الدوافع الكامنة "للتمويل الذاتي"

الدوافع الكامنة "للتمويل الذاتي"
الرابط المختصر

في مسألة التمويل الأجنبي يظن البعض أن عمله انتهى أو أوشك على ذلك في ظل تنامي الشعور بنية الحكومة ممارسة التضيق والتعسف بإستخدام السلطة أو الوصول لاحقا إلى المحاكمات كما حدث في مصر بحق المنظمات التي تنتج بالتمويل وتعيش عليه، خاصة بعد قرارها الأخير بالموافقة على الآلية الجديدة للحصول على التمويل الأجنبي المقدم للجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني والشركات غير الربحية العاملة في الأردن.

 

والبعض الآخر من المستفيدين من أنشطة المنظمات المدنية، يزداد يشعوره بالخوف أكثر بأنه "يا حبيبي ما في رواتب وبدل مواصلات ولا سفر ولا خبز أو كوكيز".

 

حجة الحكومة وإعلامييها ونوابها وديناصوراتها عندما يحاولون التغطية على انتهاكات حقوق الإنسان في الداخل قولهم أن من يتحدث عن هذه الانتهاكات هي منظمات مشبوهة ممولة من الخارج للإضرار بمصالح الوطن، ولا أحد يتحدث عن الانتهاكات بالشكل المناسب لحجمها وقد يشنون هجوما على من كانوا سببا في الكشف عنها وحدث ذلك مرارا.

 

تمويل منظمات المجتمع المدني العاملة فى مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان يتم بموجب اتفاقات توقع مع الجهات الحاصلة على تمويل ومن الجهات المانحة بشروط إدارية ومالية قاسية، والأموال لا تحول إلاّ عبر حسابات بنكية "مراقبة"، والحكومة الأردنية بحصولها على التمويل الأجنبي تمر بذات المراحل أو أشد تعقيدا.

 

وفي الوقت الذي برزت فيه التخوفات على سير عمل منظمات المجتمع المدني بغياب المسؤولية الإجتماعية للقطاع الخاص _ المفهومة عبثا بتقديم مساعدات مادية وتطبق فقط في رمضان للتجميل صور الشركات والأشخاص  _ وبالرقابة المسبقة واللاحقة على التمويل الأجنبي للمنظمات، لن أتسائل عن مصير مشاريع رصد الإنتهاكات والتوعية والتأثير على سياسات الحكومات "الممولة" والتي لا ينظر لها العالم على أنها تدخل في شأن داخلي _ أي المشاريع _ فهذه فقط من إرث نظرية المؤامرة التي ترعرع عليها البعض في مجتمعنا.

 

هناك أناس متأرجحة بين قبول أو رفض الخطوة الحكومية، وتنتظر تفاصيل الآلية، لكن هذا التأرجح يجب أن لا يثني الجميع عن نفض غبار الحيرة  ويدفعهم للعمل على التحول في السياسة المالية لتأمين "تمويل ذاتي".

 

فبناء مجتمع مدني لا يكون أبدا بتمويلات داخلية أو أجنبية، ولا بدعم حكومي ولا خاص، بناء مؤسسات أهلية يكون من داخل الدولة من أفرادها. فكل الأنشطة الحقيقية تقام بالإمكانيات الوطنية وتنم عن القدرات الواقعية لتلك المؤسسات.

 

دوافع هذا الشكل من التمويل تبلورت في مرحلة تاريخية معينة. ولها مساراتها الإقتصادية وخبراءها، إلاّ أن التمويل الذاتي يكتسب في الوقت الحاضر أهمية متزايدة، وإن الدوافع الكامنة وراءه صارت أكثر وضوحاً.

 

ومن هنا، فإن على القائمين على المنظمات والمؤسسات التي كان وما يزال التمويل الخارجي عصب حياتها العمل فورا بالبحث عن كل وسيلة ممكنة لتثبيت موقع "منظماتهم" ومواجهة التحديات المالية.

 

اليوم، قبل أن يفكر أي مدير لمنظمة في تقليص نفقات ومشاريع المنظمة وعدد العاملين فيها، عليه أن يسأل نفسه، بعد مضي أكثر من 5 إلى 10 سنوات في العمل المدني، هل كنت أسير في الإتجاه الصحيح؟