الصحة تستعد لقياس انتشار المرض النفسي بين الاردنيين

الصحة تستعد لقياس انتشار المرض النفسي بين الاردنيين
الرابط المختصر

*16%-17%  من المرضى النفسيين يعانون من القلق والاكتئاب  * طبيب نفساني واحد لكل 100 ألف نسمة في الأردن* ثلث من يراجع المراكز الصحية الأولية والشاملة للأمراض العادية بحاجة لخدمات طب نفسي* نقص الاطباء النفسيين التحدي الاكبر.

كشف مدير الصحة النفسية بوزارة الصحة د. محمد عصفور عصفور الستار عن دراسة ميدانية تقوم بها وزارة الصحة خلال العام الحالي لقياس مدى انتشار المرض النفسي في المجتمع الأردني سواء كان من الحالات الصعبة أو الخفيفة  .

كما يجري الاعداد لدراسة  اخرى بعنوان (steering community  ) تحت إشراف منظمة الصحة العالمية تسعى لوضع إستراتيجية وسياسة للطب النفسي في المجتمع الأردني الهدف منها تطوير نوع الخدمات التي تقدم للمريض من قبل الدولة، و يشارك في الدراسة مجموعة من المختصين في وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية والقطاع الخاص والجامعات في مختلف اختصاصاتهم التي تعنى بالمرض النفسي.

 

ويقول د. محمد عصفور لـ عمان نت " 20% من المواطنين في أي مجتمع يعانون من اضطرابات نفسية بحسب الأرقام والدراسات العالمية، والرقم الذي توصلت له الدراسة طبيعي  مقارنة بعدد سكان الأردن البالغين 6 مليون نسمة."

ويتابع عصفور "هناك 16%-17%  من المرضى النفسيين يعانون من القلق والاكتئاب  الذي يؤثر على سلوكهم وممارساتهم اليومية الطبيعية وهي اخف الأمراض النفسية والتي تعالج ببساطة وسرعة ، وقسم منهم يحتاج لخدمات نفسية كتوعية وإرشاد فقط .

أما نسبة الأمراض النفسية الشديدة التي يتدخل بها العلاج وتضمن دخولا للمستشفى تصل إلى 3% من أعداد المرضى النفسيين".

وفي دراسة حديثة أعدها فريق وطني من أكاديميين واختصاصيين نفسيين أردنيين تضمنت مسحا شاملا لمؤسسات الخدمات الصحية النفسية في المملكة أنها تقدم خدمات لما يقارب مليون مواطن أردني يعانون من اضطرابات نفسية .

وأوضحت الدراسة أن المراكز الوطنية لتأهيل المرضى النفسيين والعيادات الاستشارية النفسية الحكومية تفتقر إلى أدنى مقومات النظافة والجودة والهدوء والخصوصية والترفية، وتنتفي من بعضها أدنى المقومات التي تلبي حقوق الإنسان.

ويوضح عصفور "تعتبر مستشفيات الأردن صغيرة نسبة إلى عدد السكان، والعالم الحديث لا يتجه لبناء مستشفيات كبيرة بل إطلاق ما يسمى بـ out Patient Clinic وهي عيادات خارجية  للمرضى النفسيين منتشرة في كافة المناطق داخل الدولة،تهدف الى التوعية لمقاومة المرض قبل حدوثه ومعالجة المريض في المراحل المتقدمة قبل أن يصاب بانتكاسات تضطره لدخول المستشفى".

وأكد أن الوزارة تبحث في استراتيجيات لمثل هذه المشاريع التي إذا ما تفعلت من خلال المجتمع المحلي انتشر الوعي للصحة النفسية .

و يضيف عصفور " ثلث من يراجع المراكز الصحية الأولية والشاملة للأمراض العادية بحاجة لخدمات طب نفسي الأمر الذي دعا الوزارة للتفكير بمثل هذه العيادات".

ويعتبر النقص الشديد في عدد الأطباء و الاختصاصيين النفسيين في مجالي الإرشاد وعلم النفس من التحديات التي تحول دون تقديم خدمات مرضية للمرضى ، إذ إن المعدل العالمي يزيد بثلاث أضعاف ونصف عما في  الأردن .

ووفق الدراسة التي ترأس فريق عملها أستاذ الأمراض النفسية من جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور توفيق درادكة، يتوافر طبيب نفساني واحد لكل 100 ألف نسمة في الأردن.

ويعزو عصفور نقص الكوادر في وزارة الصحة  لعزوف الأطباء العامين عن الالتحاق في هذا الاختصاص نتيجة قناعات الطبيب بالبحث عن اختصاص أسهل  بعيدا عن المرضى النفسيين المضطربين أو المعنفين.

ويؤكد "أن الطب النفسي اختصاص مطلوب على مستوى المملكة ودول الخليج ، وهم في صدد إعداد دراسة مقترحة  تقدم للوزارة  لاستقطاب الأطباء لهذا المجال بمنحهم الحوافز والمردود المادي أكثر من أي اختصاص آخر".

وأشارت الدراسة إلى أن العاملين في الخدمات النفسية، لا يحملون مؤهلا جامعيا مناسبا وغير مرخصين وغير مدربين تدريبا نظاميا معياريا.

ويعلق عصفور على الدراسة قائلا "من خلال الدراسات العالمية تبين أن 73 % من الأمراض النفسية يستطيع الطبيب العام المدرب على الطب النفسي أن يعالجها والباقي يتحول لذوي الاختصاص".

ويكمل "إن مستشفى المركز الوطني للصحة النفسية يعتبر مركز تعليمي معترف به من المجلس الطبي الأردني والمجلس الطبي العربي يقوم بتدريب الطلاب على مساقات الطب النفسي في مختلف الاختصاصات ( طب ، تمريض ، علم نفس ، علم اجتماع) قبل التخرج ويدرب الأطباء بعد التخريج حتى يصبحوا اختصاصيين نفسيين."

و اعتبرت الدراسة أن تحكم نظام المركزية في إدارة خدمات الطب النفسي في القطاع العام، يعتبر تحديا كبيرا يواجه إنماء هذه الخدمات والنهوض بها.

ويرى مدير مركز الكرامة للتأهيل النفسي د. محمد أبو عجمية، إن وضع المركز الصعب يعود إلى افتقاره لميزانية خاصة، ومركزية عمليات الصرف التي تتم عن طريق الوزارة، وأن العمل الإداري مازال بيروقراطيا.

ولفت أبو عجمية بأن المركز يستقبل المرضى من كبار السن وان اغلبهم لا يتلقون زيارات من ذويهم، ومنهم من تخلت عنه عائلته منذ أمد بعيد.

ويشار إلى أن 800 ألف شخصا حول العالم  من الذين يعانون أمراض واضطرابات نفسية ينتحرون سنويا، بحسب أحدث الإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ،ونسبة الانتحار في المجتمعات الشرقية تظل اقل كثيراً من دول أوربا وأمريكا نظراً لتعاليم الدين الإسلامي الواضحة بشأن تحريم قتل النفس ، لكن هناك الكثير من المؤشرات التي تدل علي وجود حالات الاكتئاب النفسي في المجتمع بنسبة تقترب من انتشار الاكتئاب في الدول المتقدمة.