التعويض عن الضرر البيئي: حاجة تشريعية ملحة

التعويض عن الضرر البيئي: حاجة تشريعية ملحة
الرابط المختصر

تتعدى تأثيرات المخالفة البيئية الضرر الذي نلمسه في البيئة، فيما يشمل الضرر المعنوي والصحي على الأشخاص المتواجدين في هذه البيئة.
ولتقييم الضرر وتحديده تشترك عدة جهات قانونية وقضائية ومختصين في البيئة بالإضافة إلى الإعلام.
وإزالة مصدر الضرر هو جانب من العقاب للمخالفة البيئية، ولكي يتحمل المسبب للضرر المسؤولية الكاملة لا بد أن يعوض المتضرر من هذه المخالفة سواء كان الضرر مادي أو معنوي.

ولأن آلية التعويض في القانون الأردني ليست بالمستوى المأمول جاءت فكرة رسالة الماجستير للمحامية  إسراء الترك التي عنونتها ب "التعويض عن الأضرار البيئية في التشريع الأردني" و تدور حول القواعد العامة والواردة في القانون المدني الأردني والمتعلقة بالتعويض عن الضرر البيئي، لأنها قاصرة عن التعويض ولا تراعي خصوصيته.
 
وجاءت فكرة الرسالة من خلال نداء وحاجة مجموعة من المختصين في مجال البيئة خصوصا بعد إصدار قانون حماية البيئة الأردني، ومن اجل خلق شراكة بين علمي القانون والبيئة.
 
الرسالة مقسمة إلى ثلاثة أقسام متعلقة بالمجال البيئي: قسمت الرسالة إلى قسم الأضرار البيئية، وهذا الفصل كان بيئي بحت وتم الاستعانة بخبراء بيئيين في هذا المجال وتم تعريف مفهوم المصطلح العلمي للضرر البيئي، أما بالنسبة للقسم الثاني ضم وسائل الحماية والتعويض عن الأضرار البيئية في التشريع الأردني من ناحية القانون المدني والمسؤولية المدنية ومن ثم ربط هذا القسم مع القسم الأول، وذلك لإيضاح العلاقة بين علوم القانون والبيئة.
 
وتقول الترك" تتمحور مشكلة الرسالة حول مجموعة الوسائل القانونية الواردة في القانون المدني الأردني للتعويض عن الضرر البيئي حيث تعتبر قاصرة وغير كافية للتعويض عنه، وعند الرجوع إلى قانون حماية البيئية الأردني والمفوض به القانون المدني الأردني نلاحظ انه لا يوجد نصوص خاصة للتعويض عن الضرر البيئي وبالتالي سنحال عن القانون".
 
وتبين الترك "انه عند الرجوع إلى نص القانون المدني الأردني رقم (43) لسنة 1976 المادة 256 خاصة بالتعويض عن الضرر بشكل عام وليس بشكل خاص جميع أضرار الغير يلزم فاعله ولو كان غير مميز، القاعدة في أساسها كأسلوب من أساليب التعويض تعتبر ممتازة، لكن عندما قمت بالدارسة بالتحديد في جانب الضرر البيئي لاحظت أن القاعدة تقليدية ولا تتناسب مع طبيعة الضرر البيئي، وذلك وفقا لمجموعة من الخصائص".
 
وتضيف الترك: "الضرر التقليدي وان صح التعبير أي كان نوعه هو ضرر خاص بشخص محدد أو لمجموعة محددة من الأشخاص (كحوادث السيارات)، ولكن عند النظر إلى الضرر البيئي بنتيجته نلاحظ أنه في اغلب الأحيان لا يعتبر ضررا شخصيا".
 
ويعتبر المختصين في البيئة أن كلمة التلوث الظاهرة في المادة (2) من قانون حماية البيئة الأردني تعد خطأ شائع عند كثير من القانونيين والباحثين في هذا الموضوع، فالتلوث هو لا يعتبر ضرر بيئي بل هو جزء من الضرر البيئي وهذه النقطة يجب أن يأخذها المشرع بعين الاعتبار.
 
ومن الجدير بالذكر، أن الضرر البيئي هو عبارة عن جزء من اختلال التوازن  البيئي الذي يحدث لمنظومة النظام البيئي المستقر ومن أنواعه التلوث، واحد نتائجه أو آثاره لا يعتبر التلوث أو الضرر البيئي فقط وهذه هي مشكلة القانوني أو المشرّع، حيث يرى بان التلوث هو الضرر البيئي فقط.
 
فالتعويض هو وسيلة لإعادة الحال إلى ما كان عليه، فهناك الضرر البيئي طويل الأمد (كالأضرار النووية) التي من الصعب جدا التخلص منها سواء كانت تلحق أضرار بتلوث الهواء أوأمراض صحية أو نفسية ، فمن الصعب إعادة الحال إلى ما كان عليه فلا بد من وجود نص قانوني ليتناسب مع هذه المشكلة.
 
وهناك نقطة مهمة تتعلق بالقضاة خصوصا على صعيد الواقع العملي وهي صعوبة التقاضي أمام القضاء، فالقضاء يعتبر أميا في المجال البيئي-بحسب الترك- وهكذا يخلق مشكلة في تطبيق القواعد العامة، فلو تواجد نص قانون وقاضي متخصص في هذا الجانب سيتم حسم قرار التعويض عن الضرر البيئي.
       
والسائد في دور القضاء الحالي خصوصا إذا كانت القضية بحاجة إلى وجود متخصص في مجال معين، يتم التنسيق مع خبير معين، بحسب الترك:"لاحظ المختصون أن القانون تم استحداثه لكن بغياب المتخصصين في مجال البيئة، ونحن كمحاميين وقانونيين نعرف أن أي قاعدة قانونية يتم تشريعها لا بد أن يكون المختص في هذا الجانب متواجد إلى جانب المشرّع، حتى يصدر القانون بالصورة المطلوب أن يأتوا كلها عندما يطبق على الواقع العملي".
 
 
وعلى الرغم من أن إنشاء وحدة الشرطة البيئية خطوة رائدة إلا أن هناك مشكلة في عدم التنسيق بين جانب القانون والجهات المنفذة وجانب القضاء، كما ترى الترك:" فمن المفروض أن نستحدث قانون بيئي مبني بصورة صحيحة، ليتم طرحه على الجهة التنفيذية التي تقوم بفرض الإجراءات اللازمة، أما جانب القضاء الذي يحكم بالنص القانوني، فمع عدم تواجد قضاء بيئي متخصص، والشرطة البيئية مزودة بأعداد كبيرة من المخالفات فعند عرضها للقضاء والتي بدورها لا تستطيع التصرف مع هكذا قضايا ويعود ذلك للتخصصية في القضاء وعدم تواجد الوعي البيئي الكافي لديهم".
 
وتم عقد اجتماع لرؤساء المحاكم في الدول العربية في مصر قبل عامين، أشار فيه رئيس القضاء الأردني إلى جانب التخصصية، وفي المستقبل سيتم إنشاء محاكم وقضاه متخصصين في عدة مجالات ولاسيما البيئية، لإمكانية إنشاء محاكم بيئية وتطبيقها على ارض الواقع.   
 
   

أضف تعليقك