الثانوية العامة.. جميع الأزمات في أيام!

الرابط المختصر

بعد أن أشبعت شوارع عمان بأفواج الخريجين، بالقافلات الطويلة الملآى بالطلبة ومرافقيهم وأقاربهم بقصد تعميم الفرحة، ها هم طلبة الثانوية العامة يعدون الأيام، استعدادا لموسم الامتحانات السنوي.طلبة متيقظون، وآخرون متكاسلون، اختلافات في الإعداد لهذه الامتحانات، فهي" تعتمد على الطالب نفسه" بحسب الطالب محمد العقاد، الذي بدا أنه يعاني حالة من التوتر النفسي مع اقتراب موعد الامتحانات، وهو ما حد من استعداده اللازم للدراسة، إذ يقول "مصدر الضغط علي ليس والدي، إنما أنا نفسي"!.

وينتقد الطالب معاذ شكيب آلية التنسيق بين المواد الدراسية والمدة المخصصة لكل مادة في جدول الامتحانات، حيث أن "جدول الامتحانات مضغوط،، هنالك عدد من المواد مثل الكيمياء وعلوم الأرض، تفتقر إلى الوقت الكافي لدراستها، إذ أن الوقت المخصص قبلها هو يوم ونصف فقط،، بينما مادة مثل اللغة الإنجليزية، يوجد قبلها أربعة أيام!"
 
وفيما يتعلق بالدروس الخصوصية، "فالحالة النفسية من أهم أسباب وجود المدرس الخصوصي"، هذا على حد تعبير معلم اللغة العربية، حسام الدين البرغوثي، الذي يضيف قائلا "إن الحاجة الفعلية للمدرس الخصوصي، تأتي من انعدام الثقة لدى طالب التوجيهي، إذ أن وجود المعلم الخصوصي يعطيهم ثقة كبيرة".
 
أبان الهندي، معلم حاسوب، يؤكد هذا القول، "هي تأكيد معلومات لا أكثر ولا أقل، لكن بالتأكيد هناك حاجة ملحة لهذه الدروس لعدد غير قليل من الطلبة".
 
 أما فيما يختص بآلية ترتيب هذه الدروس، فإن الأستاذ أبان يقلل من أهمية الجانب المادي، ويضيف "صعب إعطاء أولوية لطالب على آخر في هذا المجال، فالطالب المتفوق في المدرسة يدعمه المدرس بشكل كبير، إذ أن تفوقه بالنهاية يعد تفوقا للمعلم ذاته، والطالب الضعيف يتم دعمه كي يرفع من نسبة نجاح الطلبة الذين يتعهدهم المعلم".
 
لكن، يبدو أن كثافة هذه الدروس تختلف من فرع أكاديمي لآخر، حيث تتركز في الفرع الأدبي حول محورين "النحو والصرف من جهة والعروض من جهة أخرى" بحسب المدرس حسام الدين البرغوثي، بينما تتركز حول مادة الرياضيات للفرع العلمي، فيما يرى الطالب محمد العقاد أن "90% من طلبة العلمي يلجأون للدروس الخصوصية، إذ أنها تحتاج إلى أهلية خاصة لدى المعلم"، هذا بالإضافة إلى عدد من المواد الأخرى مثل مادة المحاسبة المحوسبة في فرع الإدارة المعلوماتية، ومادة الفيزياء في العلمي، ومادتي اللغة الإنجليزية والثقافة الأدبية المشتركة.
 
وتشارك الأسر الأردنية في فاعلية أداء هؤلاء الطلبة، ولا شك في أن تدخل هذه الأسر في العملية الدراسية للطلبة، ينعكس سلبا أو إيجابا، بحسب الآلية المتبعة في ذلك التدخل، حيث يقول الطالب معاذ شكيب "لا بد من وجود ضغط من قبل الأهل، حتى يشعر الطالب بالمسؤولية، لكن المهم أن يكون هذا الضغط في حدود المعقول".
 
