"السرطان ليس عدوي" !

الرابط المختصر

على غير العادة وما ألفته النفوس تعاملت الصحفية والكاتبة رولا عصفور بحميمية عجيبة مع مرض السرطان فأعلنت منذ اللحظة الأولى لإصابتها بالمرض أنها ليست محاربة له بل مصابة به لتغيير قواعد الاشتباك معه!

 رفضت اعتباره عدوا لها وحاولت الاقتراب منه والتعاطي ايجابياً معه كزائر لجسدها فحّملت شقيقتها الخبيرة النفسية والاجتماعية  الرسالة الأولى والأصعب والأكثر صدمةً "أنا مصابة بسرطان الثدي" لتوصلها لوالديها للتخفيف من وقع الخبر عليهم ولخلق أجواءً مريحة للتعايش مع الزائر ثقيل الظل فكانت رفيقة روح لشقيقتها تكتم دمعتها وتقابلها بابتسامة وحب لرفع معنوياتها. 

في لحظات ازدحام المشاعر والأفكار في رأس رولا كان عليها اجتياز الساتر الترابي الفاصل بين نظرات الأمان والخوف في عيون وحيدها أسامة الذي تجنب الخوض في مرض أمة لتبقى صورتها جميلة قوية ذات حضور آسر في قلبة وعقلة ويكرر على مسامعها جملة "ما بحسك مريضة سرطان بحسك الحياة" مما أبقى علاقتهما كالعين وجفنها كل منهما يحمي الآخر برعاية الزوج الذي لعب دور الأب لرولا وأسامة معاًَ.

ليكونوا شركاء لها في مشوارها الجديد مع الإصابة بسرطان الثدي والذي تُشخَّص سنوياً 1000 إلى 1200 سيدة به في الأردن، وعدد الحالات المصابة بسرطان الثدي، 1174 حالة في عام 2014، وكانت 1145 حالة في 2015، بينما ارتفعت إلى 1263 حالة عام 2016، وفق بيانات السجل الوطني للسرطان.

بعيداً عن الحسرة والإحساس بالخسارة أخذت رولا على عاتقها مهمة مساعدة نفسها وغيرها فبدأت وبعد  أول جرعة كيماوي ومع إمساكها الأولى خصلات شعرها المتساقطة  بالتحول لشخص آخر ترفع معنويات من  حولها وتساعدهم على تقبل تجربتهم الجديدة لتخلق رولا ما بعد الإصابة.

 مستغلتاً روحها المحبة للحياة وخبرتها الطويلة في الإعلام وهي الصحفية والكاتبة اللامعة للتوعية بمرض السرطان من خلال فيديوهات بثتها عبر  منصات مختلفة لحل معادلة الإصابة بالسرطان بجعله فرصة جديدة لاستعادة الذات وتجديد الشغف  بدلاً من كونة مرحلة انتظار الموت حتًمي لتقول للجميع بأن "رياح الإرادة تفوقت على سفينة الانهزام  " .  

 فطلبت من زوجها شريك العمر وشريك الرحلة الجديدة أن يحلق شعرها وأن يوثقا هذه التجربة عبر فيديو شاركته على صفحات التواصل الاجتماعي لتكون "امرأة صلعاء" متعايشة مع السرطان بدلاً من البكاء الذي لن يخّلد تجربتها ويخلق منها أيقونة للتحدي وحب الحياة لتنقل تفاصيل حياتها اليومية من زوايا منزلها المطبخ الشرفة غرفة الطعام  لتقول للجميع بأن مريض السرطان قادر على العزف الجماعي وأن الإصابة ما لازم تكون حائط صد في وجه الجمال والسلام الداخلي للمصاب لأنة "إنسان بيحب الحياة مثلك مثله". 

 

 رولا نجحت في اجتياز الصدمة بروحها المتوقدة  فانشغلت بالتوعية بمرض السرطان وخصوصاً سرطان الثدي الذي يتحول مجرد التفكير به من قبل أي امرأة لكابوس ينغص أحلامها ويهدم بهجة الحياة في عيونها، وأثر الحالة النفسية على تطور الحالة الصحية وتفاصيل الحياة اليومية للمصاب فانتصرت على الحزن والهواجس وأسست لحالة فريدة من التغلب على السرطان فأطلقت خلال مرضها قناة يوتيوب خاصة بها شاركت عبرها يومياتها ورسائلها الإيجابية عن المرض والتعامل معه فكانت خير مُبشر بإمكانية الشفاء والتأقلم مع المرض بدلاً من انتظار لحظة الموت بدعوة النساء للإسراع في الكشف عن الإصابة ومتابعة حالتهن الصحية بحثاً عن الشفاء السريع ولتقليل نسب الإصابة والوفيات وزيادة نسب الشفاء حيث أظهرت نتائج مسح السكان والصحة الأسرية لعامي 2017 و2018 بأن 21% فقط من النساء المتزوجات في الأردن أجرين فحوصاً ذاتية أو متخصصة لسرطان الثدي، خلال الأشهر الـ12 السابقة على المسح، فيما خضعت 9% منهن فقط لتصوير ماموغرام. 

لم يتوقف إبداعها عند بث الطاقة الإيجابية لمصابي السرطان ودعوتهم لتقبل المرض والتعايش مع الإصابة  فتعدت ذلك وشاركت المجتمع تفاصيله ومشاكله لتعلن مجدداً أن مريض السرطان جزء من صّناع الحياة "مشوار " السرطان مش نهاية الحياة لتستمر ببث الروح الإيجابية في المجتمع بعيداً عن الانهزامية والانعزال الذين يسيطرون على الكثير من مصابات سرطان الثدي.فشاركت رأيها في العديد من القضايا التي تهم المجتمع وعبرت عن قناعاتها ووجهة نظرها لتعزز روح الإيجابية في المجتمع وتساعد المصابات على الإحساس بقيمة الحياة وتقدير ذواتهن بعيداً عن الحزن وانتكاسة المرض.