الحوكمة تنتقل من السياسة إلى المال والأعمال
انتقل مفهوم “الحوكمة Governance”، من السياسة وإدارة شؤون الدولة إلى الشركات المالية المساهمة، بوصفه "الحكم الرشيد" الذي يتم تطبيقه عبر حزمة من القوانين والقواعد تؤدي إلى الشفافية وإعمال القانون.
فأصبح الحديث عن “حوكمة الشركات Corporate Governance ”، من أجل كفاءة اقتصادية عليا، ومعالجة مشكلات ناتجة عن الممارسات الخاطئة من قبل إدارة الشركات والمراجعين الداخليين أو الخارجيين أو من قبل تدخل مجالس الإدارة، بما يعوق انطلاق هذه الشركات.
دخلت الحوكمة السوق المالي الأردني قبل 5 سنوات، ووضع الاطار العام والعريض لحوكمة فعالة للشركات، للحفاظ على حقوق المساهمين، وتفعيل مبدأ العدالة بين المساهمين، وإبراز دور أصحاب المصالح "عملاء، موردين"، والحرص على الإفصاح والشفافية، والتأكيد على مسؤولية مجلس الإدارة ودوره في حماية الشركة والمساهمين وأصحاب المصالح.
يقصد "بحوكمة الشركات"، إخضاع الشركات المساهمة للقوانين الرسمية للمراقبة والمتابعة، وضمان أن تكون بيانات تلك الشركات وممارساتها الإدارية والمالية بأقصى درجات الإفصاح والشفافية لحمايةًً حقوق المساهمين فيها.
وتعد أسباب ظهور الحوكمة من وجهة نظر المحامي ورئيس مجموعة عرب للقانون يونس عرب، مزيج من التقليد والتشريع، "نحن لا نجتهد بل نقلد وننتظر المفاهيم المطروحة في الدول المتقدمة، خصوصا المفاهيم التي تتبناها الأمم المتحدة، ليصبح بها الأردن من أكثر الدول ارتباطا باستراتجيات الأسواق المالية بالمنظور الغربي، أي ان الحوكمة أسقطت علينا، كما اسقط علينا غيرها من القوانين دولة متأثرة".
ومن جهة أخرى، "ينطوي تحت تشريع الحوكمة معايير ومبادئ، وجدها القائمين على السوق طريق ايجابي لحل مشكلات واقعية، كمطلب دولي يقوم على مبدأ حماية حملة الأسهم وحماية توليد القيمة المضافة للأسهم"، كما جاء عن عرب.
التزام بدون إلزام
أن ما يعطي هذه القواعد خصوصية ويجعلها مختلفة عن القواعد القانونية، هو أن قواعد حوكمة الشركات لا تمثل نصوصاً قانونية، ولا يوجد إلزام قانوني بها، وإنما هي تنظيم وبيان للسلوك الجيد في إدارة الشركات.
وأوضح عرب أن أساس الحوكمة بالسوق المالي الأردني "تطبيق اختياري لنص القانون "أن ألزم نفسي"، مقابل منافع نتيجة التطبيق من تطور الأداء على المستوى الداخلي للشركة والتحاقها بمصاف الشركات العالمية، وسلامة تعامل السوق المالي مع الشركة بسبب إتباع معايير الحوكمة، مع عدم تضمن إي إجراء جزائي عند عدم التطبيق"، ووصفها عرب "بالتجربة الفريدة".
أسلوب" الالتزام أو تفسير عدم الالتزام" من أهم أساليب حوكمة الشركات، بالتزام الشركات بالقواعد الواردة في الدليل، وفي حال لم يتم الالتزام بأي من القواعد الواردة فيه عدا تلك التي استندت إلى نص قانوني ملزم في أي من التشريعات والتي يتوجب الالتزام بها تحت طائلة المسؤولية، فلا بد من توضيح الأسباب التي أدت إلى عدم الالتزام بهذه التشريعات.
لا يوجد نسب مئوية لمدى تأثير الحوكمة على الشركات المالية المساهمة في الأردن، "وإنما الشركة التي تحسن استخدام معايير واستراتجيات الحوكمة ستحقق نماء وأداء متميز، أي أن الكثير من القواعد الجيدة لا وجود لها، ان وجدت نفوس ضعيفة، والكثير من القواعد السيئة وجدت نفسها ان وجدت نفوس متميزة لتطبيقها" هذا ما يراه عرب.
وبين عرب، أنه "ليس هناك جهة مركزية معنية بالحوكمة، لكن الجهات التنظيمية التي تتلقي هذه المعايير هي المسؤولة عن سن التشريع، فبورصة عمان وهيئة الأوراق المالية ومركز إيداع الأوراق المالية وتنبؤا بأهمية "الحوكمة" فأوجدوها، وسن منها "التدابير الخاصة بحوكمة الشركات في البورصة " التي أخذت شكل التشريع الإلزامي لتحسين الإدارة، وتعظيم الربحية، والاهتمام بمصالح صغار المستثمرين".
ولأهمية الحوكمة، اختار المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس خلال دورته ال33 موضوع الحوكمة وبناء الثقة عنواناً له، أثر سلسلة الفضائح في عالم الأعمال الأميركي، مما أدى الى أقّرار الكونغرس قانون "ساربينزأوكسلي" الذي يشدد القواعد التنظيمية في الحوكمة الشركاتية.
إستمع الآن











































