الحكومة تخرق حقوق المستهلك غير الأردني

الرابط المختصر

إذا كنت غير أردني لا أهلا بك في متاجرنا، عبارة لن تقرأها على مداخل متاجر المؤسسة الاستهلاكية المدنية، لكنك ستقرأها على وجه الحارس الذي سيمنعك الدخول!

لأنك لست أردني! يمنع دخولك أما إذا كنت أردني، الرجاء أبرز هويتك أو جواز سفرك، وإذا تأكد الحارس أنك أردني فادخل إلى السوق، وأهلا بك!

ما من دولة في العالم توافق وبمباركة مؤسساتها الاجتماعية بقرار يميز بين الإنسان عن الإنسان، ويمنع واحد عن الآخر من دخول متاجر بدعوى "تخفيف الضغوط الاقتصادية على خزينة الدولة"!
 
قرار الحكومة الذي جاء قبل أسبوع لاقى الترحيب بين الهيئات الاقتصادية والتي اعتبرت انه يرمي لصالح الشأن العام، و"إيصال السلعة لمن يستحقها" هو ما تحدث عنه مدير عام المؤسسة محمد أبو هزيم. في إطار حزمة الأمان الاجتماعي.
 
استغراب!!
إلى هنا لم ينته التبرير بعد..إذ عبر نقيب تجار والمواد الغذائية، خليل الحاج توفيق، عن استغربه من ان تصدر جمعية حماية المستهلك بيانا تتطلب فيه الحكومة بالتراجع عن قرار منع غير الأردنيين من دخول أسواق المؤسسات الاستهلاكية، معتبرا أن أنها "تضر بمصالح الأردنيين".
 
قرار حكومة نادر الذهبي بمنع غير الأردنيين من دخول المؤسسات الاستهلاكية المدنية ما هو إلا "مطلب قديم من النقابة"، قائلا خليل الحاج أن الغرض منه "حماية المستهلك وحماية صغار التجار والذين هم في وضع لا يحسدوا عليه لكون المؤسسات الاستهلاكية تفتح أبوابها للكل، وهذا ما يتعارض مع سياسة الحكومة في إيصال الدعم لمستحقيه، فهذه المؤسسات غير ربحية وتعتبر المواد المدعومة من الحكومة تذهب لغير مستحقيها وكميات كبيرة من المواد تذهب لغير الأردنيين ويتم تصديرها إلى الخارج بالتالي كان يحرم منها المواطن من ذوي الدخل المحدود، الذي لم يستفد من فرق السعر في بعض العطاءات التي كانت تحصل عليها هذه المؤسسات، بالإضافة إلى انخفاض كبير في مبيعاتها وهي مهددة بالإغلاق نتيجة توجه الناس إلى هذه المؤسسات وهي لا تستطيع مجاراة المؤسسات الاستهلاكية الحكومية".
 
خليل الحاج، يرى أن الجمعيات التي أصدرت البيانات (وهي فقط جمعية حماية المستهلك أصدرت بيانا خجولا) يجب أن تعُنى بالمستهلك الأردني فقط هذا حسب أنظمتها الداخلية فالأصل هي أن تبادر في طلب هذا الموضوع، ومع احترامنا لإخواننا العرب فهذه السلع مدعومة حكوميا وغير ربحية.
 
السلع في المؤسسات غير مدعومة!
أمين عام الحزب الشيوعي الأردني، منير الحمارنة، يوضح أن السلع المتوفرة في الأسواق الاستهلاكية "غير مدعومة حكوميا" إنما تمنح تسهيلات وهذه المؤسسات تبيع في سقوف ربح محدودة وهي أدنى بقليل من سقوف الربح التي تبيعها البقالات لنفس المواد، وبالتالي فإن ميزة أسواق المؤسسات الاستهلاكية هي بيعها بأرباح أقل.
 
وهذا القرار –برأي الحمارنة- ما هو إلا للضغط على التجار لتخفيض نسب الأرباح ولا يوجد سبب لهذا القرار.
 
حقوق المواطن وحقوق الإنسان مسألتين متلازمتين في كل بقاع الدنيا، هذا ما أختاره فتحي أبو نصار رئيس لجنة الحريات في مجمع النقابات المهنية، ليبدأ حديثه عن التوجه الحكومي سالف الذكر، يقول: "تخبط الحكومة في غلاء الأسعار وإدارة الحكومة للواقع الاقتصادي أفرز جملة قرارات لا تنسجم حتى مع الانفتاح الحكومي لأجل أن يكون السوق حرا ومتاحا لكل الأشخاص، والمؤسسة الاستهلاكية في فترة ما كانت غير متاحة للجميع لكنها عادات وأصبحت للجميع، ومع الكم من الرعايا العرب الذي أتوا الأردن لسوء أوضاعهم المعيشية أو نتيجة هجرات لسوء الأمن في بلادهم واحتضان الأردن لهم  بالشكل السياسي فالمفروض أن يحتضنهم بشكل مواطنين يعيشون في الأردن، بالتالي حرمانهم من الحق العام تمييز".
 
