الحراك الموحد في رسالة للملك "المفتاح بيدك"
وجه الحراك الأردني الموحد رسالة للملك عبد الله الثاني بن الحسين طالب من خلالها ضرورة إطلاقة حياة سياسية سليمة تؤدي إلى انتاج حكومات تعبر عن ارادة الشعب الحقيقية تزامناً مع مئوية الدولة الأردنية وفق البيان الذي تلقى موقع سواليف نسخة منه.
واكد البيان ان الحراك الأردني الموحد يمد يديه للتعاون مع الجميع مؤكدين بذات الوقت ضرورة ان يكون العرش رمزاً رمزاً حقيقياً للسّيادة الوطنية وضمانة للدّيمقراطية والاستقرار والحكم الرّشيد
وتالياً النص الكامل للبيان كما تلقاه موقع عمان نت
رسالة الحراك الأردني الموحد إلى الملك عبدالله الثاني بن الحسين
تعلّقت آمال الأردنيين منذ تداعت قياداتهم المجتمعية لعقد مؤتمر مكيس العام 1920 بتأسيس دولة بنظام سياسي ديمقراطي، الحكم فيه للشّعب عبر حكومات ينتخبها، يكون على رأسه أمير عربي، وهو الأمل الذي لازال يراوح مكانه منذ تأسيس الإمارة حتى يومنا هذا.
قرن مرّ على النّظام السياسي الأردنيّ المعاصر، انتهى بإحتفالكم بمرور المئوية ولمَّا يشهد الأردنّ فيه إطلاقاً حياة سياسيّة سليمة صحيّة يُمكّنُ الشّعب فيها من إنتاج حكوماته التي تعبر عن إرادته، وظلّ الأمير العربي (الملك لاحقاً) هو الحاكم الفعلي المطلق للبلاد، يتمتّع منفرداً بكامل السلطات، فلم يفلح دستور العام 1952 في اخراج البلاد من مربع الاستبداد السياسيّ بسبب استثمار تشوّهاته والحؤول دون أن يكون الشّعب مصدراً للسلطات، وبإستثناء يتيم هو حكومة سليمان النابلسي (1956-1957) التي استمرت لخمسة أشهر واثني عشر يوماً فقط، فإنّ الأردنّ ظلّ حبيس صيغ مضطربة تراوح فيها مطالب الشّعب مكانها.
هذا، وأسهمت ظروف المنطقة غير المستقرّة، وانعكاسها على شكل الدّولة نفسه إبّان النّكبة، وحدة الضفتين، والوضع القانونيّ الملتبس لتلك الوحدة التي لم يُعترف بها لا عربياً ولا دولياً ولا استفتيَ فيها أهل الضّفتين، والدّستور الذي مَنحه الملك على أساسها، في زيادة تعقيد المشهد، خصوصاً بعد احتلال الضفّة الغربية، والإشكالات المرتبطة بالوضع القانوني لها، واستغلال المادة 125 من الدّستور للإنقلاب على الدّستور نفسه، وتعطيل القانون وإدخال البلاد فترة الأحكام العرفية، وصولاً لقرار فك الأرتباط عام 1988 الذي لازالت ادراج المحاكم تحتفظ بأحكام لها تؤكد عدم دستوريته نتيجة هذا الوضع الملتبس، وضع لا يمكن فهم الإصرار على التمسّك به دستورياً بمعزل عن ابقاء الباب مفتوحاً أمام سرديات مستقبلية خطرة تستهدفها الصهيونية بشكل معلن، ثم جاءت انتفاضة نيسان المجيدة عام 1989، والتي على اثرها كانت الوعود بإستئناف الحياة الدّيمقراطيّة، وما لبثت التّجربة الوليدة أن اغتيلت بقانون الصوت الواحد، وعدنا مرة أخرى للمربّع الأول، جميع السّلطات فعليّاً وعمليّاً بيد الملك ومطالب الشّعب تراوح مكانها.
