الحكومة تضيق على غير الأردنيين في مدارسها

الرابط المختصر

"القرار
لا يتفق مع اتفاقيات حقوق الإنسان والقضاء على التمييز في التعليم التي وقع عليها
الأردن، فقد حرم شريحة كبيرة ممن يعيشون في الأردن من حق التعليم الأساسي"،
هذا ما أجمع عليه الحقوقيون في قرار وزارة التربية والتعليم بتقنين قبول أبناء غير
الأردنيين في مدارسها.

فالوزارة وضعت مجموعة من الشروط لقبول الطلبة
غير الأردنيين، بحيث تخضع لتقسيمات مختلفة تشمل (أبناء العرب، وأبناء الأجانب،
وأبناء غزة) ولكل شروطه في القبول، بحيث تتقاضى الوزارة بموجبها رسوماً مالية تفوق
ما يدفعه الطلبة الأردنيون.

لكن القرار نص على أن يتم قبول أبناء غزة في
المدارس الحكومية فقط، فيما لم يشمل هذا القبول الطلبة العرب وحملة الجوازات
الفلسطينية سوى في المدارس الخاصة، "أو بالمدارس الحكومية إذا توافرت شروط
التواجد في مناطق بعيدة ليس فيها مدارس خاصة، وبشرط وجود متسع في المدرسة الحكومية
المقدم لها ووجود موافقة الوزارة خطياً على القبول"، فيما حُدد لأبناء
الأجانب بالدراسة فقط في المدارس الخاصة.

وبهذا فقد وضع القرار مصير طلبة تصل أعدادهم
الى المئات من أبناء الجاليات العربية خاصة ممن لا يمتلكون القدرة المالية للدراسة
في المدارس الخاصة، تحت وطأة الحرمان من التعليم الأساسي والذي ليس لأي من الدول
الحق باستلابه منهم.

فالأردن وقع اتفاقية القضاء على أشكال التمييز
في التعليم في اتفاقية حقوق الطفل عام 1991، وبموجب هذه الاتفاقية يحظر أي تمييز في
فرص التعليم بين المواطنين والأجانب حتى وإن كانت إقامتهم غير مشروعة داخل البلد، فما
هو موقف منظمات حقوق الإنسان؟.

"القرار يتناقض مع التزامات الأردن لموجب
اتفاقية حقوق الطفل من حيث الأساس" هكذا وصف رئيس مركز عدالة لحقوق الإنسان عاصم
ربابعة القرار، وتابع "الدول التي صادقت على القرار ملزمة بتوفير التعليم
الأساسي للأطفال الذين يعيشون تحت ولايتها بغض النظر عن جنسيتهم، كما أن الأردن
صادق على اتفاقية القضاء على أشكال التمييز في مجال التعليم وفي أحد الاتفاقيات
الرئيسية لليونسكو، فهو ملزم بموجب هذه الإتفاقية في إزالة كل القيود أو القرارات
أو القوانين التي تكرس التمييز في التمتع بالتعليم ما بين الأردنيين وغير
الأردنيين".

الملف يناقش منذ سنوات، وفي العام الماضي اتخذت
الوزارة القرار ثم تراجعت عنه بسبب الضغوطات التي تعرضت لها، ووضح ربابعة "نأمل هذا العام أن يتم التراجع عنه لأن
القرار يمس شريحة كبيرة من الأطفال منهم أبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين
وأبناء العرب الذين لجأوا الى الأردن يلتمسون ملجأ آمناً وهذا القرار من شأنه أن
يحول دون تلقي أبنائهم الحق الأساسي في التعليم".

الوزارة لجأت الى مبرر الاكتظاظ في أعداد
الطلبة في مدارسها لكن هذا المبرر لم يقبله الحقوقيون ولك يجدوه مصوغاً للوزراة
لحرمان هؤلاء الأطفال من التعليم، حيث قال الربابعة " إنه مبرر غير مقبول،
لأن هناك التزامات دولية على الأردن وعليه أن يوفي بها لأنه سعى للتصديق عليها،
ولهذا لأن القرار يحول دون تقدم أي طالب أو طفل غير أردني للالتحاق بمدارس التربية
والتعليم ولا يرتبط بالقدرة، فبعض المناطق فيها اكتظاظ وبعضها الآخر لا، فالقرار
يمس جميع الأطفال بغض النظر عن قدرة المدارس الاستيعابية التي يتقدمون لها أم
لا".

وتابع "ما الذي يحدد القدرة الإستيعابية؟ قد يتبع بعض مدراء المدارس سياسات معينة أن لا
يزيد الصف عن 25 طالبا مثلا ليكون صفا مثاليا، فقد يترك هذا لمدراء المدارس دون
الحديث عن معايير موضوعية لتطبيق هذا القرار، قد يكون من المقبول التمييز في
التعليم الجامعي بين المواطنين وغير المواطنين لكن عندما نتحدث عن التعليم الاساسي
لأطفال ليس لهم أي قدرة علىاتخاذ أي قرار تتعلق بحياتهم ومستقبلهم".

والمطلوب من الحكومة الأردنية ووزارة التربية
والتعليم كما يرى الربابعة "التراجع عن هذا القرار الذي أعتقد أنه يسيء الى
صورة الأردن الدولية، لأن الأردن مؤهل ليكون دولة نموذج في حقوق الإنسان في منطقة
صراع ونزاعات".

مديرة برنامج الحماية وتنمية الطفولة المبكرة
في منظمة اليونيسف مها الحمصي قالت "ندرك أن الأردن يواجه صعوبات مالية، وفي
توفير التعليم لأبنائها نظرا لعدد سكانها المتزايد خاصة في الفئة العمرية التي
تدخل المدارس وهو عبأ علىالحكومة الأردنية، لكن هذا لا يخلي مسؤوليتها من توفير
التعليم لكافة الأطفال الموجودين على أراضيها وهناك حاجة لطلب مساعدة من الدول
المانحة لمساعدة الأردن في تنفيذ هذا الحق، وهناك واجب على المجتمع الدولي مساندة
الأردن في القضية".

وتابعت "نحن كمنظمة اليونيسف عرضنا على
الوزارة المساعدة في هذا المجال، فاليونيسف وحدها لا تستطيع القيام بهذا الحمل فيمكن
أن تدعو الحكومة مجموعة من المانحين أو حتى بعض الدول المجاورة فالجالية العراقية
كبيرة في الأردن ويمكن أن تساهم الحكومة العراقية في هذا المجال لتأمين التعليم
لأطفالها، هناك حاجة لتظافر الجهود على المستوى الإقليمي ابتدائا وعلى المستوى
الدولي في مساعدة الأردن للقيام بالتزاماتها نحو هؤلاء الأطفال".

وفي الوقت الذي اقترب فيه العام الدراسي على
البدء ولإصدار القرار الذي سيحرم مئات الأطفال من الدراسة في المدارس الحكومية
ومنهم المصريين والسورينن والعراقيين وغيرهم، رفض المسؤول الإعلامي في السفارة
المصرية التعليق على القرار لأن المباحثات بين الحكومة والسفارة ما تزال جارية
مشيرا الى إمكانية وجود استثناءات عند تطبيق القرار، فهل تتراجع الوزارة عن قرارها؟.

أضف تعليقك