمواصفات العالمية لصحيفتنا".

الصحف إذن قدمت الأمر على أنه خدمة جديدة للقراء رغم أن الخبر لم يخف هدف التوفير في الورق مع أنه وضعه بشكل جانبي باعتباره هدفاً ثانوياً.
 
حدث ذلك مع أن صحيفة "العرب اليوم" مثلاً ظلت لسنوات تصدر بقياس أقل عرضاً من زميلاتها، وعندما التحقت من حيث القياس بباقي الصحف وزادت من عرضها، لم تقل أنها تسحب خدمة الرشاقة من قرائها. كما أن صحيفة "السبيل" لم تشارك باقي الصحف بالقرار الجديد وأبقت على حجم الصدور السابق من دون أن تعتذر لقرائها عن عدم تقديمها لتلك الخدمة أسوة بباقي الصحف.
 
رغم الأهمية التي أولتها إدارات الصحف للخبر لكنه لم يحظ بالكثير من التعليقات، واقتصر تناول الخبر على بعض المقالات، منها، واحدة لإبراهيم سيف في "الغد" الذي كتب عن دلالات الخطوة رابطاً إياها بما يعلن في السنوات الأخيرة عن مصير الصحافة الورقية عموماً، متسائلاً إن كانت هذه الصحافة إلى زوال؟

 كما كتب باسم سكجها في "الدستور" مشيراً إلى أناقة القياس الجديد وعمليته، لكنه أضاف أنه لا يرى أن الأناقة هي السبب، بل هو تخفيض المصروفات ومحاولةٌ للتأقلم مع ظروف جديدة وتعاملٌ مع حقائق ارتفاعات الأسعار، وتضاؤل حجم قرّاء الورق. كما نشرت في "العرب اليوم" مقالة ساخرة لكاتب هذا التقرير اعتبرت أن أصحاب الأذرع القصيرة هم الأكثر ترحيباً بالقياس الجديد لأن القياس السابق كان يتعبهم وهم يضطرون لمد أذرعهم على أقصى مدى.
 
صحيفة "الرأي" استغلت فرصة تغيير القياس للقيام ببعض التغييرات الملحوظة على نوع الحرف وعلى الإخراج العام للصحيفة وألوان صفحاتها، ولكنها صدرت في أول عدد بالقياس الجديد مطلع الشهر وقد بالغت في تضخيم حرف مقالات بعض الكتاب على الصفحة الأخيرة ثم عادت في اليوم التالي إلى تقليصه.
 
الواقع أن الصحف لأول مرة تعطي اهتمامها الجماعي بالشكل الذي تصدر به، لقد تقلص عرض الصحف وأصبح العرض والطول موحداً غير أن الاختلاف لا يزال مستمراً في السماكة أي في عدد الصفحات.

 إن الصحف تفخر بسماكتها وعدد أجزائها، فصحيفة "الرأي" تصدر في بعض الأيام بأكثر من مئة صفحة وتحرص على ذكر ذلك على رأس الصفحة الأولى في موقع مقابل للسعر، وكأنها تقول لقرائها أن كل هذه الصفحات بخمسة وعشرين قرشاً. وقد زادت الصحف في السنوات الأخيرة من عدد أجزائها فالرأي والدستور والغد تصدر بأربعة أجزاء فيما تصدر العرب اليوم والسبيل بجزأين.
 
قد لا يتوقف جمهور القراء كثيرا أمام تغيرات بسيطة على شكل الصحيفة، لكن العاملين داخل الصحيفة يشعرون بالكثير من الخشية ويتوخون الكثير من الحذر عندما يتعلق الأمر بالتغييرات الشكلية، وهم يخشون أن يكون لذلك دلالات سلبية أو يريدون أن ينفوا وجود دلالات سلبية، ولذلك تحرص كل صحيفة على أن تعتبر التغييرات تطويراً جديداً للصحيفة واستكمالاً للنجاح، وهي بذلك تنفي أن التغيير يأتي لمواجهة مشكلة، فالصحف أيضاً تبدي الكثير من الحرص عندما يتعلق الأمر بمظهرها الخارجي سيما ما يتصل بتجاعيد الزمن.