الحرب على الفساد:هل ينتظر ملفاً خامساً

الحرب على الفساد:هل ينتظر ملفاً خامساً
الرابط المختصر

الأرقام
التي كشفها استطلاع مركز الدراسات الإستراتيجية حول بعض موضوعات الفساد في شهر
تشرين الثاني الماضي، يمكن ان نطلق عليها أرقام "مرعبة"،فعندما نقول إن 64.7% من الشارع الأردني يعتقدون بوجود الفساد في القطاع العام،
و52 يعتقدون بوجوده في القطاع الخاص فأن هذا يعكس عدم ثقة الشارع في
الإجراءات الحكومية لمحاربة الفساد.


ونلاحظ في أرقام الاستطلاع تقبل شريحة واسعة من
المواطنين لبعض أشكال الفساد بخاصة المحسوبية والواسطة واعتبارها أمراً مقبولاً،
وهذا مؤشر خطير يدلل على ان بعض أشكال الفساد أصبحت جزءا من ثقافة المجتمع
كالمحسوبية.


منظموا الاستطلاع يرون ان هناك تحول ثقافي في المجتمع
الأردني بالنسبة للقضايا التي تتعلق في الفساد، والمشكلة الأكبر حسب د. محمد
المصري رئيس وحدة الاستطلاع في مركز الدراسات الاستراتيجة ان هذا التحول أيضا في
قادة الرأي حيث يعتقد أكثر من الثلثين ان الواسطة والمحسوبية مقبولة اجتماعيا
ومعنى هذا انه يسهل على الذي بقول أنها مقبولة اجتماعيا ان يمارسها بطريقة مباشرة أو
غير مباشرة وتكمن الخطورة أننا نعطي شرعية لبعض أنواع الفساد الذي يرى المواطن
أنها نوع من أنواع الفساد".


وبعيدا عن أرقام
الاستطلاعات سرعت الحكومة الحالية وتيرة مكافحة الفساد وأحالت عدد كبير من القضايا
الى القضاء في وقت قصير، ففي اقل من شهرين أحالت الحكومة أربعة ملفات هي المغنيسا
والكابسات واتحاد الجمعيات الخيرية، وجمعية المركز الإسلامي،وقضية فساد في إحدى
شركات البورصة.


لكن يبدو ان
رئيس الوزراء معروف البخيت قد حصل على الضوء الأخضر لفتح ملفات الفساد من
"دون استثناءات" فلم يكن إحالة أربعة ملفات فساد كبيرة خلال أشهر قليلة
الى المدعي العام- ومن بينها شبهة فساد لوزير سابق- إلا إشارة الى وجود قرار سياسي
جريء لمحاربة كبار فاسدين قبل صغارهم.


حول هذا الموضوع يقول المحلل سميح المعايطة " هناك
نوع من الجدية في فعل شيء من قبل الحكومة وإثباته، وهناك قرار سياسي لمحاربة
الفساد فإحالة ملف الخاص بالبلديات ملف قديم ومؤجل وأتت الحكومة الحالية وقدمته،
حتى الآن نستطيع ان نكون متفائلين لكن بحذر، الفساد ليس حالة مرتبطة بشخص أو بملف
أو مجموعة ملفات إنما الفساد يجب ان يكون عملية منهجية، ما تعمله الحكومة ايجابي
وتحويل محاربة الفساد الى منهج يحتاج الى مسافة يمكن تحقيقها عبر ممارسات حكومية
وعبر غياب محاباة أي ملف أبطاله صغار أو كبار".


ويرى د. المصري ان مكافحة الحكومة للفساد يجب ان تكون
جزء من إستراتيجية الدولة الأردنية فالحد الآن الشارع الأردني لا يعرف إذا كانت
هذه إستراتيجية أو أنها مجموعة من الإجراءات سوف تنتهي بعد فترة، والأمر المهم
أيضا ان الإستراتيجية بحاجة الى إرادة سياسية
لمكافحة الفساد مترافقة مع خطط مرتبطة بالشارع الأردني ولها علاقة ترابطية مع
المواطن الأردني وتشركه في قضية مكافحة الفساد".


لكن الى مدى يساهم وجود قانون لمحاربة الفساد في الحد من
هذه الظاهرة ؟ يقول المصري انه "
يساهم في الحد من الفساد بدرجة كبيرة، لكن نعود للشارع الأردني الذي يرى ان الفقر
أو الأسباب الاقتصادية هي أهم العوامل التي تساعد على انتشار الفساد، بمعنى ان
الإستراتيجية يجب ان تأخذ بعين الاعتبار محاربة الفقر ويجب ان تنعش الوضع
الاقتصادي للموظف في القطاع الحكومي والقطاع الخاص بحيث لا تجعل له فرصه ان يذهب
الى أنواع الفساد المقبولة إضافة الى خلق إطار أخلاقي عام يدرس في المدارس
والجامعات لكي يكون هذا الإطار العام وازع للمواطنين".


رئيس الوزراء د.
معروف البخيت قال ان حربه على الفساد قد تصدم بصخرة العراقيل أو الألغام كما
اسماها الرئيس، هذا الأمر قد يؤثر على استمرارية الحكومة في حربها على الفساد، لكن
لأي درجة نستطيع ان نتفاءل في حرب الحكومة على الفساد في ضوء تجارب سابقة ؟ وهل
سنشهد مواجهة بين الحكومة ورؤوس كبيرة تتمتع بنفوذ اقتصادي وسياسي كبير في الأردن؟


ويعتقد د.المصري ان
التخويف من عراقيل وألغام قد توضع أمام الحرب على الفساد هي تخوفات موجودة
لدى الشارع الأردني، لكن كلما يكون هناك شفافية أعلى تتناقص الإشاعات على وجود قوى
خفيه تريد ان يبقى الفساد كما هو، لا شك ان هنالك أشخاص مستفيدين من الفساد ولكن
معالجة الموضوع بشمولية تستطيع ان تنقص عدد هؤلاء المستفيدين".



ملف الرئيس البخيت العسكري كبير، فقد التحق بالجيش
الأردني منذ عام 1964 وأحيل على التقاعد برتبة لواء ركن عام 1999، وهو عسكري يوصف
بـ"الهادئ" امتهن السياسة مبكرا ، هذه الخلفية للرئيس البخيت يرى فيها
المحلل المعايطة ميزه للرئيس في حربه على الفساد إذ يقول "حكومة البخيت حلت على
الضوء الأخضر لمحاربة الفساد، على الرغم من التحفظ على بعض أداء الحكومة وتركيبتها
هناك ميزة في نفس الرئيس انه ليس تاجرا أو رجل علاقات ومصالح بمعنى انه خالي من
المصالح بدرجة كبيرة فهو رجل موظف وهذه ميزة تعطيه قوة دفع اكبر" .


وعند تشكيل حكومته في 27 تشرين ثاني
2005 وضعت ملفات عديدة على أجندة الرئيس البخيت، من أبرزها تسريع وتيرة الإصلاح
بكافة جوانبه وتجفيف منابع الفساد من خلال إصدار
قانون لمكافحته حيث يعول عليه الكثير في الحد من الفساد وخلق منهجية لمحاربته.


لكن السؤال الذي يثار الآن هل سنشهد إحالة المزيد من
ملفات الفساد الى القضاء؟ ام ستكتفي الحكومة بالملفات الاربعة؟

أضف تعليقك