أريج زياد، شقيقة إحدى طالبات الثانوية العامة تقول "نعمل على تهيئة جو ملائم للدراسة، إذ لا بد أن يستقطب انتباه الطالبة عدة أشياء غير الدراسة، نحن لا نضغط عليها بقدر ما نحاول إشعارها بأهمية الوقت في هذه المرحلة"، وتؤكد أريج بأن الضغط النفسي يلازم الأسرة بكاملها منذ بدء العام الدراسي، وربما يفوق ذلك الضغط الذي تشعر به شقيقتها طالبة الثانوية العامة نفسها، وتضيف "أنا متزوجة، وقد قللت كثيرا من زيارتي لأهلي خوفا من أن تنشغل شقيقتي بأطفالي، وكلنا نشعر بوجود ثقل كبير في المنزل ونتوق إلى زواله".
 
وفي رأي للطب النفسي، يشير الدكتور محمد  الحباشنة إلى أن هناك عدة أمور تصب في ذهن الطالب في هذه المرحلة، إذ يضع تحليلا دقيقا لما يمر به الطالب في هذه المرحلة الحاسمة، قائلا " يصيب طلبة الثانوية العامة نوع من القلق المزمن على مدار العام، إذ أن هنالك الكثير من التوقعات تتعلق بمستوى أداءهم في الامتحان، وإمكانية قبولهم في الجامعات بناءا على نتائج مسبقة كانوا قد توقعوها، وأخرى تتعلق بوجهة نظر الأهل والمجتمع لأداءهم" ولا شك أن كل هذه الأمور تزيد في حساسية هذه المرحلة، وتحول مسار هذا القلق، من قلق طبيعي يسهم في فعالية الأداء، إلى قلق مرضي يقلل من الأداء ويؤدي إلى حالة تسمى "حالة ذبول تحد من التركيز والقدرة على الأداء المناسب".
 
ونظرا لكل تلك الأعباء الدراسية والمعنوية، يتوقع من طالب الثانوية العامة، لدى دخوله قاعة الامتحان، بأن يكون مثقلا بالمدخلات المرعبة، وهذا يلقي بتبعات خاصة على المستوى العملي فيما يتعلق بسلوك الأهل والمدرسين، بالإضافة إلى المراقبين في قاعة الامتحان، حيث يتابع الحباشنة "لا بد من توفير معاني الدفء والرعاية خلال فترة الامتحان وما قبل الامتحان".
 
أما بالنسبة لآلية التعامل مع الطلبة، فإنه "يجب التأكيد على معنى أن يبذل الطالب جهده فحسب، إذ أن هذه الآلية تريح الطالب وبشكل كبير، بحيث يشعر أن الأهل غير مهتمين بالنتائج بقدر الإنجاز، وهذا يضعهم في بوتقة التركيز على الدراسة، وبالتالي النتائج ستكون مرضية لجميع الأطراف".
 
ويشير الحباشنة فيما يتعلق بالجدول الدراسي للطالب  إلى أنه"يجب إعطاء الطالب صلاحية تنظيم وقته بما يناسبه، ومن ثم على الأهل متابعته بناءا على الوقت الذي اختاره الطالب لنفسه".
 
ويحذر الحباشنة من بعض السلوكيات الخاطئة التي يتبعها الأهل في التعامل مع طلبة الثانوية العامة، مثل ما نراه من نماذج خاطئة، تفرض على المنزل حالة طوارئ، كأن يمنع الطالب من مرافقة أصدقائه أو أن يمنع من مشاهدة التلفاز أو من متابعة الأنشطة الرياضية إلخ... ، بالإضافة الى وضع الطالب تحت المراقبة، بحيث يشعره بأنه محاط بالمخبرين، ما يؤدي الى توتر العلاقة بين الطالب وذويه وبالتالي خفض فاعلية الأداء.
 
يذكر أن وزارة التربية والتعليم قد انتهت من إنجاز التدريبات الفنية والإدارية كافة، لعقد امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة للدورة الصيفية للعام الحالي 2007 الذي سيبدأ يوم السبت المقبل في السادس عشر من حزيران الجاري، ويستمر حتى الرابع من تموز المقبل، والتي سيشارك بها نحو 112399 طالبا وطالبة، وسيؤدونها في 1454 قاعة امتحان منها قاعة واحدة خارج البلاد ،وهي قاعة المدرسة العربية في تونس، التي تدرس المناهج الأردنية.

أضف تعليقك