الرهبة في يومها الأول..

الرهبة في يومها الأول..
الرابط المختصر

أن تستيقظ باكرا وتنظر من نافذة مطلة على الطريق، فتشاهد المارة وتستنشق بعضا من مخلفات الهواء النقي، فهذا أمر مألوف لدى عدد غير قليل من الناس..لكنه يبدو مختلفا لدى المليون و607 آلاف طالب وطالبة صبيحة هذا اليوم، ذلك انهم يشعرون بعبء ابتداء عام دراسي جديد، يحيلهم الى جزء من حلقات مسلسل الصباح اليومي الذي يتابعه المشاهدون عبر نوافذ بيوتهم.

طلبة متثاقلون يحاولون الهرب من واقع قسري يجرهم يوميا من فراش أحلامهم إلى كوابيس الدراسة، وآخرون نشطون يغذون خطواتهم بأسرع ما لديهم من اجل الوصول في وقت مبكر، والاستمتاع بدقائق قليلة برفقة زملائهم قبل انطلاق "زامور الخطر" المدرسي المتمثل بالجرس او الصافرة..
 
عند النظر إلى وجوه اولئك الطلبة، وهم على اعتاب عام دراسي جديد، وسط هذا العدد الكبير من الوجوه الغريبة، لابد من ملاحظة ميل اعداد كبيرة منهم - وبالاخص طلبة المراحل الاولى -  الى البكاء، حتى ان بعضهم يبدأ شوطه مع البكاء حال اجتيازه بوابة المدرسة، وهنا يجد المعلم نفسه مضطرا الى تكرار سؤاله التقليدي "لمَ تبكي؟"..
 
بعض المعلمين يشفقون على هؤلاء الطلبة، يدركون أنهم في يومهم الاول بأمس الحاجة الى والديهم، والى الحنان والدفء المتوفر في بيوتهم، لذا يبذلون قصارى جهدهم لتوفير جو ملائم من الود والحنان والتفهم ، بعيدا عن تلك الاساليب المنفرة لهذا النوع المرهف من الطلبة..
 
بالمقابل ، ثمة معلمون يحسبون المسألة بطريقة مختلفة ، فكما هو معروف ، فان الانطباع شبه الكامل لشخصية ما يتكون عند اللقاء الأول، لذا لابد من استخدام سياسة "العين الحمراء" كي لا يحاول أو يفكر أي من الطلبة بجعل أحد هؤلاء المعلمين ضحية المقالب المدرسية الساخرة التي تطيح بهيبتهم .
 
ويستمر المسلسل ..
 
عند نهاية هذا اليوم الطويل والشاق، يعود الطلبة الى بيوتهم ، ليكتشفوا أنهم قد تقاسموا الأدوار مع معلميهم، وأن مدير المدرسة لم يكن سوى مدير إنتاج لمسلسل هذا اليوم المدرسي والأيام القادمة، وأن بقية العاملين في المدرسة هم شخصيات فرعية ومساندة لا بد من وجودها لغايات استكمال المشاهد . أما المبنى المدرسي فليس أكثر من مكان يجمع كل تلك الشخصيات لتنفيذ هذه الحلقات اليومية، التي يتولى إخراجها مايسترو خفي اسمه "النظم المدرسية" التي قد لا تتوافق مع رغبات طواقم العمل ..
 
لكن اللافت في الأمر، أن الطلبة يفقدون " جمهور المشاهدين عبر النوافذ " بعد إتمامهم أدوارهم في يومهم الأول .. ربما يتساءل الطلبة عن سر احتشاد اولئك المشاهدين في اوقات الصباح وغيابهم وقت الظهيرة ، وربما يفكر بعضهم " بشطارة وواقعية " ويقول فجأة : وجدتها ! فقد انتهى دورنا اليوم !

أضف تعليقك