الخبر والمقال و"الوجه الحسن"
أما الخبر والمقال في الصحف، فقد كُتِب عنهما الكثير، واليوم سوف نكتب فقط عن "الوجه الحسن".
إن قارئ الصحيفة اليومية الأردنية سوف يلاحظ ومن دون عناءٍ كثير، أن صور الحسناوات تحتل مساحة لا بأس بها من حيث الحجم والصنف والموقع. وعلى كل حال شكراً لوكالات الأنباء الدولية صاحبة الصور، والشكر موصول لشبكة الانترنت التي توفر عدداً مفتوحاً إضافياً من تلك الصور بما يمكّن مَنْ يريد لأن يختار، كماً ونوعاً.
إن الصحف من الذكاء بحيث تقوم بوضع هذه الصور على صفحاتها الأخيرة والملونة عادة، فهي تعرف أن القارئ اعتاد بمجرد تناوله الصحيفة على أن يلقي نظرة سريعة على صفحتها الأولى ثم يسارع إلى قلبها كلياً ويبدأ القراءة بالاتجاه المعاكس.
الغريب أن الصحف وعلى اختلاف توجهاتها السياسية والتحريرية تقوم أحياناً بنشر نفس الصور لنفس الحسناوات رغم أن الخيارات كما قلنا مفتوحة ومتعددة، ولعل هذا ما يجعلنا نستنتج أن هناك عند المحررين في كل الصحف مزاجاً جمالياً موحداً عابراً للاختلافات الصحفية أو السياسية.
تتمتع صحف اليوم بالكثير من الجرأة في نشر الصور مقارنة بماضيها القريب، ولعل قدامى القراء يذكرون أن ما يشاهدونه من صور هذه الأيام لم يكن متاحاً فيما مضى ولغاية تسعينات القرن الماضي، بل إن صحيفتا "الرأي" و"الدستور" اللتان انفردتا بالساحة الصحفية لسنين طويلة قبل مرحلة الانفتاح السياسي وتعدد الصحف، كانتا تخضعان الصور للكثير من الرقابة.
ومن الطرائف في هذا المجال، أنه حتى الصور التي كانت تنشر مع إعلانات الحفلات والأفلام السينمائية، كانت تتعرض لصنف خاص من الرقابة عن طريق طلاء أجزاء الجسم التي لا تتفق مع معايير الاحتشام الصحفي آنذاك بالحبر الأسود، فَتَظهر الفنانة وقد ارتدت فستاناً عليه بعض التعديلات المحلية، وبالطبع فإن المراقب كان يجد صعوبة في التوفيق بين التحبير الذي يضيفه وبين موديلات الفساتين التي كانت ترتديها الحسناوات، ويبدو أنه كان من الصعب العثور على مراقب جيد يتقن في نفس الوقت صنعة مصمم الأزياء الجيد.
الوضع الآن تغير كلياً، فهناك صراع حسناوات حقيقي بين الصحف، وهناك تنافس وسباق في ميدان جرأة الصور، وحتى بالنسبة لصحيفة وقورة مثل "الرأي"، فإنها لم تصمد أمام إغراء المنافسة، لكنها اختارت أن تؤسس ملحقاً خاصاً ملوناً أطلقت عليه اسم "أبواب"، تضع فيه الصور بأحجام كبيرة بعضها لحسناوات معروفات (مثل الفنانان والعارضات) وبعضها مجرد صور تزين المواضيع والمواد الصحفية، وفي كثير من الأحيان يكون حجم الصورة أكبر من حجم المادة. وقد اهتدى محررو الصحيفة إلى وضع كلمة واحدة هي كلمة: "تعبيرية" كتعليق أسفل الصور التي لا تعود لحسناوات معروفات، وهم يرون فيما يبدو أن كلمة "تعبيرية" تلك تشكل تبريراً كافياً لنشر صورة غير مرتبطة مباشرة بالموضوع.
صحيفة "العرب اليوم" منذ نشأتها بادرت إلى الاعتماد على الصورة عموماً، وقد نشرت في بعض الأحيان صوراً لم تكن تجرؤ عليها سوى "الاسبوعيات" في مرحلة معينة، ولكنها الآن تنشر بانتظام تقريباً صورة أو أكثر لحسناء أو أكثر على الصفحة الأخيرة من جزأيها الأول والثاني، إضافة إلى ما ينشر في صفحة المنوعات.
صحيفة "الغد" وبالنظر إلى جودة الطباعة والورق الخاص الأكثر بياضاً الذي اعتمدته، فقد تمكنت من أن تتفوق في نشر صور أكثر جمالاً، وهي أيضا جعلت للأمر ملحقاً خاصاً أطلقت عليه اسم "حياتنا"، يعثر فيه القارئ على صور تقترب من حيث الجودة من صور المجلات الملونة. وفي فترة لاحقة وبعد طول "وقار" انضمت صحيفة "الدستور" إلى ركْب الصحف المعتنية بصور الحسناوات، ووضعتها في ملاحق خاصة ضمن الصحيفة حيناً وفي أجزاء خاصة حيناً آخر.
غير أن صحيفة "السبيل" ذات التوجه الاسلامي لا تستطيع المنافسة على هذا الصعيد حتى بعد أن أصبحت تصدر يومياً، وربما تكون وقعت في بعض الحيرة في أيام صدورها الأولى، فقد نشرت صورة للفنانة حنان الترك التي ارتدت الحجاب إلى جانب خبر عن نيتها استشارة رجال الدين في أدوراها في المستقبل، وهو الأمر الذي أثار بعض التعليقات على موقعها الالكتروني، ثم توقفت عن نشر صور الفنانات بمن فيهن المتحجبات، وهي بذلك بقيت مخلصة لطابعها الأكثر احتشاماً بين الصحف.
يبقى أن نلفت الانتباه الى ظاهرة التجاور بين صور الحسناوات وبين مقالات الكتّاب الرئيسيين، وخاصة على الصفحات الأخيرة، ولكن من غير المعروف إن كان وضع صورة حسناء إلى جانب المقالة يجلب المزيد من القراء لتلك المقالة أم يبعدهم عنها؟











