ثم جاء الربيع الأردني مطلع العام 2011 لينطلق الحَراك الشّعبي، رافعاً مطالب الشّعب، وفي الصّدر منها استرداده لسلطته، وتفعيل الأسس الدّستورية: “الشّعب مصدر السلطات” و “تلازم السّلطة والمسؤولية”، وأُدْخِلنا مرة أخرى في دوامة اللّجان والتّعديلات الدّستورية المتوالية، وجاء آخرها عام 2016 بمثابة رصاصة اللارحمة التي تم إطلاقها على دستور شوّه لدرجة خرج معها الأردنّ تماماً من عائلة الدّول الدّستورية، وصار نموذجاً صارخاً لنظام استبداد سياسي تجتمع فيه كل الصلاحيّات بيد الملك والملك وحده، إضافة لمحكمة دستورية يسيطر عليها الملك ولا تنظر إلا بما تحيله السّلطة إليها، وقانون استقلال قضاء هو الآخر نموذجاً لهيمنة الملك وسلطته ولهدر المعايير الدّولية لإستقلال القاضي والقضاء.
مَلك البلاد، إن استمرار نهج الاستبداد السياسي، وصيغة اللّجان التي تنفردون بتشكيلها وتكليفها، صيغة ثَبُتَ بالتجربة العمليّة عبر تاريخ الأردنّ أنها فشلت في تحقيق التّحول الدّيمقراطي، فهي ابتداء لم تأتِ تجسيداً لإرادة الشّعب ولا عكستها، إنما جاءت تعبيراً عن إرادة الملك المنفردة، ومع ذلك بقيت مخرجاتها غالباً طيّ التجاهل والإهمال، تاركة انطباعاً راسخاً بأنها لم تك إلا محاولات لشراء الوقت ورفض مطالب الشّعب الواضحة، تمكيناً لصيغة الاستبداد السياسي واستمرارها.
مَلك البلاد، إن لأزمة الحكم في الأردنّ حل واحد لا ثاني له، والمفتاح بيدك، أن تقبل وبشكل حاسم ونهائي بالتّحول إلى ملك دولة ديمقراطية، يَلتزم بإحترام حق شعبه في تولي السّلطة عبر ممثليه المنتخبين، ملك يقف عندها وعندها فقط على مسافة واحدة من مختلف القوى السياسية، كرمز للسيادة الوطنية، ذلك أن ارتفاعه فوق مستوى المساءلة لا يستقيم إلا بهذا، وبناء عليه فإننا نطالبك بإسم شعبنا أن تعلن رسميّاً الإعتراف بحق الشّعب، وتدعوه لإنتخاب ممثليه لمجلس تأسيسي يعبر عن مختلف مكونات مجتمعنا، تكون مهمته وضع دستور جديد للبلاد يعكس ويكرّس مبدأ التوافق الوطني، نستأنف معه مئوية ثانية مغلقين إلى الأبد ملف الاستبداد السياسي، بتسليمك السلطة فعلياً للمثلي الشّعب المنتخبين.
مَلك البلاد، لا يغرنّك المداهنون الذين يزيّنون الباطل، فالأفق مغلق والبلاد ليست بخير، والحلول تستعصي ما لم تبدأ بعهد دستوري جديد يرد السّلطة للشّعب، إن هؤلاءَ لمرتزقة وبرامكة غايتهم أن يستظلّوا بظلال عرش مستبد زاعمين له الولاء وحسن البلاء، وما هم إلا مجموعة طفيلية فاسدة منافقة ينطبق فيها قول الحق تبارك وتعالى: {وإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}.
مَلك البلاد، نحن في الحَراك الأردني الموحّد، انطلاقاً من شعورنا بالمسؤولية، وحرصنا على بلادنا وامنها واستقرارها، وسلامة أهلها كافّة، وعصمة الدّم الأردني ووحدته وحرمته، نمد ايدينا للتّعاون مع الجميع، وندعوك لتكون جزء من الحل لا المشكلة، ندعوك لتبدأ عهداً جديداً يكون معه العرش رمزاً حقيقياً للسّيادة الوطنية وضمانة للدّيمقراطية والاستقرار والحكم الرّشيد، ندعوك لاتخاذ هذا القرار التّاريخي، فبغيره لا صلاح ولا إصلاح، عسانا معاً نتمثّل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} صدق الله العظيم.
وفقنا الله وإياكم لما فيه خير البلاد والعباد
الحَراك الاردني الموحّد – المكتب التنفيذي
عمّان 2-7-2021











































