الحدث المصري في آراء كتاب الصحف الأردنية
كان للحدث المصري وما تشهده المدن المصرية من مظاهرات مؤيدة ومعارضة للرئيس محمد مرسي، مساحة شاسعة في مقالات كتاب الرأي في الصحف اليومية الأردنية، إن كان في قراءة الحدث، أو انعكاساته على الحركة الإسلامية في الأردن.
قراءات متباينة للحدث:
لم تخل كتابات المحللين والكتاب من تباين واضح في قراءتهم للحدث المصري، وكأن ذلك صدى للاختلافات في الشارع المصري ذاته.
الكاتب حلمي الأسمر، يستذكر مقالا له نشر في الأول من حزيران الماضي أكد فيه على ضرورة عدم التسرع للقول بأننا بدأنا نعيش مرحلة "ما بعد الإسلاميين"، مشيرا إلى أن هنالك متسعا من الوقت لتدارك الأخطاء "الفاحشة" التي وقع بها الإسلاميون، وإن بدا أن فرصة التغيير تضيق أكثر فأكثر.
إلا أنه يرى بأن مصر أم الدنيا تمر حاليا بأخطر مرحلة في حياة ثورتها، معربا عن خوفه الشديد على هذه التجربة، "ليس من أجل مصر فقط، بل من اجل هذه الأمة".
كما يعتبر القيادي السابق في الحركة الإسلامية الدكتور رحيل غرايبة أن المشهد المصري يسير نحو التأزيم السياسي المتزايد، والانقسام المجتمعي الكبير والاستقطاب الحاد المشوب بروح التمرّد والانتقام، مشيرا إلى أن الحركات الإسلامية بحاجة إلى استدارة كاملة وذكية، ينظرون من خلالها إلى مصلحة "مصر" والأمة العربية أولا.
أما الكاتب ياسر الزعاترة، فسلط الضوء في مقال له على عقد مقارنة بين حشود المعارضين والمؤيدين للرئيس المصري، مشيرا إلى أن حشد التأييد كان ضخما، كما كان حشد المعارضة كذلك.
وأضاف الزعاترة بأن الرئيس الذي حرص على تكرار وصفه بـ"المنتخب" تحدث باحترام عن المتظاهرين ودعا للحوار، "رغم علمه وعلم جميع المعنيين أن غالبية الحشد الذي تجمع في الساحات والميادين (معظمه في القاهرة)، مع أعداد محدودة في المحافظات الأخرى، رغم علمه بأن أكثريته ينتسب للفلول، والجزء الآخر الأكبر ينتمي للطائفة القبطية".
وخلص الكاتب إلى أن "حكاية فشل الرئيس لا معنى لها" وأن إرادة الإفشال كانت متوفرة منذ البداية، مؤكدا بأنه لا بد من الانتقال من الشرعية الثورية، إلى الشرعية الدستورية، وهو بالضبط ما يدعوهم إليه مرسي بكل وضوح.
ورغم تسجيله لكثير من الانتقادات على الإخوان المسلمين في مصر؛ فكرا وسياسة وممارسة، إلا أن الكاتب ياسر أبو هلالة يرى بأنه لا يملك إلا أن يكون في صفهم في ظل الاستقطاب الحاد الدموي ضدهم، وتصدّر "الفلول" و"البلطجية" لمسيرات خصومهم.
ويشير أبو هلالة إلى أن القوى الأساسية؛ محليا الجيش، ودوليا أميركا، لا تسعى إلى إسقاط مرسي، لكنها في المقابل لا تحبه، وليست معنية بالدفاع عنه، فيما تصر إسرائيل وإيران ودول خليجية على إسقاطه.
"وفي أجواء كهذه، من السهل استعادة الخطاب الجهادي للإخوان في ظل تحالف مع الجماعات الجهادية والسلفية في معركة الوجود"، بحسب أبو هلالة.
فيما يرى الكاتب عريب الرنتاوي "أن الشعب المصري خرج بغالبيته الواضحة (لا أقول الساحقة أو العظمى) إلى الشوارع والميادين، مطالباً برحيل الرئيس الشرعي والمنتخب (لا أحد يجادل في ذلك)"، متسائلا "ألا يكتسب هؤلاء شرعية شعبية طالما تغنى الإخوان بها ونسبوها لأنفسهم ... أم أن “الشرعية” لا تكون إلا حيث يكون “الإخوان".
ويقول الكاتب فهد الخيطان بأن تصريحات قادة الإخوان بمصر التي تعتبر حشود المعارضين مجرد "فلول" نظام مبارك، يذكر "بأولئك الذين يصمون ثورة الشعب السوري بأنها مجرد مجموعات من الإرهابيين".
ويؤكد الخيطان أن "ما يحدث في شوارع مصر أقرب ما يكون إلى ثورة على حكم "الإخوان" بعد سنة واحدة فقط على تولي محمد مرسي الرئاسة. ليست مؤامرة ولا ما يحزنون؛ مرسي يدفع ثمن أخطائه وأخطاء قيادة الإخوان المسلمين التي أظهرت عجزا مريعا في قيادة مصر في مرحلة انتقالية حساسة".
