التغيير أو الموت

التغيير أو الموت
الرابط المختصر

"تحولت الرسالة الإعلامية إلى رسالة سائلة، تتماهى فيها الخطوط بين المرسل والمستقبل، وتزول الحواجز، لتصبح دوائر الإرسال والتلقي متقاطعة ومتكافئة، في آن". يقول الصحفي المصري ياسر الزيات، وهو ما يتماشى مع توجه كبرى الصحف العالمية إلى سياسة "الرقمي أولاً" وآلية دمج غرف الأخبار.

 

فهذه مؤسسة كادينا كابريليس الفنزويلية ومنذ عام 2012، طورت مفهوم غرف الأخبار لتصبح مطبخا واحدا ومطاعم إعلامية متعددة من خلال ضمها 300 صحفي، من ثلاث صحف يومية وخمسة مواقع إخبارية، وإصدارات لـ"آي باد" و"اندرويد"، بالإضافة إلى برنامجين تلفزيونيين وـربع محطات ‘ذاعية وخدمات الرسائل القصيرة.

 

يتم خلال هذا المطبخ التعامل مع القصة والمعلومة وطريقة إخراجها للجمهور على مدار الساعة، وبطرق رقمية وصوتية ومقروءة ومتنوعة.

 

ولم يقتصر وفقا لـ "صحافتهم" عمل مسؤول التواصل الاجتماعي أو المبرمج على الترويج للأخبار عبر صفحات فيسبوك وتويتر وبرمجة إعلان وصفحات للموقع ومعالجة الخلل التقني، فمطوّر الويب جزء أساسي من غرفة الأخبار، لن تخرج قصة صحفية إلاّ ببصمته.

 

ولا أدري حقا ما الذي يدفع "صحافتنا" إلى الوقوف مكانها منذ سنوات، في ظل هذا التنامي المطرد لعدد الحاملين للأجهزة اللوحية والخليوية وانتشار الإنترنت، إضافة إلى الأساليب التحريرية والقصص المطولة وفي ظل بحث القارئ عن المعلومة فقط والتي حتما سيجدها في "تويت" أو "بوست"، وبالفيديو المباشر والصور عالية الجودة.

 

لقد نحت بعض غرف الأخبار التلفزيونية _ العربية والعالمية _ إلى البث على مواقع التواصل الاجتماعي وتقديم الخدمة الإخبارية العاجلة، وإتاحة الفرصة للجمهور للمشاركة بإثراء المحتوى المصور والآراء، في مسعى منها لإعادة تدوير الأخبار، قبل تجميع الملخص والخوض في الأعماق بالنشرات الرئيسية.

 

فيما يتغنى مديرو التحرير والإدارات لدينا بعدد المتابعين .. وهذا الموقع الإخباري الأول أردنيا وهذا لديه احتفال بوصول عدد زوار قناته على يوتيوب لكذا وكذا، وتصرّ على رفع أخبارها على صفحات التواصل الاجتماعي مع دفع مبالغ شهرية لمارك زوكربيرج، لنشر التقارير للشرائح المستهدفة .. هذه التي قلمّا تجد من يدرس آلية الوصول إليها وتغير مؤشراتها مع الزمن.

 

بقيت العديد من الوسائل الإعلامية "المطبوعة خاصة" تنسخ أخباراً وتعيد نشر أخرى بعد يوم أو يومين من النشر الأول، وتعنون أي خبر لديها بالعاجل، وتدفع أو لا تدفع أو يدفع لها مقابل توزيع "جريدة القبلة" بعد 100 عام على انطلاق الثورة العربية الكبرى.

 

من يقرأ الورقي قلّة، مقارنة بحجم القراء والصحافة المطبوعة تحديدا تعاني أزمات مالية، فما الجدوى من زيادة عدد الورق، وطباعة جريدة لم يقرأ عن تاريخها وفهم سياقها أي شاب اليوم إلاّ ما ندر أو أجبر على ذلك، إن الأثر المتحقق هو فقط ضرر بيئي وزيادة بالإنفاق المالي على الإنتاج.

 

بالأمس وافق مجلس الوزراء على طلب جامعة اليرموك بإصدار مطبوعة صحفية شاملة أسبوعية تصدر في مدينة اربد باللغة العربية تحت اسم (صحافة اليرموك) التي تصدر أسبوعيا منذ سنوات. وعندما كنت طالبا وعدنا عميد الكلية بتدشين فضائية "قريبا" .. وحين نكبر سندرك جميعا _ صحفيون وإدارات وأكاديميون وطلبة _ بأننا كنا نعبث وأننا نرغب بالمنافسة والاستمرارية وخدمة المجتمع لكن بطرق لم نعهدها من قبل، أو أننا لا نرغب بعمل أي شيء جديد.

 

إنه عالم سريع التغيّر ومن لا يستطيع التأقلم والانخراط فيه لا مكان له في اللعبة، إنها معادلة التغيير أو الموت.

 

أضف تعليقك