الرقابة الذاتية لصحفيي الأردن تسبق أجهزة دولتهم
عكس تقرير مركز حماية حرية الصحفيين "الحالة المتردية" التي تعيشها الحريات الصحفية في الأردن ولعل أهم ما حمله هي نسبة 94% من الإعلاميين الأردنيين الذي يرون أنهم "يخضعون أنفسهم لرقابة ذاتية".وحمل التقرير الذي أصدره المركز اليوم في مؤتمر صحفي، مؤشرات سلبية على واقع الحريات الصحفية في الأردن. كما اعتبر صحفيون ان حالة الحريات لم تتغير بنسبة 46% ورأى 28% تقدمت و25% تراجعت.
مرة أخرى ..حرية الإعلام في الأردن مكانك سر ..هذه هي النتيجة التي يقودك إليها تقرير حالة الحريات الإعلامية لعام 2007..
ووصف رئيس المركز نضال منصور " نسبة الصحفيين الذين يخضعون أنفسهم للرقابة "بأنها حالة سلبية ولا بد من تعميق الاحتراف لدى مجمل الصحفيين عن طريق الدورات".
ووسعت إدارة المركز استطلاع رأي الصحفيين ليشمل 501 صحفي بدلا من 250 إعلاميا شارك به عام 2006 .
ووصف حوالي 47% حالة الحريات العام الماضي بانها متدنية ومقبولة ولم يصفها بانها ممتازة سوى 3% .
وتزايدت الشكاوى التي تلقاها مركز حماية وحرية الصحفيين ورصدها عن تعرض العديد من الإعلاميين لمشكلات مما اعتبروه انتهاكا لحريتهم في عام 2007 . فقد تلقى المركز 47 شكوى في حين كان ما سجله لعام 2006 قد بلغ 28 شكوى.
والشيء اللافت للانتباه ان أكثر الشكاوى التي وردت للمركز أو رصدها ووثقها كانت تتعلق بالمنع من التغطية والتي بلغت 13 حالة خلال العام 2007 .
ويعلق منصور "في ظل نتائج التقرير، كيف يمكن أن نخرج الصحفيين من عقلية الرقابة الذاتية، كما وان التشريعات لم تحدث تقدما حقيقيا على مستوى قانون المطبوعات والنشر والذي أبقى عقوبة الحبس والتشريعات الأخرى لم تلغ عقوبة التوقيف ورفع وغلظ العقوبات المالية".
وبحسب التقرير فإن المشرع وسع من دائرة التجريم حيث اعتبر ميثاق الشرف الصحفي قانون عقوبات إضافي يجرم كل من يخالفه. وكذلك دائرة التجريم حيث أضاف مادة تجريمية – لم تكن موجودة أصلاً – احتوت على أربع فقرات تتضمن عبارات فضفاضة ليس لها ضابط محدد . أبقى المشرع على عقوبة الحبس في قضايا المطبوعات والنشر . قام المشرع بالحد من الرقابة المسبقة المفروضة على الرسالة الإعلامية الواردة من الخارج وعلى طباعة الكتب الا أنه أبقاها على المطبوعات المتخصصة . لم يستخدم الصياغة التشريعية اللازمة لمنع توقيف الصحفيين في قضايا المطبوعات والنشر وإنما استخدم قوالب لفظية لا تمنع من تطبيق القوانين الجزائية الأخرى والتي تبيح التوقيف.
وتعرض التقرير الذي جاء على 300 صفحة لدراستين الأولى "الصحافة الإلكترونية الآفاق والواقع" ونفذها الصحفيان: محمد عمر وبسام العنتري. الثانية "كيف غطى الإعلام الانتخابات النيابية" للصحفي وليد حسني.
وقام المركز بتعديل بند "الانتهاكات" والتي جاء في التقرير السابق له الذي صدر عام 2006 إلى بند "الشكاوى" معتبرا نضال منصور ان ذلك "لمزيد من الحياد فهي شكوى ما لم يأت رد من الحكومة أو تعترف بها وبالتوثيق لتقيد كانتهاك ومن باب تعزيز سياسات الإفصاح عند الصحفيين".
