الذهبي في بغداد

الرابط المختصر

نتمنى أن لا تكون زيارة الرئيس الى العراق زيارة فنّية فحسب لبحث ملفات مثل التبادل التجاري والتنقل والإقامة والأمن والمعتقلين الأردنيين في العراق وغير ذلك من أمور لا شكّ انها مهمّة، لكن يعنينا أيضا أن تكون للزيارة أبعاد سياسية، مع تقديرنا ان الذهاب الى بغداد بحدّ ذاته يحمل دلالات سياسية.
العراق الآن على منعطف، والتطور غير المريح يتمثل في أن نقل الملفات من يد القوات الأميركية الى العراقيين يترافق مع عودة العنف والمجازر البشعة، فقد تمّ نقل ملف مجالس الصحوة وقواتها الى الحكومة العراقية فوقعت هجمات على بعضها وتهم باختراقها من "القاعدة" و"البعث"، ونشأ توتر ومخاوف من ان الائتلاف الحاكم بصدد الإجهاز على الصحوات التي تمثل القوّة السنّية الشرعية القائمة على الأرض.
وتم إنهاء ملف السجناء والمعتقلين لدى القوات الأميركية بإطلاق سراح قسم منهم، وتحويل الباقي الى الحكومة العراقية فظهرت اتهامات تحمل مسؤولية التفجيرات الأخيرة الى اطلاق سراح اعضاء في القاعدة والتنظيمات المتطرفة.
القوات الأميركية كانت قد فتحت مسارا سياسيا جديدا بعد أن اكتشفت خطورة المأزق مع ايران بالانفتاح على الوسط السنّي لإبعاده عن القاعدة والارهاب وإدماجه بالعملية السياسية, وحققت هذه السياسة نجاحا لافتاً، لأن هذا الوسط كان قد بدأ يعي أن ابتعاده عن العملية السياسية أدّى الى تهميشه لصالح النفوذ الإيراني الخطر على عروبة ومستقبل العراق وأن الحياة مستحيلة تحت حكم القاعدة الظلامي والإجرامي.
والحقيقة ان المالكي استعاد الكثير من مصداقيته وشعبيته بفضل الانخفاض الكبير للعنف الذي يعود فيه الفضل الى الصحوات التي انتفضت على القاعدة وطاردتها وأضعفتها. ويجب القول ايضا أن المالكي أخذ يتصرف في الشهور الماضية أكثر كقائد وطني عراقي، وقد لاحق ايضا عصابات القتل الطائفي والتمرد والفوضى من بعض الميليشيات الصدرية، وفي المحصلة تحسنت سيطرة الدولة والمؤسسات.
البعض اعتبر التفجيرات الأخيرة ردّاً على الهجوم على الصحوات، والبعض يرى انها محاولات متأخرة من القاعدة لإعادة اثبات الوجود أو رسائل خارجية. وما نخشاه ان تصريحات المالكي حول الاختراق البعثي للصحوات تشي مجددا بسياسة طائفية ضيقة ستلي وراثة السلطة من الأميركيين.
فسياسة اجتثاث البعث كانت كارثة الكوارث وكان يجب طيها نهائيا, وإذا كان من اختراق ينبغي ملاحقته فهو حصريا وجود عناصر قاعدية ترتب لأعمال عنف. وعلى كل حال المنشود تجاوز كل اشكال الوجود المسلح غير النظامي، وفي المقابل أن تستوعب القوات النظامية أكبر عدد ممكن من الجيش السابق وميليشيا الصحوات فهذا هو الذي سيقضي على العنف ويعزل قوى القتل والارهاب.
هناك ملفات عديدة وهناك بالمناسبة مصالح ومطالب تعويضية كثيرة لأردنيين أعتقد أن الوزير د. باسم السالم سيقابل ممثلين عنهم اليوم وكلها يجب ملاحقتها باهتمام شديد، لكننا لا نريد اهمال الجانب السياسي، ويا ليت أن يضم الوفد الأردني بعض الرموز السياسية البرلمانية الأردنية مع تغطية اعلامية ملائمة، وأن يتمّ ترتيب لقاءات مع ممثلين عن مختلف القوى البرلمانية والسياسية العراقية.