تضرر صغار التجار! وحال المقيمين كحال الأردنيين في الخارج!
نقيب التجار الحاج توفيق، يعلن أن هناك ما يقارب 10 آلاف بقالة نصفها في العاصمة عمان والباقي موزعة على كافة مدن المملكة، بالتالي فإن هذا القرار يخدم صغار البقالات والمستهلك لأجل الحصول على السلعة بسعر منخفض وبأطول فترة ممكنة وأيضا تماشيا مع قرار الحكومة الجديدة وهي دعم السلعة للإنسان الذي يستحق.
 
العاملون في الأردن يعيشون بنفس الظروف التي يعيشها المواطن الأردني بالتالي لا يجوز أن تثار عليهم هذا الحد العالي من التمييز –والكلام  للمحلل الاقتصادي الحمارنة- لأننا نحن أيضا لدينا قوى عاملة في الخارج ولا نرضى أن يمارس بحقهم مثل هذا الإجراء، نحن نصدر قوى عاملة أكثر مما نستورد لدينا، ما يقارب من 300-400 ألف عائلة تعيش على ما يرسله أفرادها في الخارج وهذا يظل أعلى بكثير من العمالة الموجودة لدينا في الأردن.
 
أبو نصار يعتقد أن الفاتورة الاقتصادية لن تتأثر كثيرا من منع غير الأردني من دخول الأسواق فالمفروض أن يحترم ويعطى حقه كإنسان يعيش في هذا البلد.
 
وحل المشكلة لن يكون عن طريق منع الرعايا من دخول أسواق المؤسسة الاستهلاكية ، وفق أبو نصار، مستذكرا "سابقا تم توزيع الكوبونات على المواطنين للسكر والطحين والعدس والمواد الأساسية، وكان وقوف المواطنين على الطوابير لأجل الحصول على 20 دينارا ومن ثم توقفت، فلم تكن حلا فكل الإجراءات ما هي إلا حملة للملمة الغلاء ولكن لملمة الغلاء يجب أن لا تكون على حساب الإنسان".
 
حمارنة يصف هذا الإجراء بالقاسي "وكان بدل ما هو معمول به حاليا أن تتسع المؤسسات الاستهلاكية ويزيد عددها في كل المدن والقرى وبالأسعار المقررة وعلى التجار أن يتنافسوا معها بشكل واضح، خاصة وأن بعض السلع أسعارها مرتفعة بشكل غير طبيعي مثلا سعر الحديد العام الماضي كان مرتفع بنسبة 20% وهو أعلى بكثير من السعر العالمي وهذا لو توفر مناخ توزيع موازية كان ما شهدنا هذا الحال".
 
هل يوجد تمييز بالطبقات؟
"وأن نحصل على سلعة من السوق لن نلحظ الفارق الكبير خارج أسواق المؤسسة"، وأبو نصار يستهزأ "يجب أن تخضع هوياتنا للتفتيش وعلينا أن نثبت مواطنيتنا لذلك لا أستبعد أن يطلب منا من باب معرفة الطبقة التي ننتمي لها ورقة من ضريبة الدخل".
 
أنا أردني!
شنودة عامل مصري، يقيم في الأردن من 3 سنوات، يعتبر نفسه أردني الإقامة، يقول: "أقيم هنا، أعيش هنا، أصرف ما أشتريه هنا، بذلك فالمفروض أن أعُامل كمواطن مع تأكيدي لعدم أخذي حقوق المواطنة وإنما على الأقل أن لا يكون هناك تمييز خاصة وأن ارتفاع الأسعار والغلاء المعيشي لا يضر الأردنيين فقط وإنما المقيمين على أرضه أيضا لأن الرواتب لا تكفينا، ولا أشعر أننا سببا في الغلاء الحاصل".              
 
حكومة خاطئة
تعامل الحكومة مع الواقع الاقتصادي يجب أن يكون ضمن أسس علمية وعملية، ويطالب أبو نصار من موقعه كرئيس لجنة الحريات في النقابات المهنية أن تعترف الحكومة بأنها مارست شكلا من أشكال السياسات الخاطئة في إدارة المسألة الاقتصادية والآن كل المعالجة التي تطرح ما هي إلا فردية من شأنها أن توسع الفارق بين الطبقات.         
 
أما الحمارنة فيرى أن الأصل وفي ظل اقتصاد السوق أن يحكم التنافس البائعين المختلفين حتى يتقرر السعر ونحن لا يوجد لدينا بائعين مختلفين، لدينا احتكار قلة فعدد صغير من المستوردين يستوردوا مادة واحدة ويتفقوا على سعرها وعدد من المنتجين ينتجون مادة واحدة ويتفقون على سعرها بالتالي فإن التنافس الذي من المفروض أن يكون موجود ليكون القاعدة التي ستحكم قانون العرض والطلب هي غير موجودة بالتالي لا بد أن يكون مناخ التوزيع المنافس موازي حتى يكون السوق طبيعيا؛ لكن أن يكون الحل كما الذي نشهده الآن من منع غير الأردنيين فهو إجراء غير سليم أبداً ويندرج في إطار التمييز.    
 
وللعلم، يقيم في الأردن ما يقارب 700 ألف عراقي و200 ألف مصري، وجنسيات أجنبية أخرى.

 
  تنويه: مصدر الصور من موقع صحيفة الغد اليومية