وتوقع منصور ان يكون رد الحكومة على التقرير "إيجابيا" لكون التقرير وثق رد الحكومة والجهات الأمنية على مجمل الحوادث التي توثيقها.
وحول دور نقابة الصحفيين في تطوير الحالة المهنية فقد جاءت النتيجة انها في حالة تراجع وقد أشار 37٪ الى انهم يعتبرون ان دور النقابة غير فعال على الاطلاق، في حين كان من يرى ان دورها متوسط 35٪ و18٪ يعتبرون ان دورها فعال بدرجة قليلة في حين كان من يعتقد ان لها دور كبير 9٪ فقط.
وبعد سنوات من الرهان على ان محطات التلفزة الخاصة ستسهم في رفع سقف الحريات ساد اعتقاد 60٪ من الصحفيين انها لم تفعل ذلك، وبلغ مؤشر مساهمتها في دعم الحريات 19.2.
وتقود هذه النتيجة الى استنتاج بان فشل ظهور محطات تلفزة مستقلة ومؤثرة في الاردن ربما يكون السبب خاصة وان محطة الغد atvلم تر النور حتى الان.
والمشكلة التي تواجه المركز وفق الدراسة "لا توجد صلاحيات قانونية للمركز للتحقيق في هذه الشكاوى والتدقيق ان كانت هناك انتهاكات قد وقعت بحق الصحفيين، وان اكثر الشكاوى التي يعرضها التقرير تتركز على منع التغطية وحق الوصول للمعلومات وايضا احتجاز الحرية الاداري الذي يتعرض له الصحفيون. كما انه ومن المشكلات التي لا بد من التعرض لها في باب الشكاوى ان سياسات الافصاح عند الصحفيين للمشاكل التي يتعرضون لها محدودة، ويتخوفون من ذلك حتى لا يخضعوا للضغوط و المساءلة".
وناقشت الدراسة التي اجراها المحامي محمد قطيشات مدير وحدة المساعدة القانونية للاعلاميين "ميلاد" السؤال المحوري الى اي درجة اسهم القانونين في تقدم حالة الحريات الاعلامية.. وهل يفرضا قيوداً على حرية الصحافة؟! واستعرض هذا الباب واقع التشريعات سواء تلك الناظمة للاعلام المرئي والمسموع وتطرقت الى الاعلام الالكتروني والمحاولات التي جرت لاخضاعها لقانون المطبوعات والنشر.
وتناول باب حالة التشريعات دور وحدة المساعدة القانونية للاعلاميين "ميلاد" والتي تعمل تحت مظلة مركز حماية وحرية الصحفيين وتقوم بالدفاع عن الصحفيين في المحاكم منذ عام 2002، حيث توكلت هذه الوحدة بالدفاع عن الصحفيين في 39 قضية عام 2007.
وجد المركز ان اكثر قضيتين يستحقان البحث والدراسة العام الماضي هما الصحافة الالكترونية الصاعدة والمثيرة للجدل والاهتمام بها في المجتمع الاردني وخاصة في اوساط النخبة السياسية والاعلامية.. وآفاقها ودورها وهل سيحالفها النجاح ام انها ستخضع للضغوط وتواجه ازمات مهنية ومالية وسياسية و حتى اخلاقية وقد كلف الزميلان محمد عمر، وبسام العنتري وكلاهما يعمل في الصحافة الالكترونية بانجاز هذه الدراسة التي تعتبر ربما الاولى من نوعها في الاردن.
اما الدراسة الثانية فلقد خصصت لبحث دور الاعلام الاردني في تغطية الانتخابات البرلمانية التي جرت العام الماضي. واستحوذت الانتخابات البرلمانية باهتمام متزايد من الاعلام وافرزت ملاحق وصفحات متخصصة لها.
إستمع الآن