ولا يتوقف تحليل الكاتب أسامة الرنتيسي لدى الحدث المصري بانعكاساته الداخلية، حيث يذهب إلى أن ما يحدث ليس موجها فقط إلى جماعة الإخوان المسلمين، يعتبره تصحيحا طبيعيا لمسار ثورات الشعوب العربية، "التي حاول الإسلام السياسي بالتحالف مع الغرب الحديث وبالذات أمريكا، امتطاؤها وسرقتها من شعوبها".
ويشير الرنتيسي إلى حوار له مع القيادي السابق في الإخوان المسلمين في مصر المحامي والكاتب ثروت الخرباوي، صاحب كتاب "سر المعبد" بعد كتابه "قلب الإخوان" الذي توقع فيه نهاية قريبة "لفيلم الإخوان المسلمين "الصعود إلى الهاوية"، وعلى ما يبدو أن توقعاته سوف تتحقق قريبا".
الحدث المصري والحركة الإسلامية في الأردن:
تناول الكاتب عريب الرنتاوي تصريحات القيادات الإسلامية في الأردن تعليقا على ما تشهده الساحة المصرية التي أكدوا فيها بأن هنالك مؤامرة، وتصريحات تصف خصوم نظام مرسي "الإخواني"، بأنهم أسوأ من نظام مبارك وفلوله، وتختصر الصراع المحتدم في مصر، بأنه صراع بين البلطجة والبلطجية من جهة والإرادة الشعبية كما يجسدها نظام مرسي من جهة ثانية.
ووصف الرنتاوي تلك التصريحات بأنها "ليست سطحية وبائسة فحسب، بل وتشفُّ عن ضيق بالديمقراطية وقواعدها وأدوات تعبيرها، وتؤكد أسوأ مخاوف خصوم الإسلاميين".
وخلص إلى أن "ما يحصل في مصر، ومن قبله في تركيا، يجب أن يكون درساً وعبرة، لا سببا للانكفاء والانغلاق وإطلاق النار يمنة ويسرة"
دروس وحلول:
يسجل الكاتب حسين الرواشدة في مقال له 5 دروس على هامش حالة الاستقطاب التي تمر بها مصر بين المحسوبين على نظام مرسي وحركة تمرد التي خرجت للمطالبة برحيله.
وأول هذه الدروس هو أن حركة “التغيير” التي انطلقت قبل نحو عامين ونصف العام في عالمنا العربي لم تتوقف، وثانيها هو أن “التوافق” بين النخب السياسية مهما كانت اختلافاتها عميقة، مسألة ضرورية للعبور “بالتغيير” نحو ملاذات اكثر استقرارا، وثالثها هو ان سطوة الاعلام وقدرته على “قلب” الافكار وتغيير الحقائق وتجييش الرأي العام أصبحت واقعاً لا يمكن استثناؤه عند فهم ما يحدث.
أما رابع الدروس بحسب الرواشدة، ن الحكم في عالمنا العربي، ما زال هدفا وليس مجرد وسيلة او تجربة، فيما يتمثل خامس هذه الدروس ان مجتمعاتنا قد تغيرت حقاً، وبالتالي فان محاولة اعادتها الى “بيت الطاعة” أصبح من المستحيلات.
وللخروج من الأزمة، يرى الكاتب جواد البشيتي ضرورة أن يخرج الرئيس مرسي من جلده، الذي مكوِنه الأساسي من "المادة الفكرية والسياسية" لجماعة "الإخوان المسلمين"،
كما أن على الرئيس أنْ يتمثّل "معنى هذا «الفيتو» الشعبي؛ فالشعب بنزوله إلى الشارع إنَّما أراد أنْ يقول إنَّ حُكْم مرسي (بمحتواه وشكله وأسلوبه وطريقته) كان أضْيَق، وأضْيَق بكثير، من أنْ يتِّسِع لمطالب وغايات ثورة الخامس والعشرين من يناير". بحسب البشيتي.
ويستعرض الدكتور رحيل الغرايبة بنودا لمبادرة أطلقتها مجموعة من المثقفين والسياسيين المصريين التي تبحث عن الحل في ظل هذه الظروف الحرجة، بشكل محايد وموضوعي، والتي اعتبر أنها تصلح للبناء عليها وتطويرها، وإن كانت غير مثالية.
وتتضمن هذه المبادرة تكليف قائد الجيش وزير الدفاع بتشكيل حكومة إنقاذ وطني مؤقتة، إجراء انتخابات برلمانية عامة بإشراف هذه الحكومة، وتعيين شخصية قانونية مستقلة مقرراً للجنة تعديل الدستور، ثم تشكيل حكومة أغلبية برلمانية كما تحددها نتائج الانتخابات، وفي حال فوز المعارضة بأغلبية البرلمان، يتحتم على الرئيس اجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
ويشير الغرايبة إلى ضرورة إضافة بنود جديدة كوقف حملات التحريض المتبادلة، وإغلاق قنوات الفتنة، والتزام جميع الأطراف بتحمل المسؤولية الوطنية، وحماية مؤسسات الدولة العامة، وإعطاء الحكومة صلاحيات واسعة في متابعة مثيري الشغب والذين يمارسون العنف والبلطجة والتخريب والحرق والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، دون المساس بحق المواطنين بالتعبير السلمي الحضاري عن آرائهم وأفكارهم.











































